«المسحراتي».. قصة بدأت في مصر منذ 12 قرنًا
المسحراتي كلمة مشتقة من كلمة سحور، والمسحر هي وظيفة يقوم بها شخص لتنبيه المسلمين ببدء موعد السحور، وبدء الإستعداد للصيام، تبدأ تلك المهمة
بإنطلاق المسحر قبل صلاة الفجر بوقت كاف، يحمل في يده طبلة وعصا، ينقر عليها صائحًا بصوت مرتفع"اصحى يا نايم، وحد الدايم، وقول نويت بكرة اتحييت،
الشهر صايم والفجر قايم"، هذه الكلمات البسيطة تسكن القلوب وارتبطت لدى الجميع بفرحة شهر رمضان، وبخاصة الأطفال، وهي التي أبدع في كتابتها الشاعر
فؤاد حداد ولحنها وغناها الفنان سيد مكاوي.
تاريخ بدء الوظيفة
بدأتالوظيفة مع بدء التاريخ الإسلامي، حيث كان بلال بن رباح، أول مؤذن في الإسلام،و اعتاد أن يخرج قبل صلاة الفجر بصحبة ابن أم كلثوم، ويقومان بمهمة
إيقاظ الناس، فكان الأول يطوف بالشوارع والطرقات مؤذنا طوال شهر رمضان، فيتناول الناس السحور، في حين ينادي الثاني، فيمتنع الناس عن تناول الطعام.
بداية المسحراتي:
كانت البداية في مصر منذ ما يقرب من 12 قرن مضي، وتحديدا" عام 853 ميلادية، و انتقلت مهمة المسحر إلي مصر،حيث كان والي مصر العباسي “إسحاق بن
عقبة" أول من طاف شوارع القاهرة، ليلًا في رمضان لإيقاظ أهلها لتناول طعام السحور، فقد كان يذهب سائرًا على قدميه من مدينة العسكر في الفسطاط، إلى
جامع عمرو بن العاص، وينادي الناس بالسحور. ومنذ ما يقرب من ألف عام، وتحديدا" في عصر الدولة الفاطمية، أمر الحاكم بأمر الله، الناس أن يناموا مبكرا بعد صلاة التراويح، وكان الجنود يمروءن على المنازل
ويدقون أبوابها ليوقظوا المسلمين للسحور، حتي تم تعيين رجلا للقيام بتلك المهة، أطلفوا عليم اسم "المسحراتى"، كان يدق الأبواب بعصًا يحملها قائلاً: "يا أهل
الله قوموا تسحروا".
المسحراتي يواجه الاندثار:
تعرضت مهنة المسحراتيللإندثار في بلاد المحروسة، إلي أن جاء العصر المملوكي، وتحديدًا في عهد السلطان المملوكي، الظاهر بيبرس، والذي عمل علي
احيائها كتراث اسلامي، ولتحقيق ذلك أمر صغار علماء الدين بالدق على أبواب البيوت، لإيقاظ أهلها للسحور، وبعد أكثر من نصف قرن، وتحديدا في عهد
الناصر محمد بن قلاوون، ظهرت طائفة أو نقابة المسحراتية، والتي أسسها أبو بكر محمد بن عبد الغني، الشهير بـ"ابن نقطة"، وهو مخترع فن "القوما"، وهي
شكل من أشكال التسابيح، ولها علاقة كبيرة بالتسحير في شهر رمضان، ظهرت في بغداد في بادئ الأمر، قبل أن تنتقل إلي القاهرة.
تطوير مهنة المسحراتي:
تطورت مهنة المسحراتي على يدي"ابن نقطة"، المسحراتي الخاص بالسلطان الناصر محمد بن قلاوون ، فتم استخدام الطبلة، والتي كان يدق عليها دقات
منتظمة، وذلك بدلا من استخدام العصا، هذه الطبلة كانت تسمى "بازة"، صغيرة الحجم يدق عليها المسحراتى دقات منتظمة، ثم تطورت مظاهر المهنة، فأصبح
المسحراتي يشدو بأشعار شعبية.