عزف نشيد وطني بأقدم مساجد بريطانيا ودار الإفتاء المصرية تحسم الجدل
استفتى إمام مسجد شاه جهان، أقدم مساجد المملكة المتحدة ببريطانيا، دار الإفتاء المصرية، عن حكم عقد خدمة مدنية في المسجد البريطاني، «شاه جيهان» وكجزء من الخدمة كان هناك صلاة إسلامية وتلاوة بالإضافة إلى صلاة مسيحية واحدة تلاها كاهن مسيحي وانتهت بالنشيد الوطني، بينما اعترض بعض المسلمين وبينوا أن ذلك ما كان يجب أن يحدث في المسجد وأنه شرك، وبين إمام مسجد «شاه جهان» إن الخدمة المدنية كانت تجمع مختلطا من الرجال والنساء وضيوف من الحكومة المحلية ونائب محلي وعمدة المدينة وشخصيات أخرى.
بين إمام مسجد شاه جهان، إنه خلال الخدمة المدنية، جلس الرجال والنساء المسيحيون مع عائلاتهم وجلس الرجال والنساء المسلمون مع عائلاتهم وأرسلوا لباسا للنساء عبارة عن غطاء للرأس وفستان طويل وسال إمام مسجد شاه جهان هل يجوز إقامة خدمه مدنيه في قاعه المسجد وهل يجوز عزف النشيد الوطني في قاعة المسجد، حيث تحدث بعده الى الناس وأدى صلاة الظهر وهل يستطيع كاهن مسيحي أن يصلي بقوله أبانا للمسيحيين والمسلمون صامتون ويسمعون فقط في نفس المصلى، وهل يجوز أن يكون هذا التجمع المختلط في مصلى المسجد.
أجابت دار الإفتاء المصرية أن المساجد بيوت الله المعظمه يشترط لدخولها تعظيمها بما عظمها به الله تعالى من إظهار التوقير والإجلال لها وتزيينها عن كل ما قد يخل بقدسيتها إو يقلل من حرمتها إذ هي أماكن مخصصه للصلاه وذكر الله تعالى وعبادته.
وبينت الإفتاء إنه لا يخل بقدسية المسجد أو يقلل من حرمته أن يدخله غير المسلمين من المسيحيين ويصلوا فيه صلاتهم خاصة إذا كان ذلك بقصد التعاون وإبراز ما بين المسلمين وبينهم من المشترك الإنساني والقيم الأخلاقيه التي نادى بها المسلمون والمسيحيون على السواء مع الالتزام برعايه حرمه المسجد والحرص على نظافته والحفاظ على قدسيته بالتزام آدابه ومراعات حقوقه وقد كان ذلك من هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث استقبل وفد نصارى نجران في مسجده وسمح لهم بإقامه صلاتهم فيه واستضافة ثقيف فأقامو فيه أياما مع ما تقتضيه هذه الإقامه من أن يتكلموا ويتباحثو ويصلو فيه ويشاهدون صلاة المسلمين ويشاهد المسلمون صلاتهم.
وبينت دار الإفتاء أن ما ورد في بعض عبارات الفقهاء مما يفيد القول بكراهته أو تقييده معلل بسياقاته التاريخيه ومقيد بملابساته الخاصه التي لا يمكن إسقاط شيء منها على الواقع المسؤول عنه لتباعد الزمان واختلاف الأنظمه الاجتماعيه والسياسيه وتبدل الأحوال حتى صارت هذه الصوره للخدمه المدنيه جزءا من التعايش السلمي بين المسلمين وغيرهم وتطبيقا عمليا لمبدا المواطنه ومواكبه لمجتمع الدوله المدنيه.
ذكرت دار الإفتاء أنه يشترط لجواز القيام بهذه الخدمة المدنية بين المسلمين وغيرهم في المسجد
ما يأتي:-
أولا: أن يكون المقصد من وراء هذا الاجتماع التعاون وإبراز المشترك الإنساني .
ثانيًا: ألا يكون في هذه الاجتماعات تطرق للخلافات أو النزاعات أو إثارة الشبهات.
