
تحلّ اليوم 27 يوليو، ذكرى رحيل الفنان الكبير فريد شوقي، أحد أعمدة السينما المصرية والعربية، الذي شكّل علامة فارقة في تاريخ الفن لعقود طويلة.
ورغم مرور السنوات لا يزال إرثه الإبداعي حاضراً في وجدان الجمهور، بأدواره الخالدة التي تنوّعت بين القوة والضعف، البطولة والانكسار، والإنسان البسيط الذي يعكس نبض الشارع المصري.
في مثل هذا اليوم، نستعيد سيرة "وحش الشاشة"، الذي لم يكن مجرد نجم شباك، بل كاتباً ومؤلفاً ومُجدداً في لغة السينما.

نشأة فريد شوقي
ولد فريد محمد عبده شوقي في 30 يوليو 1920 بحي السيدة زينب العريق في القاهرة، ليبدأ رحلة فنية امتدت لأكثر من نصف قرن، شكّل خلالها أحد أعمدة الفن العربي.
نصف قرن من الإبداع في خدمة الشاشة العربية
ولم يكن فريد شوقي مجرد ممثل، بل كان كاتب سيناريو وحوار، ومنتجاً ومبدعاً شاملاً، شارك في صناعة أكثر من 400 عمل فني بين السينما والمسرح والتلفزيون على مدار نصف قرن، وهو رقم يفوق ما أنتجته بعض الدول العربية مجتمعة.
تميزت مسيرته بزخم إبداعي وصل صداه إلى خارج حدود مصر، إذ عمل في تركيا وحقق فيها شهرة واسعة، وكان يُلقّب باحترام بـ “فريد بيه”، رغم عدم حصوله رسمياً على لقب البكوية، ما يعكس التقدير الكبير الذي حظي به داخل الوسط الفني وخارجه، عمل مع أكثر من 90 مخرجاً ومنتجاً، ما جعله رمزاً لمرحلة كاملة من تاريخ الفن العربي.

بين الهندسة والتمثيل.. فريد شوقي يختار طريق الحلم
نشأ فريد شوقي في بيئة شعبية وتعلّق بالفن منذ الصغر، بدعم من والده، التحق بمدرسة الناصرية، وحصل على شهادة الابتدائية في سن الخامسة عشرة، ثم نال دبلوماً من معهد الهندسة التطبيقية وعمل مهندساً لمدة ثماني سنوات، غير أن شغفه بالتمثيل لم يخفت، فالتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية وتخرّج في دفعته الأولى عام 1947.
دخل عالم التمثيل من بوابة المخرج العالمي يوسف شاهين من خلال فيلم ملاك الرحمة عام 1946، ولفت الأنظار سريعاً، ليتألق في فيلمه الثاني ملائكة في جهنم مع المخرج حسن الإمام.

وفي بداية الخمسينيات، قام فريد شوقي بإعادة تشكيل هويته الفنية، مبتعداً عن أدوار الشر، ومتجهاً نحو الشخصيات الإنسانية المعقدة التي تمسّ وجدان الجمهور.
إمبراطورية فنية خالدة عبر الأجيال
عرفه الجمهور بأدوار متنوعة تراوحت بين الشرير والفتوة، والرجل الرومانسي، والأب المكافح، والبطل الشعبي، ومن أبرز أدواره الخالدة شخصية "سلطان" في فيلم جعلوني مجرماً (1954)، المستوحى من قصة حقيقية لأحد الأطفال في الإصلاحية التي كان يديرها شقيقه، الضابط أحمد شوقي.

أعمال لا تُنسى لوحش الشاشة فريد شوقي
في رصيده الفني ما يقرب من 400 عمل، من بينها علامات بارزة في تاريخ السينما المصرية والعربية، مثل: الفتوة، رصيف نمرة 5، عنتر بن شداد، كلمة شرف، إعدام ميت، شاويش نص الليل، بورسعيد، أمير الدهاء، باب الحديد، قهوة المواردي، رجل فقد عقله، الأسطى حسن، ومضى قطار العمر، فتوة الناس الغلابة، وإسكندرية ليه؟.
ظل فريد شوقي، حتى وفاته، واحداً من أكثر الفنانين تأثيراً في وجدان الجمهور، وأيقونة للدراما الواقعية والبطولة الشعبية، ليبقى اسمه محفوراً في ذاكرة الفن العربي كأحد أساطيره الخالدين.

علاوة على رصيده الضخم من الأعمال السينمائية، قدم الفنان الكبير فريد شوقي مجموعة من الأفلام التي باتت علامات بارزة في تاريخ السينما المصرية، من أبرزها رصيف نمرة 5، النمرود، بورسعيد، جوز مراتي، الطريد، الصعلوك، موعد من البؤساء، السطوح، شاويش نص الليل، الموظفون في الأرض، لا تبكِ يا حبيب العمر، وموعد من الحبيب، وغيرها من الأعمال التي رسخت مكانته كأحد أكثر الفنانين تأثيراً في وجدان المشاهد العربي.
زيجات فريد شوقي.. خمس قصص وزوجة أحبها الجمهور
لم تخلُ حياة الفنان الراحل فريد شوقي الشخصية من الدراما، فقد تزوج خمس مرات، كان أشهرها زواجه من الفنانة هدى سلطان، الذي استمر 15 عامًا، وأنجب منها الفنانة ناهد فريد شوقي، لكن الغيرة كتبت نهاية هذه العلاقة، خاصة بعد مشاركتهما في فيلم امرأة على الطريق، الذي جمع هدى سلطان ورشدي أباظة، لتتم إجراءات الطلاق بهدوء.

أما زيجاته الأخرى، فشملت زواجه الأول من زميلته في معهد الفنون المسرحية، ثم من الفنانة المغمورة زينب عبد الهادي، التي أنجبت له ابنته الكبرى "منى"، قبل أن ينفصلا بعد خلاف حول مستقبله الفني، حيث اختار شوقي التفرغ للفن وترك الوظيفة الحكومية، وهو ما رفضته زوجته بشدة.

كما ارتبط لاحقًا بمحامية بعد قصة حب اتسمت بالحدة لدرجة تهديده بالانتحار في حال رفضت الزواج منه لكن الزواج لم يدم طويلاً، وارتبط أيضاً بفتاة كان يحبها في صغره تُدعى "حسنية"، إلا أن الزواج لم يتم.
أما زيجته الأخيرة، فكانت من السيدة سهير ترك، التي أنجب منها الفنانة رانيا فريد شوقي، وظلت إلى جواره حتى لحظاته الأخيرة، وشكلت معه حياة أسرية مستقرة بعيداً عن أضواء الصخب الفني.
