في ذكرى مولده.. أديب نوبل ساهمت ولادته المتعثرة في اسمه.. تعرض للاغتيال بسبب "أولاد حارتنا".. وسر إخفاء زواجه لمدة عشر سنوات
"إنني لم أتعود على إطفاء تلك الشموع وأنا طفل، فهل أطفأها وأنا شيخاً كبيراً!"، هكذا قال الأديب العالمي نجيب محفوظ، في المرة الأولى التي احتفل فيها بيوم مولده الموافق 11 ديسمبر.
الاحتفاء الأول بيوم مولده كان عام 1961، وكان يبلغ حينها 50 عامًا، وأقام الحفل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، ودعا فيه أم كلثوم، وذلك بعد أن عرف أنه يعشق أغانيها، كما أنه لم يلتقي بها من قبل، وحضر الاحتفال عدد كبير من الأدباء على رأسهم توفيق الحكيم وصلاح جاهين وغيرهم.
ولادة متعثرة تسببت في اسمه
كانت ولادته متعسرة جدًا، مما أرهق الطبيب الذي كان يولد أمه، واستطاع الطبيب أن ينقذه وينقذ أمه بإرادة الله، مما جعل والده يسمي ابنه اسمًا مركبًا على اسم الطبيب، وامتنانًا وعرفانًا بمجهوده فسمى الطفل نجيب محفوظ، الذي أصبح فيما بعد أبرز أدباء العرب بل العالم.
مسيرة حافلة
ولد نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا، والمعروف باسمه الأدبي نجيب محفوظ، في 11 ديسمبر 1911 بحي الجمالية القاهرة، وهو روائي وكاتب مصري كبير وكاتب عدة نصوص للسينما.
بدء نجيب محفوظ، كتاباته منذ ثلاثينات القرن الماضي، واستمر حتى 2004، وتدور جميع أحداث رواياته داخل مصر وشوارعها وحاراتها، وتشمل كل التفاصيل المصرية الدقيقة.
خطته الروائية
وبدأ نجيب محفوظ خطة الروائي الواقعي لفترة كبيره في مسيرته الروائية، والتي تتضمن العديد من الروايات، منها القاهرة الجديدة وزقاق المدق والثلاثية وخان الخليلي وغيرها، ثم اتجه محفوظ إلى الواقعية النفسية، وذلك من خلال روايته التي تسمى السراب، واتجه إلى الواقعية إلى الواقعية الاجتماعية، والتي تتمثل في بداية ونهاية وثلاثية القاهرة، واتجه أيضاً إلى الرمزية في رواياته، والتي تمثلت في الشحاذ وأولاد حارتنا، ومن ثم اتجه قليلاً إلى الفانتازيا من خلال قصص ألف ليلة وليلة.
أهم روايته
من أهم رواياته، "الثلاثية" التي تعد من الروائع الأدبية ويعتبرها البعض أفضل رواية عربية في تاريخ الأدب العربي، وتتكون من 3 قصص، هم: " قصر الشوق" عام 1956، و"بين عالمين" عام 1957، و"السكرية" عام 1957، وجميعها أسماء لشوارع حقيقية مقتبسة من حي الجمالية، ونالت "الثلاثية" اهتمام العديد من النقاد، مشيدين بطريقة سرده للحكاية.
جدل بسبب رواياته
تسببت عدة روايات له في الانتقاد وإثارة الاهتمام وردود أفعال قوية، وأدت بعضها لمحاولة اغتياله، منها رواية الثلاثية والشحاذ وأولاد حارتنا.
وأثارت رواية أولاد حارتنا تحديدًا الكثير من الجدل، وأثارت الرواية ردود أفعالٍ قوية تسببت في وقف نشرها في الأهرام، والتوجيه بعدم نشرها كاملة في مصر، رغم صدورها في 1967، في دار الآداب اللبنانية.
جاءت ردود الفعل القوية من التفسيرات المباشرة للرموز الدينية في الرواية، وشخصياتها أمثال: الجبلاوي، أدهم، إدريس، جبل، رفاعة، قاسم، وعرفة. وشكل موت الجبلاوي فيها صدمة عقائدية لكثير من الأطراف الدينية، ولم تنشر الرواية في مصر سوى عام 2006 بواسطة دار الشروق.
محاولة اغتياله بسبب أولاد حارتنا
في أكتوبر 1995 طُعن نجيب محفوظ في عنقه على يد شابين قد قررا اغتياله، لاتهامه بالكفر والخروج عن الملة بسبب روايته المثيرة للجدل.
لم يمت نجيب محفوظ كنتيجة للمحاولة، ولكن أعصابه على الطرف الأيمن العلوي من الرقبة قد تضررت بشدة أثر هذه الطعنة، كان لهذا تأثيرٌ سلبي على عمله، حيث أنه لم يكن قادرًا على الكتابة سوى لبضع دقائق يوميًا.
وفيما بعد أُعدم الشابان المشتركان في محاولة الاغتيال رغم تعليقه بأنه غير حاقدٍ على من حاول قتله، وأنه يتمنى لو أنه لم يُعدما.
وخلال إقامته الطويلة في المستشفى زاره محمد الغزالي، والذي كان ممن طالبوا بمنع نشر أولاد حارتنا.
سر غريب في حياته
تزوج نجيب محفوظ في فترة توقفه عن الكتابة بعد ثورة 1952 من السيدة "عطية الله إبراهيم"، وأخفى خبر زواجه عمَّن حوله لعشر سنوات، متعللاً عن عدم زواجه بانشغاله برعاية أمه وأخته الأرملة وأطفالها.
في تلك الفترة كان دخله قد ازداد من عمله في كتابة سيناريوهات الأفلام، وأصبح لديه من المال ما يكفي لتأسيس عائلة، ولم يُعرف عن زواجه إلا بعد عشر سنواتٍ من حدوثه، عندما تشاجرت إحدى ابنتيه «أم كلثوم» مع زميلة لها في المدرسة، فعرف الشاعر صلاح جاهين بالأمر من والد الطالبة، وانتشر الخبر بين المعارف.
الفوز بجائزة نوبل
يعد نجيب محفوظ، أول أديب عربي يفوز بجائزة نوبل في عام 1988.
الأعمال الفنية المقتبسة
يعتبر الفنان نور الشريف أكثر من شارك في أفلام ومسلسلات مقتبسة عن روايات نجيب محفوظ، إذ شارك في أكثر من 10 أفلام ومسلسلات، بينما تعتبر شادية أكثر ممثلة في أفلام نجيب محفوظ، وأما كتاب السيناريو، فكان أكثرهم ممدوح الليثي بسبعة أفلام، ثم مصطفى محرم بستة أفلام، ومن المخرجين حسن الإمام، وحسام الدين مصطفى.
وفاته
ورحل "أديب نوبل"، نجيب محفوظ في 30 أغسطس 2006، تاركاً خلفه إرثاً وأثراً ضخمًا، وكانت الوفاة عن عمر ناهز 95 عامًا أثر قرحة نازفة بعد عشرين يوماً من دخوله مستشفى الشرطة، في حي العجوزة، في محافظة الجيزة، لإصابته بمشكلات صحية في الرئة، والكليتين.