في الذكري الـ 91 لميلاد «دلوعة السينما المصرية»..الفنانة شادية أيقونة الرقة والجمال والمرح والدلال والحب وأبرز رموز السينما المصرية.. الشيخ الشعراوي سر اعتزالها للفن ومساعدتها في طريق الإيمان
يحل اليوم الاثنين الثامن من فبراير الذكري الـ 91 لميلاد الفنانة الكبيرة شادية، والتي ولدت في مثل هذا اليوم عام 1931، بمحافظة الشرقية لعائلةٍ من أصول تركية، وأسمها الحقيقي فاطمة أحمد كمال شاكر، ورحلت عن عالمنا في 28 نوفمبر عام 2017.
كان لديها خمسة إخوةٍ وأخوات، كانت أصغر إخوتها وثاني أصغر أخواتها. إحدى أخواتها تدعى عفاف شاكر امتهنت التمثيل ثم اعتزلت بعد فترة.
أحبت شادية الغناء منذ طفولتها وشُجعت على متابعة الموسيقى في مدرستها الابتدائية. وفي عمر الخامسة عشر بدأت رحلتها في عالم التمثيل، واعتُبرت صوت مصر في أوقات الشدة والحرب، وكانت مشهورةً بأغانيها الوطنية مثل "يا حبيبتي يا مصر" و"أقوى من الزمن"، كما شاركت في مجموعةٍ من المسرحيات الغنائية في مصر والعالم العربي نذكر منها "الوطن الأكبر" والجيل السعيد" و"صوت الجماهير".
كانت شادية من هواة الفن لدرجة أنها قدمت في المسابقة التي أقامها أحمد بدرخان ونجحت في هذه المسابقة نجاح منقطع النظير جعلته يفكر في أن يعطيها دور في فيلمه “القاهرة بغداد” وكان بطولة الفنانة مديحة يسري وبشارة واكيم وحقي الشبلي.
بدأت الفنانة شادية مشوارها الفني في منتصف الأربعينات، واستمرت على القمة حتى منتصف الثمانينات من القرن الماضي، ورغم اعتزالها واختفائها عن المشهد الفني ظلت في وجدان جمهورها حتى رحيلها في 28 نوفمبر عام 2017.
بلغت شادية ذروة النجاح في الفترة الممتدة بين الخمسينيات والستينيات إذ مثلت في العديد من أفلام الدراما والأفلام الرومنسية والكوميدية، ورغم ذلك تعتبر موهبتها الغنائية هي مفتاح وصولها إلى الشهرة لتصبح واحدةً من أهم نجوم السينما المصرية آنذاك.
مثلت فيما يزيد عن المئة فيلم وتألقت في أكثر من ثلاثين منها مع الممثل كمال الشناوي، وغنت برفقة عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش في مجموعةٍ من الأفلام مثل "معبودة الجماهير" عام 1967، كما ظهرت مع فاتن حمامة في "موعد مع الحياة" في 1954 وفي "المرأة المجهولة" عام 1959.
إضافةً إلى أنها برزت في مجموعةٍ من الأفلام كـ "اللص والكلاب" عام 1962، وشاركت بمجموعةٍ من الأفلام الكوميدية نذكر منها "الزوجة رقم 13" عام 1962 و"مراتي مدير عام" في 1966.
على الرغم من الطابع الرومنسي والكوميدي الذي طغى على معظم أفلامها، إلّا أنّها جسدت العديد من الأدوار الهامة بعيدًا عن تلك الأدوار مثل "الطريق" عام 1964. أما عن مشاركاتها المسرحية فاقتصرت على مسرحية "ريا وسكينة" المقتبسة من قصة حقيقية تتحدث شقيقتين مصريتين تعتبران من أشهر السفاحين في زمنهم، وأخرج المسرحية حسين كمال عام 1953.
كما أنتجت فيلمين بنفسها وظهرت في عدة أفلام في اليابان.
تزوجت المطربة شادية من الفنان عماد حمدي إلا أنهما انفصلا بعد حوالي ثلاث سنوات. أحبت الفنانة شادية المطرب فريد الأطرش واتفقا على الزواج ولكن تراجعوا عن ذلك لأن شادية كانت تحب الهدوء وفريد الأطرش كان من هواة السهر والحفلات اليومية، تزوجت الدلوعة من الفنان صلاح ذو الفقار الذي أحبها أثناء تصوير فيلم أغلى من حياتي إلا أنهما انفصلا بعد عام واحد من الزواج لتوتر العلاقة بينهما.
"جه حبيبي وخد بإيدي.. قلت له أمرك يا سيدي.. جه وعرّفني طريقي وسكتي.. وفي هداه وفي نوره مشيت خطوتي"، إحدى أهم الأغنيات الدينية التي تغنت بها الفنانة شادية وآخر ما قدمت على خشبة المسرح، وبكت خلال تأديتها، ليأتي بعدها قرار اعتزال الفن وارتداء الحجاب.
في عز تألق الفنانة شادية ونجاحها، خصوصًا مع النجاح الجماهيري الذي كانت تحققه مسرحية ريا وسكينة وقتها في الثمانينات، مرت شادية بأزمات كثيرة أثرت سلبًا عليها، منها وفاة شقيقها طاهر، وبدأت في المداومة على صلاة الفجر، لا سيما عند عودتها متأخرة ليلًا بعد انتهاء العرض المسرحي.
