الدكتور علي الدين هلال في حواره مع «بصراحة»: مصر نجحت في تنظيم مؤتمر المناخ ورسائل الود الأمريكي واضحة.. كل ما يخطر في ذهن السياسيين سيناقش في الحوار الوطني وسنستمع للجميع ما عدا من تلوثت يده بالدماء
مصر نجحت نجاحا مبهرا في تنظيم والإعداد مؤتمر المناخ.. بينما فشل زعماء الدول الغنية
الدول الغنية الصناعية لا تريد أن تتكبد تكاليف الخسائر والدمار الذي نفذته على البيئة
وجود قادة العالم في مصر ليس بجديد فمصر تاريخيا هي أحد أهم عواصم العالم
تطوير الإمكانيات البشرية وتأهيلها لتنظيم الأحداث العالمية أحد أهم مكاسب مصر من مؤتمر المناخ
الآليات الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان هي الآليات الكفيلة لتحقيق العدل والقانون للجميع
«بايدن» أرسل رسائل واضحة خلال زيارته برغبة أمريكا في توطيد واستمرار العلاقات الجيدة مع مصر
صورة الرئيس السيسي و«بيلوسي» تعطي انطباعا بوجود علاقة صداقة ومودة بينهما
الحوار الوطني هو جهة رأي بمشاركة جميع الآراء ما عدا كل من تلوثت يده بالدماء
كل ما يخطر على ذهن السياسيين والمشاهدين سيتم مناقشتها داخل الحوار الوطني
تحول الأحزاب إلى أجهزة تنموية وإغاثية أو جمعية أهلية غير مقبول لكن جائز في الوضع الحالي
تنسيقية شباب الأحزاب تجربة إيجابية.. استمرار نجاحها مرتبط بالتقييم من فترة إلى أخرى
قيمة سياسية تختار كلماتها بحرفة شديدة، جلس في انتظارنا رغم تأخرنا على الموعد المحدد دون انزعاج فقط ردد كلمة واحدة «كله من وقتك»، حتى وإن كانت دقائق معدودة فمع انتهاء لقاءك ستتحسر على ضياعها دون الاستفادة من علم وقدرات وذكاء الدكتور علي الدين هلال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ومقرر المحور السياسي بالحوار الوطني.
«هلال»، كشف خلال حواره مع «بصراحة»، مكاسب مصر من تنظيم قمة المناخ ورسائل الرئيس الأمريكي جو بايدن في لقاءه مع الرئيس السيسي على هامش القمة التي انعقدت في شرم الشيخ، مضيفا أن كافة الملفات السياسية مطروحة للمناقشة في الحوار الوطني الذي قد تبدأ فعالياته قريبا.
وإلى نص الحوار:
في البداية.. حدثنا عن تقييمك لقمة المناخ COP27 في شرم الشيخ؟
نجحت مصر نجاحا مبهرا في تنظيم المؤتمر والإعداد له بينما فشل زعماء الدول الغنية بالوفاء بتعهداتهم في المؤتمر .. ودعنا نعود لمؤتمر جلاسكو COP26 تعهد رؤساء الدول التي هي سبب في تلوث المناخ بتعهدات معينة ولم يحدث.. عندما تقرأ البيان الصادر لختام المؤتمر تجد حديث عذب دون إلزام واضح للدول .. وتصريحات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش أكدت ذلك.
هل يعني ذلك أن تلجأ الدول الفقيرة لنهضة صناعية دون النظر لقضية المناخ هي أيضا؟
المتسبب في أزمة المناخ نوعين من الدول.. أولها الدول الصناعية المتقدمة وهي مجموعة العشرين.. وهناك ثلاثة دول هم ضمن أهم الملوثين وهي «أمريكا، الصين، الهند» بسبب مصانعهم التي تعمل بالبترول أوس الغاز أو الفحم وهي مصادر طاقة أحفورية، بجانب الدول المنتجة للنفط بسبب الغازات المصاحبة لعملية التنقيب واستخراج النفط.. بينما الدول الفقيرة وخاصة إفريقيا إسهامها في تلوث المناخ حتى هذه اللحظة، لا يتجاوز 5% وإن كانت تملك الاتجاه للتنمية فلن تتأخر.. لكن الوضع الحالي يطرح عدم التكافؤ في العلاقات الدولية.. فالدول الغنية الصناعية لا تريد أن تتكبد تكاليف الخسائر والدمار الذي نفذته على البيئة.
