الشيخ أبو العينين شعيشع.. أول مصري يتلو القرآن بالمسجد الأقصى

في مثل هذا اليوم، الإثنين 23 يونيو، تمر الذكرى الرابعة عشرة لوفاة علم من أعلام التلاوة في العالم الإسلامي، الشيخ الجليل أبو العينين شعيشع، أحد رموز مدرسة التلاوة المصرية، ونقيب قراء مصر السابق، والذي وافته المنية عام 2011 عن عمر يناهز 89 عامًا، بعد رحلة حافلة استمرت أكثر من ثمانية عقود في خدمة القرآن الكريم.
أبو العينين شعيشع
وُلد الشيخ أبو العينين في 12 أغسطس عام 1922 بمدينة بيلا التابعة لمحافظة كفر الشيخ، وكان الابن الثاني عشر لوالده. حفظ القرآن الكريم كاملًا قبل أن يبلغ العاشرة من عمره، وبدأت ملامح موهبته في التلاوة تظهر مبكرًا، حيث كان يُشجع من أساتذته في المدرسة على القراءة في المناسبات، لما يمتاز به من جمال الصوت وروعة الأداء.
في عام 1939، التحق بالإذاعة المصرية وهو لا يزال في السابعة عشرة من عمره، بعد أن ذاع صيته في الاحتفالات والمحافل. تأثر في بداياته بالشيخ محمد رفعت، حتى أن الإذاعة استعانت به لاحقًا لإصلاح بعض تسجيلات الشيخ رفعت المتضررة، لما يتمتع به من دقة وأداء متميز.
عرف الشيخ بلقب "ملك مقام الصبا"، لما تحمله تلاوته من شجن وعمق روحي، خاصة بعد وفاة والده، وهو الحدث الذي ترك أثرًا واضحًا في نبرة صوته الحزينة والمؤثرة.
أول قارئ مصري يتلو القرآن الكريم في المسجد الأقصى
كان الشيخ شعيشع أول قارئ مصري يتلو القرآن الكريم في المسجد الأقصى المبارك، خلال رحلته مع إذاعة الشرق الأدنى في أربعينيات القرن الماضي، حيث كان يتنقل بين يافا والقدس لتلاوة القرآن يوميًا. ولم تقتصر رحلاته على العالم العربي، بل طاف بقاع الأرض قارئًا لكتاب الله، من المسجد الحرام في مكة إلى الجامع الأموي بدمشق، ومساجد أوروبا، وأسلم على يديه عدد من الأشخاص تأثرًا بصوته وروحانيته.
رغم إصابته بمرض في الأحبال الصوتية في بداية الستينيات، عاد بقوة إلى ساحات التلاوة، وقرأ في مسجد عمر مكرم ثم في مسجد السيدة زينب، وواصل مسيرته حتى أصبح نقيبًا لقراء مصر عام 1988 خلفًا للشيخ عبد الباسط عبد الصمد، بعد جهد كبير في تأسيس النقابة والدفاع عن حقوق القراء.
شارك الشيخ في عدد من اللجان والمجالس الدينية، أبرزها المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ولجنة اختبار القراء بالإذاعة والتلفزيون، واللجنة العليا للقرآن الكريم بوزارة الأوقاف.
عرف الشيخ بزهده وتواضعه، وكان وفيًا لزوجته التي توفيت قبله بخمسة عشر عامًا، ورفض الزواج بعدها تكريمًا لذكراها. وترك وراءه إرثًا خالدًا من التلاوات العذبة والمواقف النبيلة التي لا تزال تعيش في وجدان محبيه.
رحم الله الشيخ أبا العينين شعيشع، وجزاه عن القرآن وأهله خير الجزاء.