مدير وحدة «حوار» بدار الإفتاء لـ بصراحة: نجحنا في إنقاذ 36 حالة من الانتحار على مدار العام الماضي فقط.. ونعقد 40 جلسة حوارية على مدار الشهر حول القضايا الشائكة
تسعى دار الإفتاء المصرية، إلى بذل الجهود لنشر الإسلام الوسطي، وبيان صحيح الدين الإسلامي، وجاء ذلك من خلال تقديمها العديد من المبادرات وغيرها من تقديم القضايا بصورة بسيطة للجمهور عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
وكان آخرها وحدة «حوار»، والتي تقدم القضايا التي تشغل أذهان المواطنين والإجابة عن أسئلتهم، وتسليط الضوء على بعض الأفعال الخاطئة التي يقوم بها أولياء الأمور تجاه أبنائهم، وذلك عبر الصفحة الرسمية الخاصة بهم على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك».
وأكد طاهر فاروق زيد، مدير وحدة حوار بدار الإفتاء المصرية، أن المؤسسات الدينية وخاصة دار الإفتاء المصرية لها رصيد كبير لدى الأسرة المصرية، لذلك يتجه العديد من الأسر لحل مشكلاتهم بالتعاون مع الدار، وكذلك الشباب، لافتًا إلى أنه على مدار العام الماضي نجحت وحدة حوار في إنقاذ 36 حالة من الانتحار وعقد 40 جلية حوارية على مدار الشهر لمناقشة الموضوعا الشائكة والتي من أهمها الإلحاد والقضايا الوجودية، وإليكم نص الحوار:
ما هي فكرة وحدة حوار، ومتى تم إنشائها، والسبب الرئيسي وراء إطلاقها؟
هي وحدة ناشئة من ضمن إحدى وحدات دار الإفتاء المصرية وهي وحدة إفتائية بحثية، بحثية بمعنى أنها تعمل على الظواهر المجتمعية والتي تتقاطع مع الدين، وإفتائية بمعنى أنها تتعامل مع الجمهور بطريقة مباشرة عن طريق الفتوى وعقد جلسات حوارية، على عكس ما يتردد أن دار الإفتاء المصرية لطلب فتوى فقط.
فكرة الوحدة جاءت عندما بدأت تأتي أسئلة في الفتوى الشفوي، ولا يقتصر فيها الرد على يجوز أو لا يجوز، فبعض هذه الأسئلة كانت تحتاج إلى مناقشة وبحث وحوار، فتم تحويل بعض الأسئلة إلى إدارة الأبحاث الشرعية.
وقد وجه أ.د شوقي علام، مفتي الجمهورية بعد تكرار هذه الأسئلة، فتخصصت وحدة «حوار» في هذا الشأن للعمل على الوظيفة البحثية والوظيفة الإفتائية من خلال اللقاء مع الناس، ومع نهاية عام 2019 وبداية عام 2020 بدأ التوجه للتوسع في إنشاء هذه الوحدة، تحت عنوان الأمان الفكري المجتمعي ، وذلك بسبب اعتمادها على مناقشة القضايا الشائكة مثل قضايا الانتحار والتحول الجنسي والمثلية الجنسية واليأس من الحياة والإلحاد والشبهات حول الدين.
ودائمًا يتحدث فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية عن إمكانية التحصين الفكري المجتمعي، وذلك لحل المشكلة قبل حدوثها، والوحدة تناقش العديد من القضايا ، ومنها نشأة الكون، ووجود الله وصدق الرسالة، وبعض الإشكالات الترائية الموجودة في كتب التراث ولها أبعاد حديث.
في آخر 3 سنوات، وعلى حسب الإحصائيات فيتم عقد 40 جلسة حوارية على مدار الشهر، من بينها الانتحار والحجاب والشبهات حول الشريعة والإلحاد والتحول من الدين الإسلامي إلى غيره، أو العكس، وتم الانتهاء على مدار شهر يناير 2023 من دليل إرشادي عن أسئلة الأطفال الوجودية، وتم رصد فيه بعض الأسئلة التي تأتي للوحدة من قبل الأطفال والتي تبدأ أعمارهم من الـ 9 سنوات.