على هامش قمة المناخ كان هناك حضور قوي لأغلب قادة العالم.. كيف استفادتمصر من ذلك؟
بالطبع مصر استفادت .. لكن علينا ألا ننسى أن وجود قادة العالم في مصر ليس بجديد فمصبر تاريخيا هي أحد أهم عواصم العالم، وفي عهد الرئيس عبد الناصر لا ننسى قمة عدم الانحايز بحضور قادة 50 دولة وغيرها من المؤتمرات واللقاءات الهامة عبر التاريخ .. إذا يجب ألا نبرز حضور قادة العالم لمصر وكأنها أول مرة ولكنه استمرار وتطوير لمكانة مصر الدولية .. بجانب ذلك فعلينا أن نفهم أن قمة المناخ هو مؤتمر تابع للأمم المتحدة وقبولها رغبة مصر بانعقاده في بلدنا هو تأكيد على ثقتها في مصر لكونها قادرة على التنظيم ولديها من الإمكانيات اللوجستية والبشرية ما يمكنها من إعاشة وإغاثة ونقل 60 ألف شخص .. واكتسبت مصر أيضا الكثير من تنظيمها للمؤتمر ومنه تطوير إمكانياتها البشرية التي استفادت من التجربة فالعدد الهائل من الشباب والعاملين بالتنظيم اكتسبوا خبرة لا تقدر بمال وأعتقد أنهم سيكون لهم دورا كبيرا في مساعدة دولة الإمارات في تنظيمها للمؤتمر بالعام القادم.. واستفادت مصر أيضا بكونها أصبحت مركزا للإعلام الدولي طوال هذه المدة بجانب العديد من الموارد الاقتصادية والاتفاقيات الهام وشركات خاصة أعلنت دخولها بشراكات لتصنيع الهيدروجين الأخضر.
ما زلنا في قمة المناخ.. كيف تحلل قمة الرئيس السيسي ونظيره الأمريكي جو بايدن؟
إشارة لا تخطئها العين أن أمريكا لديها رغبة في تطوير علاقات إيجابية مع مصر.. ويجب أن نفهم سبب الزيارة ونحلل التصريحات لنستنتج الرسائل الخفية منها، بداية الرئيس الأمريكي قادة لقمة المناخ وليس لمصر وهو حدث دولي حريص على المشاركة به.. إنما أتوقف أمام يبدأ «بايدن» حديثه قائلا «أنا سعيد إني في مصر أم الدنيا» .. وهو ليس مضطرا لقول ذلك.. وبعدها ينهي حديثه «أرجو أن ينتهي هذا المؤتمر ونحن أقرب لبعضنا البعض»، إذا فالرئيس الأمريكي وصانعي القرار هناك ممن يكتبون خطابات الرئيس حريصون على بناء علاقات جيدة مع مصر.
وماذا عن كلمة الرئيس السيسي خلال اللقاء؟
الرئيس السيسي كان يعرف ماذا يدور في رأس «بايدن» عن ملف حقوق الإنسان باعتبارها قضية مثارة في الكونجرس وغيره، فبدأ حديثه قائلا «موضوع حقوق الإنسان نحن شكلنا لجنة للعفو الرئاسي ودعونا لحوار وطني بمشاركة الجميعة وأصدرنا وثيقة لاستراتيجية حقوق الإنسان في مصر.. وأعتقد أن هذا الملف يسير بشكل جيد».. هنا أريد أن أرسل التحية للرئيس السيسي، فهو لم يقل تسير بشكل ممتاز لكنه كان له تقدير دقيق للموقف في ملف حساس له الكثير من الجوانب القضائية والأمنية وأكاد أقول أن الرئيس خطا خطوة استباقية في هذا الملف.. وبعدها تحدث عن علاقات البلدين التي استمرت لمدة 40 عاما ليعطي رسائل عن استدامة العلاقات الراسخة لا تتعرض لهزات مهما تغير رئيس أو لحدوث موقف هنا وهناك.
