خطة إسرائيل الكبرى لـ الهيمنة على الشرق الأوسط
هل نشهد اكتمال تشكيل حقبة الهيمنة الصهيونية على الشرق الأوسط؟

في ظل التحولات الجيوسياسية العميقة التي يشهدها الشرق الأوسط، يطفو على السطح تساؤل خطير ومثير للجدل "هل دخلنا فعليًا في حقبة جديدة من الهيمنة الصهيونية على المنطقة؟ سؤال يبدو مستفزًا، لكنه يعكس حجم التغيرات التي طرأت على موازين القوى، والتحالفات الإقليمية، ومظاهر التطبيع التي اتسعت رقعتها في السنوات الأخيرة.
اتفاقيات أبراهام
منذ توقيع اتفاقيات "أبراهام" عام 2020، شهدت العلاقات بين عدد من الدول العربية والكيان الصهيوني تطورًا غير مسبوق، سواء على المستوى الدبلوماسي أو الاقتصادي أو الأمني. هذه الاتفاقيات، التي وُصفت بـ"السلام مقابل السلام"، كانت بمثابة بوابة عبور جديدة لـ"إسرائيل" إلى قلب الشرق الأوسط، دون الحاجة إلى تسوية القضية الفلسطينية أو الانسحاب من الأراضي المحتلة.
النفوذ الإسرائيلي في الشرق الأوسط
النفوذ الإسرائيلي اليوم لم يعد عسكريًا فقط بل يمتد ليشمل مجالات التكنولوجيا، الزراعة، الطاقة، والأمن السيبراني، في عدد من العواصم العربية. ومن جهة أخرى، تتقاطع المصالح بين "تل أبيب" وبعض الأنظمة الإقليمية، تحت شعارات مواجهة "العدو المشترك" أو تحقيق "الاستقرار الإقليمي"، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد.

في المقابل، تراجعت القضية الفلسطينية إلى هامش الأولويات العربية،، وأصبحت بعض الأنظمة تنظر إليها من زاوية المفاوضات الشكلية أو المساعدات الإنسانية، لا كقضية تحرر وحقوق مغتصبة. هذا التراجع يفتح الباب واسعًا أمام إسرائيل لفرض واقع جديد، يقوم على شراكات اقتصادية وأمنية، وتطبيع ثقافي وإعلامي، دون أي ضغوط فعلية لدفعها نحو تسوية عادلة.

ومع ضعف الموقف العربي الرسمي، وتشتت مواقف القوى الكبرى، وازدياد التوترات الإقليمية، يبدو أن "إسرائيل" تجد اللحظة مناسبة لترسيخ وجودها كقوة إقليمية مهيمنة، مستفيدة من توازنات القوى الجديدة، والدعم الغربي الثابت، والانقسامات الداخلية في الدول العربية.
الهيمنة الصهيونية الكاملة
لكن، ورغم هذا المشهد، لا يزال هناك رفض شعبي واسع لفكرة التطبيع، وتمسك بالقضية الفلسطينية كقضية مركزية، يظهر جليًا في الشارع العربي وعبر المنصات الرقمية. هذا الوعي الشعبي، وإن لم يُترجم بعد إلى قرارات سياسية مؤثرة، يظل عنصر توازن في وجه محاولة فرض الهيمنة الصهيونية الكاملة.

في النهاية نحن أمام لحظة مفصلية في تاريخ المنطقة، قد تحدد معالم الشرق الأوسط لعقود قادمة. والسؤال لم يعد: هل تطبع الدول العربية؟ بل: إلى أي مدى ستذهب إسرائيل في توسيع نفوذها؟ وهل سيبقى للشعوب موقف، أم أن الواقع السياسي سيفرض طريقًا بلا عودة نحو شرق أوسط جديد تهيمن عليه الرؤية الصهيونية؟