تاريخ الأنبياء.. من إصدارات "البحوث الإسلامية" بجناح الأزهر بمعرض الكتاب
يعد تاريخ الأنبياء والرسل، هو أثبت الحلقات وأظهرها في صراع الخير مع الشر، في التاريخ البشري، تلك الحلقات التي أتى الخير فيها بحججه وآياته، وأدلته ومعجزاته، فأعرض الشر بجحوده وكبريائه، ثم استجاش على الخير بجنوده وقرنائه.
وكان الحوار والجدال، ثم الصراع والنزال، فحق الله الحق بكلماته، فنصر الخير وأظهره، وأزهق الباطل وأضمره، فخسف به تارة، وأغرقه أخري، وأخذته الرجفة مرة، وفوجئ بالصيحة أخرى.
وقد تخللت هذه المواجهات الدهر كله، منذ آدم عليه السلام إلى نبينا محمد عليه وعلى جميع الأنبياء الصلاة والسلام، وتبقى رسالة الأنبياء في جوهرها ومبادئها ممثلة في رسالة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى نهاية الدهر.
وقد جاءنا من أنبائها ما فيه مزدجر، حكمة بالغة، فلم تعد تغنى النذر، وكانت العبرة لمن اعتبر، والزجر لمن ازدجر، ومن لم يعتبر، ولم يزدجر، فالنار موعده، والنار أدهى وأمر.
والحقيقة أن تاريخ الأنبياء والرسل اشتمل على عدة إشكاليات تختلف طبيعتها، وتتباين آثارها وأبعادها. وتختلف المصادر في معالجة تلك الإشكاليات، فبينما نجد المنهج الإسلامي ينتهج نهجا يُستمد من المنقول، ويتسق مع المعقول، ويعلى للأنبياء والرسل مكانتهم ويحفظ عليهم عصمتهم، تذهب اتجاهات أخري، إلى عدم اعتبار لتلك الأسس الحاكمة في تاريخ الأنبياء والرسل وسيرهم وأحوالهم، بل إن بعضها، يصور بعض هذه الإشكاليات، وحتى الأحوال العادية، فى صورة تحكم فيها الخيال الجامح، والهوى الشارد، بعيدا عن أى اعتبار منطقى أو اتساق عقلي، فضلا عن الإطار الديني، والتقدير الخلقى والأدبى لأنبياء الله ورسله.
وقد تداخل مع تاريخ الأنبياء والرسل بعض من اشتهر في التاريخ ـ صلاحا أو فسادا ـ ممن ذكرهم القرآن الكريم والسنة الصحيحة في عصور الأنبياء، ومن هؤلاء الصلحاء والحكماء الخضر ولقمان، ومن الطغاة والفاسدين قارون . فاستلزم السياق ذكر هؤلاء .