صفقة الغاز المصرية–الإسرائيلية: ثورة استراتيجية تُعيد مصر لـ قمة طاقة شرق المتوسط
عادت مصر إلى صدارة مشهد تجارة الغاز الطبيعي في شرق المتوسط، بعد توقيع اتفاقية كبرى لتوريد الغاز من الحقول الإسرائيلية إلى محطات الإسالة المصرية، في صفقة وُصفت بأنها الأكبر في تاريخ العلاقات المصرية–الإسرائيلية، بقيمة تقدر بنحو 35 مليار دولار وتمتد حتى عام 2040.
مكاسب اقتصادية واستراتيجية تعزز موقع مصر الإقليمي
وتمنح هذه الصفقة القاهرة مكاسب اقتصادية مباشرة، إلى جانب ترسيخ مكانتها كمركز إقليمي لتجارة وتسييل الغاز، ولاعب محوري في أمن الطاقة الأوروبي.
أولًا: العوائد الاقتصادية المباشرة لمصر
لا تقتصر استفادة مصر من الصفقة على تأمين إمدادات الغاز فحسب، بل تشمل حزمة واسعة من العوائد المالية، من أبرزها:
- رسوم نقل الغاز عبر الشبكة القومية، تتراوح بين 0.2 و0.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
- رسوم تسييل الغاز في محطتي إدكو ودمياط، بنحو 1–1.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية.
- تقديرات الخبراء تشير إلى أن إجمالي العوائد المصرية من الرسوم والتشغيل قد يتراوح بين 5.3 و8.85 مليار دولار حتى عام 2040.
إضافة إلى ذلك، تسهم الصفقة في:
- خفض فاتورة استيراد الغاز المسال (LNG) من الأسواق العالمية مرتفعة التكلفة.
- استبدالها بواردات غاز عبر الأنابيب بأسعار أقل، ما يوفر لمصر عملة صعبة ويخفف الضغط على ميزان المدفوعات.
- دعم استقرار إمدادات الطاقة لمحطات الكهرباء والصناعة.
ثانيًا: تعزيز دور مصر كمركز إقليمي للغاز
تعزز الصفقة موقع مصر كمحور إقليمي لتداول الغاز الطبيعي وإعادة تصديره، مستفيدة من بنيتها التحتية المتطورة، وعلى رأسها:
- محطتا إسالة الغاز في إدكو ودمياط بطاقة إجمالية تبلغ نحو 12.7 مليون طن سنويًا.
- شبكة أنابيب جاهزة ومتصلة بالأسواق الإقليمية.
وتتيح الاتفاقية لمصر:
- إعادة تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا في صورة غاز مسال.
- تشغيل محطات الإسالة بكفاءة أعلى.
- ترسيخ دورها كحلقة وصل لا غنى عنها بين غاز شرق المتوسط والأسواق الأوروبية.
ثالثًا: الأبعاد الجيوسياسية والاستراتيجية
على المستوى الاستراتيجي، تمنح الصفقة مصر وزنًا إضافيًا في معادلة أمن الطاقة الإقليمي والدولي، خاصة في ظل:
- سعي أوروبا إلى تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الغاز الروسي.
- الاتفاقات الثلاثية السابقة بين مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي لتوجيه غاز شرق المتوسط نحو القارة الأوروبية.
وتُعد مصر عنصرًا محوريًا في هذا المسار، حيث:
- تضمن استمرار تدفق الغاز إلى أوروبا في فترات الذروة.
- تعزز شراكاتها السياسية والاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي.
- توظف موقعها الطاقي لدعم نفوذها الإقليمي والدولي.
رابعًا: التفاصيل الفنية للاتفاق
تشمل الاتفاقية الجوانب الفنية التالية:
- توريد نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز من حقل «ليفياثان» حتى عام 2040.
- بدء المرحلة الأولى بضخ 20 مليار متر مكعب سنويًا اعتبارًا من عام 2026.
- ضخ الكميات المتبقية بعد توسعة الحقل وبناء خط أنابيب جديد من نيتسانا إلى سيناء.
نقل الغاز عبر خط «إي إم جي» إلى الشبكة المصرية، ثم:
- إما استخدامه محليًا.
- أو تسييله في إدكو ودمياط وإعادة تصديره.
- ويُقدّر سعر الغاز في الاتفاق الجديد بنحو 4.5–5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، وهو أقل من العقود السابقة.
خامسًا: ترسيخ الاعتماد على البنية التحتية المصرية
تؤكد الصفقة أن البنية التحتية المصرية تمثل الخيار الأكثر واقعية لتصدير غاز شرق المتوسط، في ظل:
- تعثر أو تعقيد البدائل الأخرى مثل خط «إيست ميد» أو المسارات عبر تركيا.
- امتلاك مصر المنشآت الوحيدة لتسييل الغاز في شرق المتوسط.
وبذلك:
- تصبح إسرائيل وأوروبا معتمدتين عمليًا على المسار المصري،
- وتتراجع الجدوى الاقتصادية والسياسية للمشروعات المنافسة،
- وتتعزز مكانة مصر كممر طاقة إقليمي لا يمكن تجاوزه.



جوجل نيوز
واتس اب