في نفس السياق.. كانت صورة الرئيس السيسي مع رئيسة الكونجرس الأمريكي.. كيف رأيتها؟
نفس الأمر.. قلت أن الرئيس الأمريكي كان يرغب في إرسال رسائل واضحة من زيارته برغبة أمريكا في توطيد العلاقات الجيدة مع مصر.. ونانسي بيلوسي رئيسة الكونجرس الأمريكي بصحبة وفد كبير من رؤساء اللجان بالكونجرس وعقدت عدة اجتماعات مع ممثلي الحكومة والقطاع الخاص وأيضا ممثلي حقوق الإنسان.. واجتماعها مع الرئيس السيسي وصورتهما الشهير، كان بها حميمية بغض النظر عن ماذا قالت له لكنها أرادت أن تعطي انطباعا بوجود علاقة صداقة ومودة بينهما.
وماذا عن مؤتمر سناء سيف عن شقيقها علاء عبد الفتاح ومحاولةاستقوائها بالخارج؟
أثبتت التجربة أن من يريد تغيير أو تصحيح أوضاع حقوق الإنسان في مصر عليه أن يفعل ذلك من داخل الدولة المصرية، وأعتقد أن الآليات الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان هي الآليات الكفيلة لتحقيق العدل والقانون للجميع.
أيام ونستعد لبدء فعاليات الحوار الوطني .. ما هي أهم ملفات المحور السياسي؟
لدينا 3 محاور معروفة لدى الجميع هي «السياسي، الاقتصادي، المجتمعي» وجميعها تنقسم لعدة لجان، أم عن المحور السياسي فلدينا الكثير من الملفات لمناقشتها سواء مباشرة الحقوق السياسية أو الأحزاب أو المحليات، والحوار الوطني هو جهة رأي بمشاركة جميع الآراء ما عدا كل من تلوثت يده بالدماء وهذه الأفكار والآراء ترسل لصاحب الدعوة رئيس الجمهورية وهو من يحولها للجهات التشريعية أو التنفيذية لتحقيق هذه الآراء بعد الاتفاق عليها.
كان لك رأي بخصوص بعض الملفات السياسية ونظام الانتخابات؟
أنا يمتنع علي قول رأي في أيا من الملفات باعتباري مقرر المحور السياسي وهذا أحد أهم القواعد المنظمة للحوار لأن رأيي الآن قد يعطي شبهة إني أستميل أو أضغط لرأي ما.. فالأفضل أن أحتفظ برأيي لحين بدء الجلسات.
في لجنة الأحزاب .. ما هي أهم الملفات المقترحة؟
قانون الأحزاب ولجنة الأحزاب ومناقشة طريقة حلها وتنظيم دمجها وطرق تمويلها ومن أين تحصل على الأموال .. وهل تعود الدولة لدعم الأحزاب ماديا؟.. وهل نترك الباب مفتوحا لتأسيس الأحزاب. ولن أكون مبالغا إذا قلت أن كل ما يخطر على ذهن السياسيين والمشاهدين سيتم مناقشتها داخل الحوار الوطني.
