لماذا يهاجم عبد الله رشدي وحاتم الحويني الراحلة الدكتورة نوال السعداوي؟
لم تكن لتمرّ وفاة الراحلة الدكتورة نوال السعداوي مرور الكرام، فاسمها طوال عقود ماضية كان مرادفاً للتفكير خارج الصندوق والتمرد على الأفكار التقليدية الجامدة والبالية.
لم تتراجع السعداوي يوماً عن إيمانها بالمرأة، وراحت تنشر أفكارها من دون هوادة أو تردد، فطالبت بتجريم ختان الإناث والمساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والمواريث. كانت ببساطة منحازة تماما لنون النسوة، والتي أعادت اكتشافها في كتاباتها ومقالاتها وحواراتها.
اقرأ أيضا: وفاة الكاتبة نوال السعداوي عن عمر ناهز الـ 90 عامًا
لم تسلم نوال السعداوي من الهجوم، وكان أبرز مهاجميها الشرسين الإسلاميين، والتي خاضت معهم جولات وجولات من الصراع الخشن، والذي كان يصل دائما إلى السباب والشتائم.
لكن أمام جلال لحظة الموت، وأمام تعاليم الدين الإسلامي في التعامل مع الموت، وذكر المحاسن لا المساوئ، فقد أفضى الميت إلى ما قدّم، وله ما له وعليه ما عليه، فوجئ الجميع بتجدّد الهجوم على الدكتورة نوال السعداوي بعد رحيلها، وتزعّم الهجوم عدد من المنتمين لجماعة الإخوان، وكذلك من التيار السلفي، الذي وجد في اللحظة فرصة مواتية لإثبات الحضور، وبالأخص عبد الله رشدي، وحاتم الحويني.
لكن اللافت للنظر أن نقد رشدي والحويني لم يتطرق إلى مناقشة أفكار الراحلة الدكتورة نوال السعداوي، ولكنهما اختارا عناوين عريضة صاخبة لمهاجمتها، عناوين منتزعة من سياقها، والتركيز عليها لاستمالة الجمهور العام.
وعلى هذا المنوال، يقول عبد الله رشدي: «انتقلت نوال السعداوي للقاء الإله الذي كانت تطالبُ بتغيير قرآنه وتنتقد منهجَه».
يناقض رشدي نفسه حيث لم يلتزم بما زعم من تقديم "مناقشة أفكار السعداوي ومعطيات علمية بعيدا عن العاطفة التي تجلب التعاطف أقصى اليمين أو أقصى اليسار"، فلا هو تعامل مع الأفكار والجمل والمفردات فقط، ولا استطاع أن ينسى الأشخاص تماما.
ويتمادى أيضا في تناقضاته، حيث يذكّر بتاريخه مع ارتداء الحجاب وانضمامها إلى جماعة الإخوان فترة، وهذا أيضا يرتدّ عليه من حيث لا يدري، حيث إن أفكار الدكتور نوال السعداوي ليست أفكارا سطحية وليدة لحظة عاطفية خاصة، ولكنها كانت مهمومة بشؤون المرأة، ليس في مصر فقط، ولكن أينما وجدت.
اقرأ أيضا: محمد الباز: لهذا السبب يحب الله نوال السعداوي
لكن ربما كان هجوم عبد الله رشدي أقل حدة من هجوم حاتم الحويني، والذي جاء تلخيصا لتاريخ العلاقة المتوترة بين التيار السلفي والدكتورة نوال السعداوي، وما حديث الحويني الابن، نجل الشيخ الشهير أبو إسحاق الحويني، إلا صدى لأرشيف سلفي غاضب جعل الدكتورة نوال السعداوي دوما في مرمى نيرانه، وتصويباته التي نالت من شرفها وعرضها.
يبرر حاتم الحويني هجومه على الدكتورة نوال السعداوي "لأجل ما حصل منها من فساد وإفساد مشروع"، ويتغاضى عن أن "الفرح بموت وهلاك هذه المرأة" يخالطه فساد واضح يتنافى مع تعاليم الإسلام الحنيف.
وأخذ حاتم الحويني يلهب حماس "الجمهور" ويشحنه ضد الدكتورة نوال، حتى وصل إلى أن قال مستريحا ومستشعرا الانتصار على امرأة عزلاء أفضت إلى ما قدمت، قال "الحمد لله أن ماتت داعية الشذوذ بعد صراع طويل مع الإسلام، فهلكت وبقي الإسلام.. اللهم عاملها بعدلك لا بفضلك..".
ربما نجح رشدي والحويني في استقطاب عدد من الغاضبين المتوترين، ومسايرتهم لهما، إلا أن تعليقا من بين التعليقات على كلام عبد الله رشدي كان لافتا.
بهدوء، قالت ميرا وصلي: «كانت دكتور طب وليها 11 دكتوراه، ورُشحت لجايزة نوبل.. حصلت على كتير من الجوائز العربية والعالمية، منها جائزة الشمال والجنوب من المجلس الأوروبي، وجائزة من جمعية الصداقة العربية الفرنسية، وجائزة من المجلس الأعلى للفنون والعلوم الاجتماعية.. جزء صغير من إنجازاتها، شُفت عقل المرأة عامل إزاي؟ عقبالك يا شيخ عبدالله ما تكون ربع الإنجازات اللي وصلتلها، وتترقى من منصبك على فيس بوك ليل نهار».