سقوط النظام الإيراني
تأثير الضربات الإسرائيلية على النظام الإيراني.. هل بات سقوطه وشيكًا؟

تشهد المنطقة تصاعدًا مستمرًا في التوترات بين إسرائيل وإيران، على خلفية الضربات العسكرية التي توجهها تل أبيب ضد أهداف إيرانية داخل وخارج إيران، هذه العمليات التي تندرج ضمن ما يُعرف بـ"الحرب الرمادية" أو "الحرب بين الحروب"، أثارت تساؤلات عديدة حول مدى تأثيرها الحقيقي على تماسك النظام الإيراني، بل ووصل الأمر بالبعض إلى التساؤل: هل يمكن أن تسقط الضربات الإسرائيلية النظام الإيراني؟
الضربات الإسرائيلية على إيران
منذ سنوات، تتبع إسرائيل سياسة عسكرية ممنهجة تستهدف من خلالها تقويض القدرات الإيرانية العسكرية والنووية، وخصوصًا النفوذ الإيراني في سوريا ولبنان،
لكن اللافت في الآونة الأخيرة هو امتداد نطاق هذه الضربات إلى العمق الإيراني ذاته، حيث تم استهداف منشآت حساسة مثل مجمعات لتخصيب اليورانيوم، ومراكز تصنيع طائرات مسيّرة، ومستودعات للصواريخ الباليستية، وحتى قيادات بارزة في الحرس الثوري.

التأثير الأمني والسياسي داخليًا
هذه الضربات تحمل رسائل قاسية للداخل الإيراني، إذ تفضح هشاشة المنظومة الأمنية، وتُظهر عجز طهران عن حماية مواقعها الاستراتيجية، المواطن الإيراني يرى الانفجارات تتكرر، والتخريب يتصاعد، دون رد قوي أو حازم من الدولة. هذا يضرب هيبة النظام، ويعمّق فقدان الثقة به، خاصة في ظل الغضب الشعبي المتراكم بفعل الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
ضعف الردع الإيراني
رغم تهديدات طهران المتكررة، إلا أن ردودها على الضربات الإسرائيلية غالبًا ما تكون رمزية أو غير مباشرة، عبر أذرعها مثل حزب الله أو جماعات في سوريا والعراق،
هذا يضعف من صورة إيران كقوة ردع إقليمية، ويجعلها تبدو كأنها تتجنب المواجهة المباشرة، وهو ما يُغضب أنصار النظام قبل خصومه.

كما أن تردّد النظام في الرد يرجع إلى حسابات دقيقة، فهو يدرك أن أي رد مباشر على إسرائيل قد يُشعل حربًا شاملة، ستكون عواقبها كارثية على الداخل الإيراني، المرهق أصلًا بالعقوبات والانهيار الاقتصادي.
هل تساهم هذه الضربات في إسقاط النظام؟
رغم التأثير العميق لهذه الضربات، فإن الحديث عن سقوط وشيك للنظام الإيراني لا يزال سابقًا لأوانه، فالنظام الإيراني يتمتع بشبكة أمنية داخلية قوية، وقبضة مركزية صارمة، فضلًا عن قدرته على قمع الاحتجاجات وتوجيه الخطاب الإعلامي بما يخدم بقائه.

لكن من المؤكد أن تراكم هذه الضربات، مع استمرار الأزمات الداخلية، يُشكّل ضغطًا متزايدًا على النظام، وقد يؤدي في المستقبل إلى تآكل شرعيته من الداخل، خصوصًا إذا استمر في تقديم صورة العجز أمام الضربات الخارجية.
إسقاط النظام الإيراني
حتى الآن، لا توجد قوى معارضة منظمة قادرة على إسقاط النظام أو ملء الفراغ حال انهياره. كما أن المجتمع الدولي، وتحديدًا الدول الغربية، لا تملك تصورًا واضحًا لما بعد النظام الحالي، وهو ما يجعل "تغيير النظام" خيارًا غير مطروح في المرحلة القريبة.

الضربات الإسرائيلية تُشكّل تهديدًا واضحًا للنظام الإيراني من حيث صورته وهيبته، لا من حيث بقائه المباشر، لكنها تفتح الباب تدريجيًا نحو تآكل داخلي أعمق، قد يتحول في لحظة تاريخية فارقة إلى نقطة انهيار، إذا ما تراكمت الضغوط الاقتصادية، وتنامت الحركات الشعبية، وتراجعت قدرة النظام على احتواء الأزمات.
سقوط النظام الإيراني ليس حتميًا في المدى القريب، لكن استمراره أيضًا ليس مضمونًا في ظل واقع يتغير يومًا بعد يوم.