ذكرى وفاة سيد النقشبندى .. 49 عاما على رحيل أستاذ المداحين وكروان المبتهلين

تحل اليوم ذكرى وفاة الشيخ سيد النقشبندى، الذى يعتبر من أبرز المنشدين الدينيين الذى مروا فى تاريخ مصر، إذ كان صاحب مدرسة خاصة ومتفردة فى الابتهال والإنشاد.
وولد سيد محمد النقشبندى فى الـ7 من يناير عام 1920 فى حارة الشقيقة بقرية دميرة إحدى قرى محافظة الدقهلية ولكنه لم يمكث بها حيث حيث انتقلت أسرته إلى مدينة طهطا فى جنوب الصعيد ولم يكن قد تجاوز العاشرة من عمره.
وحفظ النقشبندى فى طهطا القرآن الكريم على يد الشيخ أحمد خليل قبل أن يستكمل عامه الثامن وتعلم الإنشاد الدينى فى حلقات الذكر بين مريدى الطريقة النقشبندية.
وفى عام 1955 استقر النقشبندى، فى مدينة طنطا وذاعت شهرته فى محافظات مصر والدول العربية، وسافر الى حلب وحماه ودمشق لإحياء الليالى الدينية بدعوة من الرئيس السورى حافظ الأسد، كما زار أبوظبى والأردن وإيران واليمن وإندونيسيا والمغرب العربى ودول الخليج ومعظم الدول الأفريقية والآسيوية.
المبتهل الشيخ سيد النقشبندى
فى عام 1966 كان الشيخ سيد النقشبندى بمسجد الإمام الحسين بالقاهرة والتقى مصادفة بالإذاعى أحمد فراج فسجل معه بعض التسجيلات لبرنامج فى رحاب الله ثم سجل العديد من الأدعية الدينية لبرنامج "دعاء" الذى كان يذاع يوميا عقب أذان المغرب، كما اشترك فى حلقات البرنامج التلفزيونى فى نور الأسماء الحسنى وسجل برنامج الباحث عن الحقيقة والذى يحكى قصة الصحابى الجليل سلمان الفارسى، هذا بالإضافة إلى مجموعة من الابتهالات الدينية التى لحنها محمود الشريف وسيد مكاوى وبليغ حمدى وأحمد صدقى وحلمى أمين.
وصف الدكتور مصطفى محمود فى برنامج العالم والإيمان الشيخ سيد النقشبندى بقوله إنه مثل النور الكريم الفريد الذى لم يصل إليه أحد.
أجمع خبراء الأصوات على أن صوت الشيخ الجليل من أعذب الأصوات التى قدمت الدعاء الدينى فصوته مكون من ثمانى طبقات، وكان يقول الجواب وجواب الجواب، وترك للإذاعة ثروة من الأناشيد والابتهالات، إلى جانب بعض التلاوات القرآنية لدى السمّيعة.
تعاون النقشبندى مع بليغ حمدى
تعاون الشيخ سيد النقشبندى مع بليغ حمدى أثمر عن 6 ابتهالات، قال عنها النقشبندى فى حديث جمعه بالإذاعى الكبير وجدى الحكيم: "لو مكنتش سجلتهم مكنش بقالى تاريخ بعد رحيلى"، ومن بين أشهر الابتهالات التى تعاونا فيها "مولاى إنى ببابك".
بدأت الحكاية فى حفل خطبة ابنة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، والذى كان يحرص على وجود إنشاد دينى فى الحفلات التى يحضرها، وكان النقشبندى ضيفًا فى الحفل، وأثناء قيام الأخير بتحية السادات، أشار السادات لوجدى الحكيم وبليغ حمدي، قائلًا "افتحوا الإذاعة أنا عايز أسمع النقشبندى مع بليغ"، وذلك بحسب ما حكاه الحكيم.
وبعد أيام حضر النقشبندى لمبنى الإذاعة برفقة الحكيم، وظل النقشبندى يردد: "على آخر الزمن يا وجدى، يلحن لى بليغ"، معتقدًا أن بليغ سيصنع له لحنًا راقصًا ولن يتناسب مع جلال الكلمات التى ينطق بها فى الأدعية والابتهالات، وحاول الإعلامى الكبير تهدئته، إلا إنه كان لا يشعر بجدوى ما يحدث، وفكر فى الاعتذار، حتى اتفق مع الحكيم على الاستماع لبليغ وإذا لم يُعجب باللحن الذى سيصنعه، سيرفض الاستمرار.
يقول وجدى الحكيم إن الشيخ النقشبندى ظل طيلة الوقت ممتعضًا، وبعد نصف ساعة من جلوسه مع بليغ فى الاستوديو، دخل الحكيم ليجد الشيخ يصفق قائلا: "بليغ ده عفريت من الجن"
وصية النقشبندى
ولوفاة قيثارة السماء الشيخ سيد النقشبندى قصة غريبة يحكى عنها حفيده سيد شحاتة النقشبندي، قائلا: "جدى توفى بشكل مفاجئ فى 14 فبراير 1976، وكان عمره 55 عاما، ولم يكن مريضا، وقبلها بيوم واحد كان يقرأ القرآن فى مسجد التليفزيون وأذن لصلاة الجمعة على الهواء، ثم ذهب مسرعا إلى منزل شقيقه من والدته سعد المواردى فى العباسية".
وأضاف حفيده: "طلب جدى من شقيقه أن يحضر ورقة وقلم بسرعة، وكتب كام سطر وأعطاه الورقة، وقال له لا تقرأها إلا ساعة اللزوم ثم عاد إلى بيته فى طنطا".
وتابع: "ثانى يوم شعر جدى ببعض التعب، فذهب للدكتور محمود جامع فى مستشفى المبرة بطنطا، وحكى الدكتور جامع عن هذه الواقعة"، مشيرا إلى أن جده دخل عليه على قدمه وقال له: "أشعر بألم فى صدرى، وفاضت روحه فى غرفة الكشف خلال دقائق".
وأشار حفيد قيثارة السماء إلى أن شقيق الشيخ النقشبندى فتح الورقة التى كتبها بعد وفاته، فوجدها وصية كتبها الشيخ سيد يوصى فيها بأن يدفن مع والدته فى مقابر الطريقة الخلوتية بالبساتين، وعدم إقامة مأتم له والاكتفاء بالعزاء والنعى بالجرائد، وأوصى برعاية زوجته وأطفاله.
وأضاف حفيد النقشبندى، أن جده عندما مات لم يكن فى جيبه سوى 3 جنيهات، ولم يترك أرضا أو بيتا أو أموالا، حيث كان ينفق كل ما يأتيه على الفقراء، وكان يقول دائما: "الله أكرمنا كى نكرم خلقه".
تكريمات النقشبندى
كرمه رئيس مصر الراحل محمد أنور السادات عام 1979 بمنحه وسام الدولة من الدرجة الأولى، وذلك بعد وفاته.
النقشبندى والسادات
كما كرمه الرئيس المصرى السابق محمد حسنى مبارك فى الاحتفال بليلة القدر عام 1989 بمنحه وسام الجمهورية من الدرجة الأولى، وذلك بعد وفاته أيضًا.
وكرمته محافظة الغربية التى عاش فيها ودفن بها حيث أطلقت اسمه على أكبر شوارع طنطا والممتد من ميدان المحطة حتى ميدان الساعة.