انتهاك لكرامتهم وتجارة بآلامهم.. الأزهر للفتوى يحذر من نشر صور المحتاجين عند تسلمهم الصدقات
دعا مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية المسلم إلى الإنفاق والتصدق ومساعدة الفقير، محذرا من المتاجرة بهم وبآلامهم، حيث أشار المركز إلى أن الحق سبحانه دعا إلى رحمة الفقير ومساعدة المحتاج، ووعد عباده جزاء ذلك بالثواب والبركة فقال سبحانه في الحديث القدسي: «يا ابْنَ آدَمَ أنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ» [متفق عليه]، وقال سيدنا رسول الله ﷺ: «والصَّدَقةُ تُطفي الخطيئةَ كما يُطفئُ الماءُ النَّارَ». [أخرجه الترمذي].
ولفتت لجنة الفتاوى الالكترونية بالمركز، في بيان، إلى أن الله تعالى جعل شرط قبول الصدقة هو إخلاصها له سبحانه، لذلك كانت صدقة السر خير الصدقات؛ لبعدها عن شبهة الرياء والسمعة؛ وبيَّن سيدُنا رسول الله ﷺ أن من بين السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: «رَجُلٌ تَصَدَّقَ بصَدَقَةٍ فأخْفَاهَا حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما تُنْفِقُ يَمِينُهُ». [متفق عليه].
وأكدت أن الإسلام حرص على حفظ كرامة المحتاج حين تقديم المساعدة إليه؛ فقال الحق سبحانه: {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة: 263]، أي: أنه سبحانه غَنيٌّ عن كل صدقة يتبعها اعتداء، وأن كلمة المعروف خير عنده من صدقة جرَّأت صاحبها على المحتاج فأوقع به الإيذاء.
وشدد الأزهر للفتوى على أن أن تصوير وجوه المحتاجين حين تسلمهم الصدقات تحت وطأة الحاجة، ومرارة الفقر، وبث هذه الصور على الصفحات والمنصات ما هو إلا من قبيل إيذائهم، وانتهاك كرامتهم، واستغلال حاجتهم، والتجارة بآلامهم، وهي -ولا شك- ممارسات مقيتة محرمة، تُبطل الصالحات، وتضيع الحسنات، وتنافي قيم المروءة والرحمة والإحسان؛ قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}. [البقرة: 264]
وتابع: بل الواجب على المتصدق أن يبتغي بصدقته وجهَ ربِّه سبحانه، وأن يحفظ كرامة أخيه المسلم حين إيصال مال الله إليه، وأن يكون أحرص على ستره وصيانته وجبر خاطره من صاحب الحاجة نفسه، فكسر قلوب الناس وخواطرهم من سيئ الأعمال كما أن جبرها من خيرها وأسماها.
واضاف: ليعلم المتصدق أن صدقته لتقع بيد الله سبحانه قبل أن تقع بيد الفقير؛ قال سيدنا رسول الله ﷺ: «مَن تَصَدَّقَ بعَدْلِ تَمْرَةٍ مِن كَسْبٍ طَيِّبٍ، ولَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَّا الطَّيِّبَ، وإنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كما يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ». [متفق عليه].. وأنه ما زاد عبد في إحسانه إلا زاده الله عزًّا، وجعل له في قلوب العباد وُدًّا.