في ذكرى رحيله.. تعرف على اللحظات الأخيرة في حياة نور الشريف

تحل اليوم، 11 أغسطس، الذكرى العاشرة لرحيل الفنان الكبير نور الشريف، أحد أعمدة الفن العربي، الذي ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ الدراما والسينما المصرية، ورحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من عام 2015، عن عمر يناهز 69 عامًا، بعد صراع مؤلم مع المرض.
البدايات الفنية لـ نور الشريف
ولد نور الشريف في حي الخليفة بمنطقة السيدة زينب بالقاهرة عام 1946، وبدأ مشواره الفني منتصف الستينيات، ليصبح لاحقًا أحد أهم رموز الأداء التمثيلي في العالم العربي.

اللحظات الأخيرة في حياة نور الشريف
وصفت الفنانة بوسي، زوجته ورفيقة دربه، الأيام الأخيرة في حياة نور الشريف بأنها كانت الأصعب، مؤكدة في لقاء سابق لها مع الإعلامية راغدة شلهوب ضمن برنامج "100 سؤال"، أن الراحل لم يكن يعلم بحقيقة إصابته بـمرض سرطان الرئة.
وقالت بوسي إن الأسرة تعمّدت إخفاء طبيعة مرضه عنه، وأوهموه بأنه يعاني من التهاب رئوي، متعمدة مع ابنتيهما أن تبقى الأجواء مليئة بالأمل والفكاهة، حفاظًا على حالته النفسية، حتى قبل وفاته بثلاثة أيام، كانت الأمور تبدو طبيعية، وقد زاره الموسيقار هاني مهنى في المستشفى، حيث أخبرته بوسي أنهم سيعودون للمنزل قريبًا.

ولم يترك نور الشريف وصية، كما لم يوصِ بشيء في أيامه الأخيرة. ورغم الألم، بقي محاطًا بالحب والدعاء والدفء حتى اللحظة الأخيرة، وكان يستعد للمشاركة في عمل درامي جديد قبل أن يخطفه المرض.
قصة حب نور الشريف وبوسي
شكل نور الشريف والفنانة بوسي واحدًا من أنجح الثنائيات في تاريخ الفن والحياة، حيث بدأت قصة حبهما مبكرًا، عندما لاحظ نور الفتاة الصغيرة في أروقة ماسبيرو خلال تسجيل برنامج "جنة الأطفال"، ثم جمعتهما الأقدار مرة أخرى في الستينيات خلال تصوير مسلسل "القاهرة والناس"، وكانت بوسي حينها في الخامسة عشرة من عمرها.
واجه حبهما معارضة والد بوسي، الذي رفض الارتباط في البداية، قبل أن تقنعه وساطات من أصدقاء العائلة، ليتم إعلان الخطوبة في يوم ميلاد بوسي، ويُكلل الحب بالزواج عام 1972.
وفي حفل بسيط داخل بيت العائلة، ارتدت بوسي الفستان الأبيض، ووقف نور بالبذلة الرمادية إلى جانب حبيبته ليبدأ فصل جديد من الحكاية.

وروت بوسي أن ليلة الزفاف شهدت موقفًا صعبًا، حيث اضطرت لبيع شبكتها ليسدد نور مبلغ مؤخر الصداق الذي أصر والدها على كتابته، لكنها أكدت أن الحب كان كافيًا لتخطي كل شيء، وبدآ حياتهما في شقة صغيرة، لكن عامرة بالمودة.
وفي لقاء نادر، تحدّث نورالشريف عن شعوره في لحظة توقيع عقد القران قائلاً: "أمضيت أهم ورقة في حياتي، لكن المأذون أزعجني بكلامه عن مؤخر الصداق، وكأنه يذكرك بالفشل قبل أن تبدأ!".
أما بوسي، فوصفت نور بأنه كان يتمتع بـ"دم خفيف وقلب طيب"، وأنه كان زوجًا متعاونًا، وأبًا حنونًا، وعاشقًا للفن يتحمّل المسؤولية.
شراكة فنية وإنسانية جمعت الثنائي
واستمر زواج نور وبوسي لأكثر من 33 عامًا، شكّلا خلالها شراكة فنية متميزة وقدما مجموعة من أبرز الأعمال مثل:
"الضحايا"، "دائرة الانتقام"، "آخر الرجال المحترمين"، و"العاشقان"، كما أسسا شركة إنتاج سينمائي مشتركة.
وأنجبا سارة، التي تعمل بالإخراج، ومي التي ظهرت في عدد من الأعمال إلى جانب والدها.
ويُعد فيلمهما الأشهر "حبيبي دائمًا" (1980) من أهم الأفلام الرومانسية في تاريخ السينما المصرية، وقد كشفت بوسي لاحقًا أن العمل مستوحى من قصة حقيقية عن عبد الحليم حافظ، وكان من المفترض أن يجسده العندليب لولا وفاته.

انفصال دام 9 سنوات.. وعودة قبل الرحيل
وفي عام 2006، صدم الثنائي جمهورهما بإعلان انفصالهما بعد زواج دام أكثر من ثلاثة عقود، لكن علاقتهما ظلت قائمة على الاحترام والصداقة، بحسب تصريحات بوسي، التي وصفت نور بأنه "من أهلها".
واستمر الانفصال 9 سنوات، ليعودا مجددًا إلى بعضهما في بداية عام 2015، بعد أن قررا معًا أن يكملوا الرحلة رغم المرض، لكن القدر لم يمنحهما وقتًا طويلًا، إذ رحل نور الشريف في 11 أغسطس 2015.
وفي حديثها عن رحيله، قالت بوسي إن "أكثر ما افتقدته بعده هو السند.. نور كان مرجعيتي الصادقة في الحياة".

إرث لا يغيب ورحلة فنية تدرس
ورحل نور الشريف، لكنه ترك خلفه إرثًا فنيًا لا يُقدّر بثمن، وقصة إنسانية لا تزال تُروى كأحد أجمل نماذج الحب والدعم والمشاركة.
وبين الشاشة والحياة، كان نور الشريف نجمًا يضيء فنه بالصدق، ويكتب اسمه في سجل الكبار بتواضعه وإنسانيته وموهبته الفذة.