ما هي أغرب الأسئلة التي طرحت على لجنة حوار؟
كل الأسئلة المطروحة غريبة، فلا يجوز التعامل مع الأسئلة على أنها أسئلة مجردة، دون الرجوع إلى نفسية السائل، وسبب سؤاله فيؤدي هذا إلى الخطأ في الإجابة بنسبة كبيرة، بجانب توجيهات مفتي الجمهورية، أن تكون الوحدة مساحة آمنة للحكي، فيكون السائل آمنا تمامًا على معلوماته ومشكلته، وما يسرده على الأعضاء سواء هاتفيًا أو حضوريًا في الجلسات التي يتم الاتفاق عليها.
هل تنتهي مهمة الوحدة عند حل مشكلة السائل أم يتم التواصل معه فيما بعد؟
يتم التواصل مع السائل لمدة قد تصل إلى عامين من تاريخ المشكلة الخاصة به لمعرفة مدى تأثير الجلسات عليهم، ومنها بعض الشباب الذين جاءوا إلى الوحدة يائسين من رحمة الله، ويسألون عن حكم التخلص من حياتهم.
وبحسب التقارير المثبتة للوحدة، أنه تم إنقاذ 36 حالة من الانتحار على مدار العام الماضي فقط، وإذا لم يكن لدى الوحدة الجواب على سؤال السائل فيتم تحويله إلى الجهة المختصة والتي ستساعده على حل المشكلة، منها بعض الحالات إذا كانت لديها مشكلة نفسية فيتم توجيهها إلى إحدى مراكز الدعم النفسي.
وقد عقد أ.د شوقي علام، مفتي الجمهورية، خلال الفترة الماضية بعض البروتوكولات مع بعض الجهات، فعلى سبيل المثال تأتي بعض الحالات في المراحل المتأخرة من الإدمان، فيتم توجيهها إلى وزارة التضامن والتي بدورها توجهه إلى صندوق مكافحة الأدمان والتعاطي.
ما هي أبرز الحملات التوعوية التي أطلقتها الوحدة؟
أبرز الحملات التي أطلقتها وحدة حوار هي «ألف باء حوار»، هي تخاطب الأسرة، للحوار بين الأفراد وسماع أصوات بعضهم البعض، والنقاش فيما بينهم، فالتفكك بين الأفراد يكون له أثرًا كبيرًا على الجيل الثاني داخل الأسرة.
وعند وجود شكوى من أحد الشباب والبحث في أصلها نجد أن الأسرة قد تكون سببًا في ذلك، وبناءً عليه فنطلب وجود الأب والأم في الجلسات، ومعظم الحالات لا ترفض التواصل مع اللجنة، فتأتي أسرة كاملة لحل الأزمة التي تتعلق بنجلهم، أو بإحدى أفراد الأسرة.
فالمؤسسة الدينية، وخاصة دار الإفتاء المصرية، لها رصيد كبير عند الأسرة المصرية، وعند التواصل معهم من قبل الدار تتم الاستجابة بطريقة مباشرة، وبحسب التقارير فقد أصدرت دار الإفتاء المصرية خلال شهر ديسمبر الماضي مليون و400 ألف فتوى، وأرجع فضيلة أ.د شوقي علام مفتي الجمهورية سبب كثرة الفتوى بهذا الشكل إلى ثقة الشعب في الدار.
لماذا لم يتم نشر بعض الأسئلة التي تأتي إلى اللجنة عبر منصات التواصل الاجتماعي؟
نحن نتعامل مع السؤال بطريقة فردية لبحث الجوانب النفسية وغيرها للسائل، فتعميم إجابة السؤال على جميع الحالات، طريقة خاطئة فكل حالة لها ما يخصها دون غيرها، لذلك الحديث عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة يكون في الموضوعات العامة، التي يفهمها العامة ولا ينكرها الخاصة.
