أحمد السمان.. أول مصري أصم يعمل في الإخراج السينمائي.. بحب السيما غير حياته بصدمة ودفعه للعمل بعد عشق الفن السابع.. ويبحث عن الريادة في صناعة الأفلام
كان في عامه الثاني، عندما فوجئت والدته بأنه أصم، وفي عامه الحالي يجلس الرجل الذي لم يعد طفلا، وعلى ظهره لافتة معلقة كُتب عليها بخط سحري «مخرج»، ليصبح أول مخرج سينمائي أصم في مصر، وما بين هذا وذاك قصة طويلة من التحدي.
أحمد السمان.. بسبب الإعاقة التي لاحقته في سبن مبكرة، لم يستطع إكمال تعليمه، إلا أنه قرر يصبح مختلفا بعد مشاهدته فيلم «بحب السيما» الذي تم عرضه في دور السينما عام 2005، والذي شكل صدمة له ودفعه منذ ذلك الحين لعشق الفن السابع – بحسب ما يرويه في حديثه لموقع سكاي نيوز عربية
رغم عزم السمان على الشروع في تعلم العمل الفني والسينمائي، حيث يتطلب ذلك دراسة ولو بسيطة تدعم الموهبة، فإن الأمر لم يكن سهلا لهذه الدرجة، إذ تعرض لحادث ترك أثرا في جسده، مما جعله يشعر بإحباط كبير، لكنه لم يتوقف وعمل في أكثر من مجال ليتمكن من الحصول على أموال تساعده على تحقيق حلمه.
نجح السمان فيما كان يرنو إليه، ليصبح مخرجا سينمائيا ينتج الأفلام بطريقة ما يعرف بـ«فريق الرجل الواحد» ، ومع إنتاج فيلمه الثاني عام 2017، الذي تم عرضه في مهرجانات عدة صغيرة ومتوسطة، شجعه هذا الأمر على الاستمرار في مهمته وممارسة الأمر الأكثر قربا لقلبه.. الرجل الذي كان يتصور أنه بمثابة سحر أن تُعطى إشارة باليد فيبدأ العمل، أصبح هو نفسه الساحر الآن.
يشير السمان إلى أن العمل بهذه الطريقة يجعله يبذل جهدا مضاعفا، إذ يرتدي سماعتين على سبيل المثال لتحسين السمع، فيما يواصل جلسات التخاطب، مما جعله يتكلم بشكل مفهوم حتى ولو صعب، لكن في النهاية تغطي سعادته وهو خلف الكاميرا على كل هذه المتاعب التي تنتهي بانتهاء العمل مكللا بالنجاح.
ويعكف السمان الآن على عمل فيلم وثائقي كبير يتناول سيرته الذاتية، وكيف تغلب على العديد من الصعوبات لتحقيق حلمه، مع كل التنمر الذي تعرض له، إلى جانب العوائق المالية التي كانت أكثر قوة من الإعاقة السمعية، لكن في الوقت نفسه يعطي أملا بأن الأماني لا تزال ممكنة.
وقد صنع أفلام قصيرة عدة بعد كل هذه الفترة، عرضت بعضها في مهرجانات دعم الأفلام ذات الميزانيات المنخفضة، لكن سعادته الكبيرة عندما علم أن أطفالا بنفس معاناته يشاهدونها. هذه الرسائل جعلته أكثر عزما على السير في طريقه، وربما تكون إجابة وافية على سؤاله منذ البداية: «دلني يا رب».
ومع ذلك لا تزال الصعوبات مستمرة، فيؤكد السمان فشله في الحصول على بطاقة الدعم التكاملية لذوي الإعاقة في مصر، على الرغم من حقه فيها، وذلك لشراء معدات تصوير تساعده في العمل الفردي، حيث تتحصل بعض الجهات الرسمية على دعم خاص لهذا النوع من الإنتاج السينمائي، ويرى أنه يستحقه فعلا كمنتج ومخرج ناشئ.
المعاناة المادية للسمان تظهر بعد طلبه المشاركة في مهرجان «ديتمولد السينمائي» بألمانيا، إذ لم يكن يمتلك حق التأشيرة، لكن مع موافقة المهرجان على مشاركته وعلمهم بحالته كان الرد واضحا: «عظيم يا أحمد أنك تصنع أفلاما"، ليتم منحه تأشيرة بعدها بوقت قليل، إلا أن ضيق الوقت لم يمكنه من السفر للمشاركة».
يتمنى السمان أن يصبح رائدا لصناعة الأفلام التي تصور حياة ذوي الإعاقة، ليس في مصر فقط وإنما على مستوى الوطن العربي، خاصة وأن هذا النوع ليس موجودا بشكل مرضي لهذه الفئات، بينما ينتظر من فيلمه الوثائقي المقبل أن يسهم في توصيل رسائل هذه الفئات إلى المجتمع، وأن يحقق نجاحا بقدر تحدياتهم التي لا تنتهي.