في حديثك عن دور الأحزاب .. هل تعتقد أن الجانب المجتمعي ومساعدة الأهالي أحد وظائف الحزب السياسي؟
لو كنت سأحاضر لطلابي في الكلية كنت سأجاوبك بأن وظيفة الأحزاب الأساسية كما تطورت في الغرب هو نشر الوعي السياسي ونشر أفكار الحزب.. لكن الواقع المصري مختلف ونصف أعضاء البرلمان مرتبطون بأزمات لدوائرهم الانتخابية.. وأذكر وقتما كنت وزيرا للشباب أحد أعضاء مجلس النواب تقدم بسؤال لي بسبب سقوط سور لأحد مراكز الشباب، لكن ظروفنا السياسية وأوضاعنا البيروقراطية هي التي تجبر النواب والأحزاب للقيام بهذا الدور.. وهذا وضع خطأ وحله هو تنشيط الأجهزة المحلية بحيث لا يضطر النائب للتدخل.. ولدينا قطاع واسع من الفقراء إن تحدثت معهم عن الديمقراطية والحرية والعدالة لن تجد أذانا صاغية لكنك تحاول أن تصل إليه بالطريقة التي يفهمها.. وهذا لم يحدث في زمن ثورة 1919 لكن كانت هناك قضية وطنية ضد الإنجليز إذن «عندما يكون الإنسان محتاجا لا تخاطبه بلسان السياسي».. أن تتحول الأحزاب إلى أجهزة تنموية وإغاثية أو جمعية أهلية غير مقبول لكن جائز في الوضع الحالي إذا كان هو الطريق الوحيد للاستماع إليك.
لكن ماذا عن المال السياسي؟
المال السياسي هو جزء من السياسة في العالم أجمع حتى في الدول الغنية، لكن علينا أن نفرق بين «كرتونة رمضان» التي هي قد نعتبرها جزء من المسؤولية والمشاركة الاجتماعية للأحزاب مثلها مثل كثير من مؤسسات الدولة، وبين شراء أصوات الناخبين وهو شكل فج للمال السياسي وهو غير مقبول ويجب أن تحاربه بالوعي السياسي والاجتماعي وهو خط الأمان الأخير وتعمل عليه.
برغم ارتفاع عدد الأحزاب نجد المنتمين حزبيا نسبة الشعب المصري عدد محدود.. حتى بعض السياسيين يفضلون عدم الانضمام للأحزاب.. فما رأيك في ذلك؟
للأسف أعتذر لسيادتك لن أستطيع الإجابة لكن سؤالك يفتح الطريق للتساؤل في البداية لماذا ينضم الإنسان إلى حزب «لو سألتك كصحفي لماذا تدخل نقابة الصحفيين هتقولي عشان مقدرش أمارس المهنة من غير ما أكون عضو نقابة.. لكن قولي الناس في مصر تدخل الأحزاب ليه.. احنا مش زي باقي العالم الأحزاب مختصة بفئات معينة وبتخدمها زي حزب العمال حزب الفلاحين ومفيش تدريب للقيادة بشكل كبير زي ما بنشوف للعالم وده هيتم مناقشته في الحوار الوطني ليه عزوف المصريين عن الأحزاب.. كمان عدد هذه الأحزاب وبرامجها السياسية اللي أغلبها متشابه».
تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين تجربة سياسية أثبتت نجاحها على مدار السنوات الماضية.. كيف تقيمها؟
كنت متابع لهم من البداية، «بدأت بفكرة وترشيح الأحزاب لبعض شبابهم ليجلسوا مع بعض ويتناقشوا ويشوفوا إيه اللي بيجمعهم وإيه اللي مختلفين عليه وإزاي نصل لوجهات نظر متقاربة».. إذا لو نحللها هي ليست حزبا أو جبهة لكن هي مجموعة تنسيق بين الشباب والسياسيين على مدى السنوات أصبح لهم بعد سنوات وجهة نظر هامة وعدد منهم أصبحوا نواب محافظين وبرلمانيين.. «عايز بس أقول حاجة إحنا في مصر بنضخم الأشياء إن كل حاجة أعظم حاجة وأخطر شيء لكن لازم يبقى فيه تقييم للتجربة بعد سنوات لو حققت 80% نجاح يبقى أنا ناجح.. والتنسيقية تجربة فيها إيجابيات كثيرة لكن عشان تضمن هذه الإيجابيات يجب أن تقيم التجربة كل فترة».