بدأت الفنانة شادية في قراءة الكتب الدينية، والإكثار من العبادات، وخلال تأدية مناسك الحج التقت بالشاعرة علية الجعار، واتفقتا على كتابة أغنية دينية، وبالفعل جاءت أغنية "خد بإيدي"، التي بكت خلالها على المسرح احتفالًا بالليلة المحمدية، لتقرر الاكتفاء بتأدية الأغاني الدينية فقط.
كانت الفنانة شادية قد التقت الشيخ محمد متولي الشعراوي قبل اعتزالها في الحرم المكي، وتحدثت معه عن فكرة التوبة وهل يغفر الله الذنوب، وطمأنها فضيلة الشيخ، وعندما حاولت "شادية" حفظ الأغنيات الدينية لم تستطع، فقررت الذهاب إلى الشعراوي، لتقرر بعدها الاعتزال وارتداء الحجاب كما تمنت، وفي تسعينات القرن الماضي، قال الشيخ الشعراوي عن الفنانة شادية: "كنت في دهشة بالغة للغاية وأنا أرى أمامي تلك المطربة التي أطربت الجماهير بصوتها، جاءت تسمتع إلى صوتي الذي لا رتم فيه ولا موسيقى، كنت أتحدث إليها فتهتز وتحلق في سمو روحي وتطلب مني ألا أكف عن الكلام، لقد وجدت الطريق إلى الإيمان وطلبت مني أن أعينها لتسير فيه بخطوات ثابتة فأعنتها".
وفى حوار نادر ووحيد عام 1993 عرضه برنامج "معكم منى الشاذلى"، على قناة cbc تحدثت شادية عن خطواتها نحو الاعتزال وأسباب هذا القرار وتفاصيل حوارها مع الشيخ الشعراوى.
وقالت شادية خلال الفيديو أنها فكرت فى الاعتزال قبل مسرحية ريا وسكينة، وأنها كانت من قبل تمثل وتغنى وهو ما يجعلها تعمل طوال الوقت، فإن لم تجد رواية جيدة تجد اغنية جيدة أو العكس، فكانت حياتها مليئة بالعمل، وبدأت تشعر بأنه لا شيئ يعجبها من الروايات والأغانى أو أحيانا يصيبها الكسل فلا تقرأ ما يعرض عليها من روايات.
وقالت شادية خلال الفيديو النادر أنها فكرت فى الاعتزال حتى تحدث معها المخرج حسين كمال واقترح عليها المشاركة فى مسرحية، فتعجبت وقالت أنها تفكر فى الاعتزال فكيف تتجه للمسرح لأول مرة فى حياتها، وعندما طرح عليها اسم الرواية " ريا وسكينة" جذبتها وأخبرته بأن يرسل لها الرواية، وبمجرد أن قرأت الفصل الأول قررت أن تقدمها، ولكن كان لديها مخاوف فكيف تقدم مسرحا لأول مرة وتمثل يوميا، وبالفعل قدمتها لمدة 4 شهور وحققت نجاحا كبيرا.
واكتفت الفنانة شادية بعد ما قدمته من رصيد فني تجاوز الـ 100 عمل، بـ"الاحتجاب" بعيدًا عن الأضواء، وقررت أن تعيش في "خلوة" تصلي وتقرأ القرآن الكريم، وتطلع على كتب التفسير، والاكتفاء بعمل الخير تقربًا إلى الله، من ذلك تبرعها بشقة تملكها في المهندسين إلى جمعية مسجد الدكتور مصطفي محمود، الذي حولها إلى مركز للاكتشاف المبكر للسرطان، يتبع المجمع الطبي للمسجد.
وأشارت شادية خلال الفيديو أن عملها بالمسرح جعلها تعود للمنزل فى وقت متأخر وتنتظر صلاة الفجر ولم تكن تصليه من قبل، ومن هنا بدأ مشوار رحلتها إلى الله فاعتادت أن تصلى الفجر وتوقظ والدتها للصلاة معها ثم تقرأ القرآن وتبكى وتدعو الله بأن تحج إلى بيته الحرام.
وأضافت أنها فى هذا الوقت كان يجب أن تذهب فى رحلة علاجية إلى أمريكا، وبالفعل سافرت وعادت من رحلتها لتؤدى مناسك العمرة، وبعدها تحدث معها على هيكل عن مشاركتها بأغنية دينية فى المولد النبوى فتحمست وبالفعل غنت الأغنية.
وقالت محبوبة الجماهير:" عمرى ما حسيت بأمان وراحة زى ماحسيت فى الأغنية دى"
وتابعت:" أديت العمرة والحج وقررت ألا أشارك في أفلام ولكن يمكن أن أقدم أغاني"، مؤكدة أنها كانت تشعر بالقلق ولم تعجبها أى كلمات وفقدت القدرة على حفظ أى اغنية، وتحدثت مع الشاعر أحمد شفيق كامل ووصفت له شعورها، فقال لها أنها تريد ان تتحجب وأن هذا ما يجب أن تفعله، وفى اليوم التالى تحدثت مع الشيخ الشعراوي وطلبت مقابلته وبالفعل ذهبت للقائه.
وتحدثت شادية خلال الفيديو النادر عن تفاصيل لقائها بالشيخ الشعراوى والحور الذى دار بينهما خلال هذا اللقاء.
لم تندم شادية يومًا على عملها في مجال الفن، أحبته وأعطته كل ما لديها من موهبة منحها الله إياها، برعت في الغناء والتمثيل والكوميديا والتراجيديا، وعندما قررت الاعتزال اتجهت لعمل الخير، وفي كل أوقاتها ظلت شادية معبودة الجماهير أينما حلت.