رئيس التحرير
محمود سعد الدين
NationalPostAuthority
الرئيسية حالا القائمة البحث
banquemisr

أسامة شرشر يكتب: نقابة الصحفيين حدوتة مصرية

الكاتب الصحفي أسامة شرشر
الكاتب الصحفي أسامة شرشر

نعيش فى سنوات الغبار الصحفى والمفردات الدخيلة وقذائف الشائعات من كل الاتجاهات لخلق حالة من الفوضى الصحفية الخلاقة وتبادل الطلقات والاتهامات لتشويه المشهد الصحفى المصرى والجماعة الصحفية.
فالبعض يريد العودة إلى مراحل الظلام والظلمات التى حاولت صنعها الجماعات الظلامية لخطف صاحبة الجلالة إلى نفق مسدود بعد أن كادت تخطف الوطن فى لحظة فارقة من تاريخ مصر، ولكن الشعب المصرى كان لهم بالمرصاد، ووقف ضد هذه المشاريع الظلامية بإسقاطه الأقنعة عن أخطر تنظيم فى تاريخ البشرية، لأنه أراد من خلال الدعوة التسلل للمناطق المحرمة عن طريق الاغتيالات والجناح الخاص والعام، ونشر الأفكار الظلامية، حتى شبّه مرشدهم الصحفيين المصريين بأنهم سحرة فرعون وهو لا يدرك أن صاحبة الجلالة تسقط الأقنعة عن المدعين الجدد وتنقل صورة حقيقية عن الأحداث، وهى خط الدفاع الأول عن حدود الوطن وهوية وذاكرة المواطن الصحفية والثقافية.
فماذا نحن فاعلون بهذا الإرث الصحفى عبر الأجيال، الذى تسلمناه من رموز صحفية عبرت بمواقفها وثوابتها ووعيها عن المبادئ والقيم وأخلاقيات المهنة؟
أردت أن أنقل هذه المعانى وأحذر من أن الصدام الجارى لأول مرة فى تاريخ نقابة الصحفيين سيصل بنا إلى شكل مرفوض بين الجماعة الصحفية التى باتت قاب قوسين أو أدنى من التشابك بالألفاظ.. وأخشى أن تصل الأمور إلى أبعد من ذلك. 
فأخطر شىء أن يتحول العمل النقابى إلى معركة من خلال اتجاهات وتيارات وأشخاص يسيئون للمهنة، بينما منصات السوشيال ميديا تهدم هذا الصرح والمعبد الذى توارثته الأجيال تلو الأجيال على مدار أكثر من 80 عامًا، وكل ذلك للتهافت على مقعد المفترض أن يعبر عن الصحفيين، ولكنه بهذه الطريقة تحول إلى سبة فى جبين الصحفيين الحقيقيين الذين كان اختلاف الرأى والأفكار بينهم هو القاعدة، أما ما يحدث الآن فهو أننا أصبحنا نعيش فى زمن اللا معقول على كل المستويات. 
نحن على بعد ساعات من أطول وأخطر انتخابات فى تاريخ نقابة الصحفيين، وهذه المرة تغيرت الأدوات وأصبحت هناك هجمات إلكترونية لا تسىء للصحفيين فحسب، ولكنها تسىء إلى صاحبة الجلالة نفسها.
وكما تعلمنا من أساتذتنا وشيوخنا الأجلاء فإن مدرسة الأدب الصحفى أفضل بكثير من مدرسة قلة الأدب الصحفى، وشتان بين هذا وذاك، فانتخابات نقابة الصحفيين هذه المرة مختلفة عن كل المرات السابقة، لسبب ما فى نفس يعقوب، ولا أدرى من يستفيد من أن يتحول شعار الصحفيين إلى الانقسام ثم الانقسام؟ ومن يكسب من ادعاء بطولات وهمية وخدمات غير حقيقية بينما مهنة الصحافة تنزلق إلى طريق مسدود؟ 
نحن لا نعطى دروسًا ولا عظات ولا ندعى المثالية، ولكننا ندق ناقوس الخطر للجميع، عسى أن يتحول يوم 2 مايو القادم إلى مشهد صحفى مصرى خالص ينم عن قيم الجماعة الصحفية التى كان من بينها العقاد ونجيب محفوظ والبابا شنودة و محمد حسنين هيكل وكامل زهيرى وأمينة شفيق وإبراهيم نافع وصلاح عيسى ومكرم محمد أحمد وموسى صبرى وإبراهيم سعده، وغيرهم الكثير والكثير، قد نختلف أو نتفق مع بعضهم فى الأفكار، ولكنهم كانوا رجال دولة ومسئولين فى أصعب وأحلك اللحظات التى مرت بها صاحبة الجلالة عبر تاريخها.
