الجميع رآه سعيد على أغنية "إيه اليوم الحلو ده" ولم يروا فراشه.. مأساة الطفل الكفيف الذي أبكى الملايين: "نفسي أعمل عمرة وبابا يرتاح من التروسيكل"

الجانب المظلم من تريند "زياد" أبو ضحكة جنان..
- بيت متهالك، وأب لثلاثة أبناء يعمل "بتروسيكل" باليومية، يواجه مصاريف المعيشة والمدارس بالإضافة لعلاج زياد الذي يتخطى 2500 جنيه شهريًا.
- ما وراء الضحكة البريئة كواليس مرعبة في حياة زياد وأسرته محتاجة وقفة كبيرة من المسؤولين وأهل الخير.
في مشهد يؤكد أن "الأرزاق بيد الله" وأن تدابير السماء دائماً ما تأتي في موعدها الدقيق لتنتشل "الغلابة" من قاع الفقر، تحولت حفلة مدرسية اعتيادية في قرية أبو الهدر بمركز ديروط بمحافظة أسيوط إلى "حديث الساعة" الذي شغل الرأي العام، ليس بسبب فقراتها الفنية، بل بسبب "ملاك صغير" شاءت الأقدار أن يكون هو البطل الحقيقي.
القصة بدأت عندما وقف المطرب الديروطي المبدع "مصطفى الدهشوري" يشدو بصوته العذب، وبينما كانت الكاميرات توثق الحفل بشكل روتيني، تحركت عدسة المصور -دون ترتيب مسبق وبمحض الصدفة الربانية- لتلتقط مشهداً خطف القلوب؛ طفل كفيف يجلس على كرسيه المتحرك، يرقص "طايراً من الفرحة"، منسجماً بقلبه وروحه، وكأنه يرى الدنيا بقلبه أجمل مما يراها المبصرون بأعينهم.
تلك اللحظة العفوية التي لم تستغرق ثواني، كانت كفيلة بأن تقلب الموازين؛ فبمجرد نشر الفيديو على "فيسبوك"، ترك الملايين الحفلة والمطرب، وركزوا عيونهم وقلوبهم مع هذا الطفل "المعجزة"، ليتساءل الجميع: من هذا الصغير الذي يوزع السعادة رغم الألم؟ وهنا قرر موقع "بصراحة الإخباري" أن يذهب إلى ما وراء "التريند"، ليخترق جدران منزل الطفل "زياد عبد الله" بقرية "أبو الهدر"، ويكشف عن التراجيديا المؤلمة التي تختبئ خلف تلك الابتسامة الصافية.
*قسوة "العظم الزجاجي".. مأساة مركبة*
داخل منزل بسيط لا يليق بآدمية سكانه، كشفت لنا الأسرة عن فصول المعاناة التي يعيشها "زياد" البالغ من العمر 9 سنوات (الصف الثالث الابتدائي)، فالصغير لم يولد قعيداً، بل ولد كفيفاً فقط وكان يمارس حياته ويمشي على قدميه، حتى داهمه مرض نادر وشرس يُعرف بـ "العظم الزجاجي" (Osteogenesis Imperfecta)، وهو المرض الذي حول عظامه إلى هشاشة كالزجاج، ما أدى إلى تكسرها ومنعه من الحركة نهائياً، ليصبح أسيراً لكرسي متحرك وظلام دائم، ورغم قسوة الابتلاء المزدوج (فقدان البصر والحركة)، ظل "زياد" راضياً مبتسماً، يحمل في قلبه نوراً هزم به عتمة أيامه.
*من "السوشيال ميديا" إلى "أرض الواقع المؤلم"*
وبينما يحتفي العالم الافتراضي بضحكة "زياد"، رصدت عدسة "بصراحة" واقعاً يدمي القلوب على الأرض؛ فالأسرة تعيش حالة من الفقر المدقع "تحت الصفر"، في منزل مكون من دور أرضي متهالك، سقفه من الخشب والعروق القديمة، ينام فيه الطفل المريض على سرير وضع في الممر (الصالة)، حيث يحاصره "الذباب" من كل اتجاه في مشهد غير صحي بالمرة، ويزيد من وجع الصورة حال الأب المكافح الذي يحمل على كاهله مسؤولية 3 أبناء (زياد في الصف الثالث الابتدائي، وعمر في الصف السادس الابتدائي، وشقيقتهم الأكبر بالصف الثاني الإعدادي).
هذا الأب، الذي لا يملك وظيفة ثابتة ولا تأميناً، يخرج كل صباح "على باب الله" مستقلاً "تروسيكل" بسيطاً يعمل عليه بالأجرة، يصارع الحياة لتوفير بضعة جنيهات (قد تصل لـ 500 جنيه في أحسن الأحوال) لا تكاد تكفي ثمن "علاج زياد" الشهري الذي يتخطى الـ 2500 جنيه، ناهيك عن مصاريف المدارس والطعام والمصاريف الشخصية، ليعود في آخر يومه منهكاً، حاملاً ابنه على كتفه لتوصيله للمدرسة أو المستشفى، في رحلة شقاء يومية لا تنتهي.
*رسالة "زياد" وأمنيات البراءة*
"ترتيب ربنا عظيم".. هكذا لخص الجميع المشهد، فالفيديو الذي انتشر "صدفة" كان سبباً في أن يرى العالم هذه المأساة. وعندما سألنا "زياد" عن أحلامه، لم يطلب المستحيل، بل نطق بكلمات هزت مشاعرنا: "نفسي أعمل عمرة.. ونفسي في بيت حلو.. ونفسي بابا يجيب توك توك يشتغل عليه ويرتاح من التروسيكل".. أحلام بسيطة لطفل حرم من نعمة البصر والحركة، لكنه لم يحرم من نعمة "الإحساس" بوجع والده.
إنها دعوة مفتوحة عبر منبر "بصراحة" للمسؤولين وأهل الخير؛ هذا الطفل الذي أسعد الملايين بضحكته، يستحق أن نرد له الجميل، بتوفير سكن كريم، ومشروع "توك توك" يعين والده على الزمن، ورحلة عمرة تجبر خاطره الكسير، لتكون هذه "الصدفة الربانية" بداية لحياة جديدة تليق بقلب "زياد" الأبيض.




جوجل نيوز
واتس اب