الشيخ فهمي عبدالقوي: وحدة حوار تقدم منتج مختلف لترسيخ المبادئ الصحيحة في ذهن الشباب.. ونعمل على مواكبة العصر والرد على الإشكاليات المستحدثة في المجتمع
وأكد الشيخ فهمي عبدالقوي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، وعضو وحدة حوار، أن الوحدة تستقبل جميع الأسئلة من المصريين وغير المصريين، لتوضيح الإشكاليات الجديدة والأسئلة الواردة على أذهانهم نتيجة مواكبة العصر وخاصةً من قبل الشباب، وإليكم نص الحوار:
ما دورك في وحدة حوار، وما الجانب المستهدف الذي تقوم به من خلال الوحدة؟
الوحدة تعمل على إنتاج منتج مختلف، لتقديم نموذج خاص يرسخ المبادئ الصحيحة في ذهن الشاب، فالوحدة ذات طبيعة خاصة، وقد تنبه أ.د شوقي علام، مفتي الجمهورية قبل البدء في العمل بالوحدة إلى أن العصر له حكم في الأسئلة التي قد تطرأ عليه، فالمؤسسة من دورها مواكبة العصر، وتقديم الحلول المناسبة للإشكاليات الجديدة، واستخدام وسائل جديدة ميسرة حتى لا تحدث فجوة بين المتلقي والخطاب الديني.
الجانب المستهدف من قبل الوحدة، هو مراعاة احتياجات الشباب الفكرية والمعرفية والنفسية وغيرها، والقضايا التي تطرح في الغالب تحتاج إلى تعاون من فريق وحدة حوار، ومنها القضايا المتعلقة بالأسرة والصحة النفسية للشباب والجيل الجديد.
ما أبرز القضايا التي يتم مناقشتها من خلال وحدة حوار؟
بعض الشباب لديهم أفكار مغلوطة وتشوه معرفي مثل المعلومات الدينية كأمور الجهاد والأمر بالمعروف وأمور القوامة والحقوق المشتركة بين الزوجين وقضية البر وما يتعلق بها، وكذلك قضية الهوية فيها مشكلة كبرى خاصةً في الجيل الثاني والثالث من الأبناء المتواجدين في الغرب، لذلك نحاول مساعدتهم أن يكونوا أكثر اتساقا مع الدين والمجتمع الذي يعيشون فيه وأكثر قدرة على التعايش والاندماج مع المجتمعات الغربية مع الحفاظ على الهوية الإسلامية والمعتقدات الدينية بالطريقة السليمة الصحيحة.
هل يقتصر الحضور من قبل السائلين في الوحدة على المصريين فقط؟
لا يقتصر الحضور على المصريين فقط، بل يأتي العديد من غير المصريين، بعضهم يسأل أكتر عن الإسلام والبعض الآخر عن إشكاليات محددة في العقيدة ورأي الإسلام في بعض القضايا الفقهية، والبعض الآخر يتواصل مع الوحدة من خلال الهاتف من الخارج.
وبعض الشباب والأشخاص، اختلط عليهم الأمر في قضية الجهاد، وتم فهمها بطريقة خاطئة، وبعد الحديث معهم تم توضيح الصورة الصحيحة لهذا المفهوم، وفرقنا بين جهاد الدفع وجهاد الطلب وما المقصود من القرآن الكريم بشـأن الجهاد والقتال.
فالإسلام دين يقوم على الدعوى والقبول والحسنى ولا علاقة للإكراه بالإسلام من قريب أو بعيد.
