شيخ الأزهر: الإسلام دين صالح لكل زمان ومكان يشتمل على ثوابت خالدة
يقدم جناحا الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين بمعرِض القاهرة الدولي للكتاب لزواره كتاب "مِنْ دَفَاتِرِي القَدِيمة"، بقلم الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، يتناول كلمات وأجوبة مختصرة، نُشرت معظمها في جريدة الأهرام في صفحتها الدينية، وغطت فترة زمنية امتدَّتْ من عام 1995م حتى 2003م، وتناولت العديد من القضايا الاجتماعية والدينية مِمَّا كانت تعج به ساحة المجتمع المصري في تلك الفترة، وكانت تمثل همومًا حقيقية عاشها المجتمع في ذلك الحين، وتأثر بها النَّاس في حياتهم العامة والخاصة.
يشير المؤلف في طليعة كتابه إلى أن هذه الإجابات على وجازتها وتوجهها صوب الموضوع بغير مقدمات ولا تمهيدات - جاءت بعد طول بحث وتنقيب في تراثنا "العظيم" المرتكز على كنوز: النقل والعقل والذوق، وأن الحقائق التي حملتها هذه الإجابات جاءت كلها من كنوز هذا "التراث".
وأشار الإمام الطيب إلى أنَّ الدَّرْسَ الذي يجب استخلاصه هنا هو أن هذا التراث بثوابته ومتغيراته يُمثل المرجع والمآل والظهير الذي تستند إليه الأمة الإسلامية في تطورها ورقيها، وأن ميزة هذا التراث، التي لا يتفطن لها كثير من المتحاملين عليه وعلى "ضرورته" وضرورة الاستضاءة بنوره في مسيرة الأمة ونهضتها - نابعة من طبيعة "الإسلام" ذاته، ومن خصيصته التي يتفرد بها وهي أنه "دين" صالح لكل زمان ومكان، وأنه -والأمر كذلك- لا مفر من أن يشتمل على ثوابت خالدة تمثل أصول هذا الدين وقواطعه الخالدة التي تقبل التطبيق النظري والعملي في عصر حرب الكواكب كما كانت تقبله في عصر نزول القرآن الكريم وعهد النبي سواء بسواء.
ونبه الإمام الطيب على أن أي عبث في هذه الثوابت بإلغائها أو تغييرها أو استبدالها هو عبث بمتن "الدين" نفسه، والتفاف على ذاتياته ومقوماته، وتهيئة لذوبانه في غيره أيًا كان هذا الغير، وهذه الثوابت هي عنوان وجوده ومفهومه الذي يصدق عليه، ومعظمها في باب العقائد والعبادات، وأحكام الأسرة، وقليل منها يتعلق بالأنظمة الاقتصادية والاجتماعية، وكلها مما لا يتأثر بتقلبات الزمان ولا تنقلات المكان من قريب أو بعيد، وعادةً ما يُمثل لهذا النوع الأول من ثوابت الدين بأركان الإسلام الخمسة، وما علم من الدِّينِ بالضرورة، أو ما ثبت بدليل قطعي: من المحرمات وأمهات الأخلاق وأصولها، وما جاء من ذلك في أمور الأسرة من زواج وطلاق وميراث أو أمور الاقتصاد والاجتماع والحدود، وغير ذلك، وعلى العكس من ذلك تأتي النصوص في مجال شئون الحياة اليومية المتغيرة من زمن لزمن ومن مكان لآخر تأتي نصوصًا مرنة متغيرة، تتغير معها «الفتوى" وتتبدل حسب الواقع الذي لا يكف عن التبدل والصيرورة إلا ريثما يتحول إلى شأن آخر ودواع أخرى تحتاج إلى "فتوى" جديدة قد تلتقي مع الفتاوى السابقة على نحو من الأنحاء أو تتقاطع معها جزئيًّا أو كليًّا.
ويؤكد الإمام الطيب أنه بهذين الجناحين: جناح الثوابت وجناح المتغيرات تمكنت شريعة الإسلام، وبعد ثمانين عامًا فقط، من تمام نزول القرآن الكريم، وانتقال النبي ﷺ إلى الرفيق الأعلى، تمكنت شريعة الإسلام من قيادة أوروبا وآسيا وتوجيه شعوبها صوب العلم والمعرفة، وعرفت هذه الشُّعُوب، ولأول مرة في التاريخ، معنى "المساواة" بين الناس في الحقوق والواجبات، وقيمة العدل في الحكم، والتعاون في المعاملات وبنصوص صريحة من كتاب الله تعالى وسُنَّة نبيه الكريم وسيرة أصحابه وأتباعه.
ويقرر الإمام الطيب في كتابه أنَّ هذا «التراث» بثوابته ومتغيراته يعود اليوم ليمثل «شرطًا» ضروريا لنهضة العرب والمسلمين، نهضة تُحاكي أنموذجها الحضاري الذي انبثق شعاعه من الجزيرة العربية، وأنقذ الإنسانية شرقًا وغربًا، وتحتاجه البشرية اليوم احتياج المريض إلى العلاج.
ويشتمل الكتاب على المباحث التالية: طليعة الكتاب، في السيرة الذاتية، التكوين، فضيلة «المُفْتِي الطَّيِّب»، في العقيدة، في الشريعة، الطهارة، الصَّلاة، الجنائز، الزَّكاة والصدقة، الصوم، مُفسِداتُ الصَّوْمِ، مِنْ فِقْهِ الصَّيَامِ (۱) مَنِ الَّذِي يَسقُط عنه الصَّوْمُ؟ من فقه الصيام (۲) أخلاقيَّاتُ الصَّائم، مِن فِقْهِ الصِّيَامِ (۳) أركانُ الصَّوْمِ، أمورٌ لا تُفْسِدُ الصَّوْمَ، صِيَامُ الشَّيْخ الكبير، ما يُستَحَبُّ للصَّائِمِ، مِن أسرارِ الصَّومِ (۱) سِرُّ التَّرْكِ، مِن أَسْرَارِ الصَّوْمِ (۲) سِرُّ الجُوعِ، مِن أَسْرارِ الصَّوْمِ (٣) الصمت، سلوكِيَّاتٌ مَرْفوضةٌ (۱) الإسراف في الطَّعامِ والشَّرابِ، سلوكيات مرفوضةً (۲) التَّناوُمُ في العمل، سلوكيات مرفوضةٌ (۳) الغضَبُ والضَّيقُ، سلوكيات مرفوضةٌ (٤) عقوقُ الآباء للأبناء، من فقه الصيام، الحج والعمرة مُفتي الجمهورية: وقفة عرفات... مؤتمر سنوي للمُسلمين، الأيمان والنذور وما يتعلق بها، فتاوى الخطبة والنكاح والطلاق والنفقة، الخُلع، المعاملات، المواريث والوصايا، في السلوك والتربية، عن المرأة، باب في فتاوى فقهيَّة وفِكْريَّة ومُجتمعيَّة عَصْرِيَّة، الباب الجامع.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام السابع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 54 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.