ثالثًا: الالتزام بآداب المسجد ورعاية قدسيته والحفاظ على حرمته فإذا التزمت هذه الآداب وروعيت تلك الشروط لم يكن هناك ما يمنع من إقامه هذه الخدمة المدنية بما تشتمل عليه من عظات أو صلوات خاصة إذا كان الهدف والمقصد من وراء ذلك هو تحقيق السلم المجتمعي.
أضافت دار الإفتاء المصرية في فتواها بشأن عزف النشيد الوطني في المسجد، إنه قد اتفقت الأعراف الدولية في جميع دول العالم على أن عزف النشيد الوطني يقصد منه نفع الوطن ويكون فيه لحظات إنصات، ويلزم عن ذلك أن عزف النشيد الوطني في قاعه المسجد لا يصاحبه ضجيجا ولا لغط بين الحاضرين ولا غير ذلك مما قد يمس بمكانة المسجد واحترامه.
ثانيا: أن النشيد الوطني إما أن يكون كلمات دون موسيقى أو موسيقى تعزف بدون كلمات أو كلمات مصاحبه بموسيقى وهو ما يعرف بالسلام الوطني فإن كان كلمات دون موسيقى فهو من قبيل الشعر وقد أباح الشرع الشريف إنشاد الشعر في المسجد إن كان معناه حسنا أو يحض على فعل الخير وذلك لما صح من إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لإنشاد حسان بن ثابت رضي الله عنه الشعر في المسجد.
أضافت دار الإفتاء في فتواها أن النشيد الوطني إن كان موسيقى مصحوبة بكلمات، ما يعرف بالسلام الوطني أو كلمات مصاحبة للموسيقى فإن الشرع الشريف قد أباح الاستماع إلى الموسيقى بسائر أشكالها بشرط أن لا يقارنها ما هو محرم شرعا كشرب الخمر أو المجون.
واشترطت الإفتاء في عدم تحريم الموسيقى ألا تكون مما يحرك الغرائز المحرمة ويبعث على الفسوق، وهذه الشروط متحققات في السلام الوطني اذ هو مقطوعة موسيقية ملحنة على نشيد البلد أو الوطن تكون رمزا للبلد أو الوطن وتعزف في الحالات العسكريه وبعض المناسبات العامة مما يقتضي أن تكون موسيقى جادة ورصينة، مبينة أن ماجاء منها حسنه حسن وقبيحه قبيح.
بينت الإفتاء بخصوص العزف في المسجد أن النبي صلى الله عليه واله وسلم لم ينه عن ذلك، وأشارت دار الإفتاء المصرية أن قول الكاهن المسيحي "أبانا" للمسيحيين والمسلمون يسمعون فاذا أجاز لهم الصلاة مع ما فيها من طقوس والمسلمون يشاهدون جاز لهم ما دونها من الألفاظ والمسلمون يسمعون، حيث أن القاعدة ان ما جاز في الاعلى بعمومه جاز في الادنى بخصوصه.
بينت دار الإفتاء في فتواها ذكرت، في حكم الاختلاط بين الرجال والنساء في المسجد، أن الذي عليه عمل المسلمين سلفا وخلفا ان مجرد وجود النساء مع الرجال في مكان واحد ليس حراما في ذاته وانما الحرمه هي في الهيئه الاجتماعيه اذا كانت مخالفه للشرع الشريف وكان يظهر النساء ما لا يحل لهن إظهاره شرعا أو يكون الاجتماع على منكر أو لمنكر أو أن يشتمل الاختلاط بين الرجال والنساء على تلاصق أو تلامس.
وبناء على ذلك أفتت دار الإفتاء المصرية إمام مسجد شاه جهان في واقعة إقامة الخدمة المدنية بالصورة التي سأل عنها بأنه لا مانع شرعا من إقامة الخدمة المدنية بالصورة المذكورة في قاعة المسجد، ولا حرج على المسلمين من عزف النشيد الوطني الخاص ببلد المواطنين المشاركين، ولا حرج على المسلمين فيما تشتمل عليه عظة الكاهن المسيحي من قوله أبانا موجها خطابه للحاضرين المسيحيين، والمسلمون يسمعون ذلك.
وبينت دار الإفتاء إن كل ما سبق مشروط بأن يكون المقصود بهذه الخدمه إصلاح المجتمع ونفعه، وإبراز العامل الإنساني المشترك بين المسلمين وغيرهم.