باحثة وعضو وحدة حوار: نستقبل جميع الأعمار.. وانشأنا دليل إرشادي للطفل للرد على أسئلته الوجودية
أوضحت هبة صلاح، باحثة وعضو لجنة وحدة حوار، أن الترجمة لها دور كبير في الوحدة بسبب استقبالهم للعديد من الأسئلة من المسلمين في الخارج فيجب ترجمتها بصورة احترافية وتوصيل المعلومة والإجابة بطريقة سلسة تصل إلى عقل السائل، لافتًة إلى أنه تم الاتجاه لإنشاء الدليل الإرشادي للطفل للرد على أسئلته الوجودية، وإليكم نص الحوار:
لماذا تم اختيارك في وحدة حوار؟
في بداية انطلاق وحدة حوار، وجه أ.د شوقي علام، مفتي الجمهورية، بوجود عنصر نسائي داخل الوحدة، وذلك بسبب بعض الأمور التي يتم طرحها من قبل بعض السيدات، حتى يتم التجاوب معها واحتوائها فشعار الوحدة هو خلق مساحة آمنة للحوار والحكي بدون أي تخوف أو تحفظ حتى يتم حل المشكلة ومعرفة جذورها الأساسية.
ما دور الترجمة في الوحدة ومدى أهميتها؟
الترجمة تعد من أهم العلوم التي يجب توافرها في اللجنة، وذلك لتوفير فرصة لغير المصريين في طرح أسئلتهم، خاصةً في ظل سعي دار الإفتاء المصرية إلى التنمية المستدامة ووجود الترجمة داخل الوحدة يساعد في توصيل السؤال بطريقة صحيحة والرد عليه بالطريقة الصحيحة.
فالوحدة تستقبل بعض الأسئلة باللغات الأجنبية ويجب الرد عليها بشكل دقيق وتعبير وتتركز الأسئلة أكثر على العولمة ولماذا خلقنا الله بشكل مختلف، ومن ضمن أدوار الترجمة داخل الوحدة، هو الاطلاع على التقارير التي تصدر عن بعض الدول الأوروبية بشأن قرب أو تنافر الشباب من الدين لمعرفة ما يدور في الخارج لمعالجة الأمور أول بأول .
هل هناك سن معين أو فئة معينة تستقبلها الوحدة؟
الوحدة تستقبل جميع الأعمار، وهي الوحدة الوحيدة داخل دار الإفتاء المصرية التي تستقبل أطفالًا في سن صغير، مع أولياء أمورهم للسؤال عن بعض الأمور الوجودية الخاصة بالخلق، ووجود الله عز وجل، ووجود الجنة والنار، وغيرها من القضايا الوجودية التي تشغل أذهانهم.
لذلك اتجهت الوحدة لإنشاء الدليل الإرشادي للطفل للرد على الأسئلة التي تدور في فكره خاصةً في عصر السوشيال ميديا واختلاف بعض المصطلحات التي تم استحداثها في العصر الحالي، بجانب سلسلة «مفاهيم تهمك لا تستخدمها مع طفلك»، والتي تم نشرها عبر الصفحة الرسمية للوحدة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك».
وجاءت فكرة السلسلة بعد ملاحظة بعض الأمهات اتخاذ طريقة معينة في تربية الأطفال والتي تؤثر على نفسيته من خلال الخلق والإله، وكذلك تم إطلاق سلسلة «ألف باء حوار» لترسيخ فكرة أن الحوار يبدأ من الأسرة نفسها وتقبل الآراء.
ما هي الأنشطة التي تنوي الوحدة تقديمها خلال الفترة المقبلة؟
وحدة حوار بالرغم من تواجدها وعملها مع المواطنين الوافدين إليها على أرض الواقع، إلا أنها تعمل على التواجد عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة والمشاركة مع الجمهور عبر التريندات المتواجدة بطريقة سهلة وبسيطة لتوصيل المعلومات بطريقة صحيحة وسلسة، وكذلك عقد ورش عمل بحضور فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، وتم عقد أولى ورش العمل في شهر اغسطس الماضي.
حملت أولى ورش العمل عنوان تساؤلات الشباب في عصر السوشيال ميديا وأقيمت في دار الإفتاء، ويتم التحضير حاليا لورشة عمل مخصصة للدليل الإرشادي المتعلق بالأطفال عن القضايا الوجودية بحضور عدد من المتخصصين في أدب الطفل وعلم النفس، ونسعى خلال الفترة المقبلة لوجود ورشة بشكل دوري لمخاطبة أهم الموضوعات المتناولة على الساحة الفكرية.