رئيس التحرير
محمود سعد الدين
NationalPostAuthority
الرئيسية حالا القائمة البحث
banquemisr

زكي رستم في ذكراه.. ابن الذوات يتمرد على تقاليد الباشوية

من يراه مرتديا جلبابه الصعيدي ممسكا بسبحته ناظرا هذه النظرة القاسية لا يصدق أبدا أنه ابن الباشوات الذي ولد وفي فمه بالفعل ملعقة ذهبية، إنه الفنان ذو الألف وجه الذي برع في كل شخصية يلعبها.

الميلاد والأسرة وخلافه مع أمه:

إنه الباشا القاسي قلبه، رب الأسرة المكافح، أبو البنات المحب، معلم سوق الخضار، خاطف الأطفال،إنه الفنان الكبير زكي بيك رستم.

ولقب بيك هنا هو لقبه الرسمي.

وولد رائد مدرسة الاندماج المصرية يوم 5 مارس 1903. وتوفى يوم 15 من فبراير 1972 .

ويعتبر من أهم ممثلي السينما المصرية، واختير من قبل مجلة (باري باتش) كواحد من أفضل 10 ممثلين في العالم.

في رصيده أكثر من 240 فيلم، لم يعرف منها سوى 55 فيلمًا.

ولد في قصر جده اللواء محمود رستم باشا بحي الحلمية، الذي كانت تقطنه الطبقة الأرستقراطية في أوائل القرن الماضي،

كان والده محرم بك رستم عضواً بارزاً بالحزب الوطني القديم، وصديقاً شخصياً للزعيمين مصطفى كامل ومحمد فريد.

في عام 1920 نال زكي شهادة البكالوريا ورفض استكمال تعليمه الجامعي، وكانت أمنية والده أن يلحقه بكلية الحقوق، إلا أنه اختار هواية فن التمثيل.

في عام 1924 كانت رياضة حمل الأثقال هوايته المفضلة، وفاز بلقب بطل مصر الثاني في حمل الأثقال للوزن الثقيل.

التقى وقتها بالفنان "عبد الوارث عسر" الذي ضمه إلى إحدى فرق الهواة المسرحية وكانت هذه نقطة التحول في حياته.

وبعد وفاة الأب تمرد على تقاليد الأسرة العريقة معلناً انضمامه إلى فرقة جورج أبيض، فطردته أمه من السرايا لأنه مثل سيئ لإخوته، بعدما خيرته بين الفن والتحاقه بكلية الحقوق، فاختار المسرح فأصيبت بالشلل حتى وفاتها.

انضم إلى فرقة "عزيز عيد" ثم تركه بعد شهور لينضم إلى فرقة "اتحاد الممثلين"لكن لم يستمر فيها طويلاً فتركها.

بعد ذلك انضم إلى "الفرقة القومية" وكان يرأسها في ذلك الوقت الفنان "خليل مطران" وظل فيها عشرة أعوام كاملة.

بدايته مع السينما:

اختاره المخرج محمد كريم ليشترك في بطولة فيلم "زينب" الصامت تأليف الدكتور "حسين هيكل" وإنتاج يوسف وهبى وكان أمام الفنانة بهيجة حافظ،ليبدأ مشواره مع السينما .

وقدم على سبيل المثال "العزيمة" 1939 و"زليخة تحب عاشور" 1939 و"إلى الأبد" 1941 و"الشرير" 1942 و"عدو المرأة" 1946 و"خاتم سليمان" و"ياسمين" و"معلش يا زهر" 1947 و"بائعة الخبز" 1953 و"الفتوة" 1957 و"امرأة على الطريق" 1958 وآخر أفلامه "أجازة صيف" 1967.

كتب عنه جورج سادول المؤرخ والناقد السينمائي الفرنسي إنه فنان قدير ونسخة مصرية من أورسن ويلز بملامحه المعبرة ونظراته المؤثرة.

واختارته مجلة «بارى ماتش» الفرنسية بوصفه واحداً من أفضل عشرة ممثلين عالميين.

خوف زملائه من اندماجه :

أطلق عليه "رائد مدرسة الاندماج". فكان نموذجاً رائعاً للنجم السينمائي المنفرد في مواهبه، الذي يقوى على أن يتقمص أيشخصية مهما تعددت حالاتها النفسية ومواقفها المتقلبة والمتلونة، فكان لا يكاد ينتهى من أداء موقف من المواقف أمام الكاميرا حتى تتصاعد موجة من التصفيق من كل الحاضرين في البلاتوه، بمن فيهم من شاركوه تمثيل الموقف.

فاتن حمامة كانت تخاف من اندماجه عندما يستولى عليه فتقول: "يندمج لدرجة أنه لما يزقنى كنت ألاقى نفسى طايرة في الهواء".

وتحكي الفنانة نجوى فؤاد قصة ثناء تصوير فيلم “ملاك وشيطان”،وكان الصمم قد تمكن منه أنها أخطأت في الحوار عدة مرات، فصفعها بقوة وبكت بشدة وخافت منه وأن طاقم العمل أخبرها أنه لا يسمع لكنه يقرأ حركات الشفاهالخاصة بالممثلين أمامه ومن هنا يبدأ تمثيل دوره.

عندما عرضت عليه شركة كولومبيا بطولة فيلم عالمي رفض زكي رستم ولما سألوه عن سبب الرفض قال بغضب: "غير معقول اشتغل في فيلم يعادى العرب".

إقرأ أيضا :من مصّ القصب إلى الخلاف على الفلوس.. قصة اللقاء الأول بين زكريا أحمد وأم كلثوم

إقرأ أيضا :زكريا أحمد في ذكراه.. شيخ الملحنين الظريف المطرود من الأزهر

كان الفن عنده هو البلاتوه ولحظة خروجه منه تنقطع الصلة بينهما تماماً ولهذا لم يكن له أصدقاء.

صديقه الوحيد هو ابن طبقته سليمان نجيب وابن صديق والده الذي رباه بعد وفاة والده مصطفى بيكنجيب.

وكان يحترم ويحب الفنان عبد الوارث عسر، وعاش طوال حياته أعزب لا يفكر في الزواج لا يشغله سوى الفن.

إعتزاله ووفاته :

في سنواته الفنية الأخيرة عانى من ضعف السمع وكان يكره أن يستعين بسماعة من تلك الاختراعات الإلكترونية.

كان يسكن بمفرده في شقة بعمارة يعقوبيان بشارع 26 يوليو.

ولم يكن يؤنس وحدته سوى خادم عجوز قضى في خدمته أكثر من ثلاثين عاماً وكلبه الوولف الذي كان يصاحبه في جولاته الصباحية.

في عام 1962 حصل على وسام الفنون والعلوم والأدب من الرئيس جمال عبد الناصر.

في عام 1968 توقف الفنان زكى رستم تماماً عن التمثيل وابتعد عن السينما واعتزل الناس بعد أن فقد حاسة السمع تدريجياً وكان يقضى معظم وقته في القراءة

عن عمر يناهز التاسعة والستين.

          
تم نسخ الرابط