نريد نقابة لكل الصحفيين تعمل بشكل مؤسسى لا فردى، تضخ الخدمات لأعضائها من خلال بيئة معلوماتية حقيقية، وتتحرك فى إطار قانون طال الزمن دون اعتماده وهو قانون حرية تداول المعلومات، مع تدريب حقيقى على كل أدوات المهنة الإلكترونية الحديثة، وحد أدنى من أجور تمثل نوعًا من الحماية الاجتماعية للصحفى وأسرته، بعيدًا عن لغة التسول والرشاوى الانتخابية والخدمات الوهمية التى يتاجر بها البعض، لتحقيق مكاسب ضيقة واحتكار لانتخابات النقابة كل مرة. 
ولذلك أناشد الجماعة الصحفية أننا أمام مفترق طرق، نكون أو لا نكون أمام متغيرات تتبدل كل يوم وكل ساعة، صحيح أن الذكاء الإنسانى هو الأبقى، ولكن يجب أن نأخذ فى الاعتبار الذكاء الاصطناعى ذا التأثير الكبير على مهنة الصحافة ومستقبلها. 
لا بد أن نعبر هذه المرحلة حتى نقدم نموذجًا حقيقيًا للمجتمع المصرى والعربى يبنى عليه، ولا يبنى ضده، حتى لا يحدث نوع من الزلازل والبراكين والفتنة الصحفية التى تخلعنا من جذورنا الحقيقية، فلأن مهنتنا مهنة المتاعب، لا بد أن ننتبه إلى الشياطين الجدد الذين يريدون تشويه صاحبة الجلالة والصحفيين المصريين الحقيقيين وما أكثرهم، ولا بد أن نسقط كل المشاريع التى تريد أن تخلق فجوة بين الصحفى والقارئ، وإذا لم يحدث ذلك فإن الخاسر الوحيد هو الصحفى، والمردود السلبى الأكبر سيعود على المواطن المصرى. 
إذا كنا فعلًا دعاة تنوير ووعى وعلم ومعرفة ونمثل حقًّا ضمير الوطن وصوت المواطن، فلا يمكن أن يُغتال الوطن وصاحبة الجلالة تحت شعارات براقة، ولا يجب أن تتحول النقابة إلى ساحة للأيديولوجيات السياسية ومعاركها، فالعمل النقابى عمل مهنى وخدمى وتطوعى. 
هل نحن نمثل ضوءًا حقيقيًّا للمواطن المصرى؟ كيف ذلك وفى نفس الوقت تسود انتخاباتنا شائعات واتهامات وأكاذيب؟ أعتقد أن فاقد الشىء لا يعطيه، فهذا شىء خطير جدًّا أن ينسى بعض الصحفيين التاريخ المهنى والأخلاقى للنقابة، وستحاسبهم الأجيال القادمة على الفتن والانقسامات والاتهامات، فنحن أكبر من هذا المستنقع الذى وقع فيه آخرون.
كفانا كلامًا.. نريد أن تكون هناك جلسات استماع وورش عمل للإنصات إلى شباب الصحفيين وحكماء المهنة ورموزها معًا، حتى تبقى نقابة الصحفيين بيتًا لكل صحفى وملجأ وملاذًا لكل فكر حقيقى.. فالحقيقة هى الباقية، والمضللون والمدعون الجدد إلى زوال. 
فيا صحفيى مصر، توحدوا وتسلحوا بالقيم والأفكار والمعرفة والمحتوى الحقيقى، بعيدًا عن لغة الانقسام والاتهامات والشتائم وبث روح الفرقة والفتنة فى نفابة كانت دائمًا وأبدًا تشكل الرأى العام على مدار الأيام. 
انتبهوا يا معشر الصحفيين فالتاريخ سيحاسبنا جميعًا، ونحن منحازون دائمًا للحقيقة والشعب والوطن، ونقابة الصحفيين كانت وستبقى دائمًا (حدوتة مصرية)، وهذه كلمة حق في زمن أبواق الباطل.
لن تكون نقابة الصحفيين وحيدة مهما حدث، بل ستبقى وستظل عبر الأيام والأجيال، منارة للحريات، وضميرًا للأحرار، وصوتًا للمظلومين والمقهورين ونبضًا ودرعًا ضد الغزاة وأعداء الوطن على كل الجبهات والحدود.

وعجبى

          
تم نسخ الرابط