يرويها فريد الديب.. أسرار مثيرة في ملحمة استرداد طابا.. إسرائيل خيرت مبارك بين التوفيق والتحكيم فقال: مش هتنازل عن متر.. وبعد الحكم لمصرالإسرائيليين طلبوا ثمن فندق طابا 20 ضعف ومبارك رد: خدوهوم وغوروا
أسرار وحكايات مثيرة في كواليس انتزاع أرض طابا الغالية من أنياب الاحتلال الإسرائيلي، لا يزال الكثير منها لم يعلن عنه حتى الآن، جانبا من تلك الملحمة القانونية التي خاضتها مصر دوليا، كشف عنه المحامي الشهير فريد الديب، في حفل تكريم خاص له من جمعية المحامين الكويتية عام 2018، بدأ يتداول فيديو منه بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، حيث حكى خلاله تفاصيل دقيقة لم تكن تنشر من قبل، عن قضية استرداد طابا، كما رواها له الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، وطريقة إدارته للملف بداية من المفاوضات الودية، مرورا بالتحكيم الدولي، وتعنت إسرائيل في تنفيذ الحكم الصادر لصالح مصر، وصولا إلى رفع العلم المصري على الأرض الحبيبة.
طمع إسرائيلي.. مبارك: مش هسيب متر واحد
بدأ فريد الديب استعراض التفاصيل الدقيقة في قضية طابا، وفقا لما علمه بشكل شخصي من الرئيس الراحل مبارك، بالتأكيد على أن معاهدة السلام اللي عقدت بين مصر وإسرائيل في سنة 1979، تضمنت بالنص انسحاب إسرائيل انسحابا كاملا من سيناء في خلال سنتين من الأراضي المحتلة، على أن يتم إخلائها من جميع المستوطنات والمستوطنين في موعد غايته 25 أبريل سنة 1982، متابعا: «لما نفذ الإسرائيليون هذا البند، انسحبوا فعلا من كل سيناء إلا طابا، وقالوا طابا ديه يا سيدي كيلو متر مربع، بلاش هوسة وسيبوهالنا، وفي ذلك الوقت قال الرئيس مبارك: لا أنا ما أسيبش متر واحد».
استدعاء مفيد شهاب في قصر الرئاسة
هنا شجر الخلاف بين مصر وإسرائيل، حول ما إذا كانت طابا أرضا مصرية أم إسرائيلية، إذ تنص معاهدة السلام، على أن الخلافات التي تحدث بين الطرفين حول تنفيذ بنود المعاهدة، تحل إما بالتوفيق أو بالتحكيم، بحسب الديب، الذي كشف رد فعل مبارك، عندما علم بهذا البند، قائلا: «لما قالوا للرئيس الكلام ده، قال أنا مش عارف إيه التوفيق وإيه التحكيم ده، فبعت جاب أستاذ أساتذة القانون الدولي العام في مصر، الأستاذ الدكتور مفيد شهاب، وقاله والنبي يا دكتور فهمني إيه التوفيق وإيه التحكيم ده».
التوفيق مرفوض: لا تنازل عن الحق
شرح شهاب، إلى الرئيس الراحل الفرق بين التوفيق والتحكيم، موضحا أن التوفيق يعني وجود طرف ثالث يوفق بين الطرفين، ويعتمد على أن كل طرف يتنازل عن جانب من ادعاءته حتى يحل الإشكال، فهو طبقا للقانون المدني أقرب للصلح، وهنا قاطعه مبارك متسائلا: «يعني التوفيق ده يؤدي إلى أني أتنازل عن جانب من مطالبي وحقي، قاله أه، قاله لا سيبك منه ده، أنا تنازل مش هتنازل»، بحسب الديب.
الموقف القانوني: هنجازف ونقول تحكيم
على العكس يكون التحكيم، إذ أوضح شهاب للرئيس الراحل مبارك، أنه يعني وفقا للقانون الدولي، توقيع مشارطة تحكيم بين الجانبين المتنازعين وكل طرف يختار محكم، ثم يتم اختيار المحكم الذي يرأس اللجنة «المرجح»، ويكون كل طرف فريق دفاع يتولى المرافعة أمام هيئة التحكيم، التي تصدر الحكم، ووفقا لرواية الديب، طرح مبارك عدة أسئلة على شهاب: «قاله: وديه ممكن تحكم ضدنا يعني؟ رد: نظريا طبعا ممكن ديه محكمة تحكيم، قاله: يعني إحنا لما نجازف ونقول تحكيم، هل أنت مطمئن لسلامة مركز مصر القانوني، رد: مطمئن 100% بناء على الدراسات اللي عملتها، فقاله: إذن نتوكل على الله».
فريق دفاع موسع بقيادة مفيد شهاب
يقول الديب: «بالفعل تم توقيع مشارطة التحكيم، في سبتمبر 1986، وطبعا الإسرائيليين خلال هذه المدة، ما كانوش عايزين يوقعوا مشارطة التحكيم، ووقعوا في الآخر، ومصر اختارت محكما عنها المرحوم الدكتور حامد سلطان، أما فريق الدفاع عن مصر فكان بقيادة الدكتور مفيد شهاب، وحرص مبارك في تشكيل الفريق المعاون للدكتور مفيد شهاب، على أنه يجمع فيه كل من له شأن أو ممكن يقدم معونة، سواء من العسكريين أو من المدنيين ومن الجهات المختلفة، ومن هنا كان الفريق كبير في عدده، يعمل بكامله تحت قيادة الدكتور مفيد شهاب».
طابا ملك لمصر بالقانون.. إسرائيل: لا مش هنمشي
عقدت جلسات التحكيم، وبدأ الإسرائيليين يحشدون المدافعين عنها، واستمر التحكيم لمدة عامين، قبل أن يصدر الحكم النهائي في سبتمبر 1988، لصالح مصر، يحكي الديب: «طبعا كانت فرحة كبيرة جدا، وإسرائيل قالت بس إحنا مش هننفذ الحكم، ليه يا عم؟ مش خلاص ماضين على الحكم! قالوا لا أصل إحنا مش هنمشي بقى إلا لما تعوضونا عن الفندق اللي بانيينه في طابا.. هما كانوا بانيين فندق هيلتون في طابا».
سر فندق هيلتون: لعب القمار المحرم
عن سر مماطلة الإسرائيليين، في عدم الخروج من طابا، واشتراط الحصول على تكلفة إنشاء فندق هيلتون، يكشف الديب: «تندهشوا حضرتكم الفندق كان بيمثل للإسرائيليين أهمية شكلها إيه، كان مسموح في هذا الفندق بلعب القمار، والقمار ممنوع في إسرائيل، وكان الإسرائيلين يجيوا يلعبوا القمار ويرجعوا، فهما قالوا مش هنمشي غير لما تعوضونا عنه».
مبارك: أدوهم الفلوس وخلوهم يغوروا
يختتم المحامي الكبير فريد الديب، ما حكاه له مبارك من تفاصيل عن طريقة استرداد أرض طابا الغالية، بالكشف عن كيفية مواجهة الرئيس الراحل عن تلك المعضلة، إذ يقول: «الفندق على بعضه في ذلك الوقت، يعني لما تبالغ في سعره يساوي حوالي مليون دولار، فقالوا لا إحنا عايزين 20 مليون دولار، فالرئيس مبارك في هذا الوقت قال أديهم العشرين وخليهم يغوروا، وخدوا الفلوس ومشيوا ورفع الرئيس مبارك علم مصر يوم 19 مارس سنة 1989».