دليل صارخ على كيفية تأثير ارتفاع الفائدة.. سيلكون فالي ضحية الأزمة العالمية والتضخم: من البنك رقم 2 في أمريكا لأبواب موصدة
أعلنت السلطات الأميركية الجمعة أنها أغلقت مصرف "سيليكون فالي بنك" المقرب من أوساط التكنولوجيا والذي وجد نفسه فجأة في حالة عسر وأنها عهدت إدارة الودائع إلى المؤسسة الفدرالية لتأمين الودائع في الولايات المتحدة (FDIC)، حسبما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية فرانس بريس.
وتخطط المؤسسة الفدرالية لتأمين الودائع في الولايات المتحدة لإعادة فتح فروع البنك الاثنين والسماح للعملاء بسحب ما يصل إلى 250 ألف دولار على المدى القصير، وهو المبلغ الذي عادة ما تضمنه المؤسسة.
ويعاني البنك الأساسي والمفضل للشركات التكنولوجية الناشئة في وادي السيليكون من خسائر مادية مفاجئة وكبيرة، إذ أعلنت الشركة الأم المالكة للمصرف، الأربعاء الماضي، إنها تسعى إلى جمع أكثر من ملياري دولار بعدما تكبدت خسائر كبيرة في مجموعة ضخمة من السندات التي باعتها.
وأدى إعلان شركة مصرف سيليكون فالي" SVB" إلى مخاوف لدى المستثمرين والمودعين، فانهار سهمها بنسبة 60 بالمئة الخميس، ما دفع بالمودعين والمستثمرين من الشركات التكنولوجية إلى سحب كمية من الأموال من البنك سريعاً.
ويقول خبراء اقتصاديون إن ما يواجهه المصرف المذكور بمثابة دليل صارخ على كيفية تأثير ارتفاع الفائدة المستمر منذ العام الماضي، على المستثمرين والمؤسسات المالية والشركات التي ازدهرت في الماضي في عالم حيث كانت أسعار الفائدة منخفضة.
ويشير الخبراء إلى أن حملة رفع أسعار الفائدة التي قام بها بنك الاحتياطي الفدرالي للمرة الأولى منذ أوائل الثمانينيات أدّت إلى تغيير كل شيء.
وتعمل البنوك على اقتراض أموال لأجل قصير، وبصفقات أرخص ثم تستثمر تلك الأموال بمعدلات أعلى، غالباً عن طريق تقديم قروض طويلة الأجل أو شراء سندات حكومية آمنة.
وتأتي أرباح البنوك، جزئياً، من الفرق بين الفائدة التي يدفعها للاقتراض، والفائدة التي يتلقاها عندما يُقرض آخرين، أو يستثمر.
وخلال العام الماضي، وجد بنك وادي السيليكونصعوبة في كسب المال لأن مصدراً رئيسياً للودائع الرخيصة قد تباطأ، تماماً كما ارتفعت الخسائر في محافظها الاستثمارية.
إعلان مفاجئ للمستثمرين
في الأسواق، بدأت موجة الذعر الخميس بعدما أعلن "إس في بي" أنه يسعى لزيادة رأس المال بسرعة لمواجهة عمليات السحب الهائلة التي أجراها عملاؤه لأموالهم، بالإضافة إلى خسارة 1,8 مليار دولار من بيع أوراق مالية.
وقد فاجأ الإعلان المستثمرين وأحيا المخاوف حول متانة القطاع المصرفي ككل، خصوصا مع الارتفاع السريع في أسعار الفائدة الذي يؤدي إلى انخفاض قيمة السندات في محافظهم.
وخسرت أكبر أربعة مصارف أميركية 52 مليار دولار في البورصات الخميس، وأعقبتها المصارف الآسيوية ثم الأوروبية.
في باريس، خسر سوسييتيه جنرال 4,49 % وبي إن بي باريبا 3,82 % وكريدي أغريكول 2,48 %. في أماكن أخرى من أوروبا، خسر دويتشه بنك الألماني 7,35 % وباركليز البريطاني 4,09 % ويو بي إس السويسري 4,53 %.
أما في وول ستريت، فانتعشت المصارف الكبرى الجمعة بعد التراجع في اليوم السابق. فارتفعت أسهم جاي بي مورغن تشايس 2,3 % منتصف المداولات فيما اقترب بنك أوف أميركا وسيتي غروب من التوازن.
من ناحية أخرى، شهدت مصارف محلية مثل فيرست ريبابلك وسيغنتشر بنك المزيد من الاضرابات مع انخفاض أسهم كل منهما 23 %.
تحديات جديدة لـ بنوك أمريكية كبرى
وأكد كريستيان باريسو من مجموعة الوساطة "أوريل بي جي سي" في مذكرة أن المستثمرين "رأوا أيضا في الصعوبات التي يواجهها المصرف تأثير انعكاس منحنى معدلات الفائدة"، أي عندما تكون المعدلات القصيرة الأجل أعلى من المعدلات الطويلة الأجل.
وتقوم المصارف عادة بالاقتراض بمعدلات قصيرة الأجل لتقدم قروضا بمعدلات متوسطة أو طويلة الأمد.
وثمة مجموعة أميركية أخرى تواجه تحديات. فقد أعلنت الشركة الأم لمصرف "سيلفرغيت" العاملة في العملات المشفرة الأربعاء أنه ستتم تصفية المؤسسة.
وقال ستيفن إينيس المحلل في مجموعة "اس بي آي مانجمنت" في مذكرة أراد أن تكون مطمئنة إن وقوع "حادث مرتبط برأس المال أو السيولة بين المصارف الكبرى" احتمال "ضئيل".
ومنذ الأزمة المالية في عامي 2008-2009 وإفلاس بنك "ليمان براذرز" الأميركي أصبح على المصارف تقديم ضمانات قوية لسلطة ضبط الأسواق الوطنية والأوروبية.
وتخضع الهيئة المصرفية الأوروبية خمسين مصرفا رئيسيا في القارة لاختبارات ملاءة.
وكشفت نتائج آخر اختبار من هذا النوع في نهاية تموز/يوليو 2021 أن المؤسسات المالية قادرة على تحمل أزمة اقتصادية خطيرة بدون أضرار جسيمة.
بالنسبة إلى المحللين في مورغن ستانلي، فإن "ضغوط التمويل التي تواجه +إس في بي+ خاصة جدا ويجب عدم اعتبارها المعيار للمصارف المحلية الأخرى".
وأضافوا في مذكرة "لا نعتقد أن القطاع المصرفي يواجه نقصا في السيولة".