اكتئاب الشتاء.. حين يغير البرد«كيمياء الروح».. وفرويز: مفتاح التفرقة بين «المزاج العابر» و«الاكتئاب الحقيقي»

مع أول نسمات باردة تطرق باب الشتاء، حيث لا ينكمش النهار وحده، بل تنكمش معه أرواح كثيرة، إنه «اكتئاب الشتاء»، حيث يأتي الليل مبكرًا والضوء ينحسر، ويجد بعض الشباب أنفسهم في حالة مزاجية ثقيلة تهبط عليهم بلا إنذار، وكأن الشتاء لا يغير الطقس فحسب، بل يغير كيمياء الروح.

في حديث لـ«بصراحة» مع شباب يواجهون هذه المعركة الخفية كل عام، تقول ملك محمود (22 عامًا): «كل سنة أول ما الشتاء يدخل بحس إني بقوم من النوم مخنوقة من غير سبب».

أما علي أحمد (25 عامًا) فيصف بداية يومه بكلمات قصيرة لكنها كافية: «يومي بيبدأ تقيل كده مع دخول الشتاء، ومش بقدر أركز في أي حاجة».

وتضيف فاطمة محمد (30 عامًا) تجربتها التي تتكرر معها كل موسم: «الموضوع بقى عادة عندي، أول ما الجو يبرد بحس إني مش أنا، مفيش طاقة، ومفيش نفس أخرج ولا أكلم حد».

ولفهم هذه الظاهرة، تحدثنا إلى استشاري الطب النفسي د. جمال فرويز، الذي أوضح أن اكتئاب الشتاء يظهر لدى البعض مع تغيّر الفصول، وغالبًا بدرجات خفيفة تزداد مع بداية البرد، وهناك كثيرون يشعرون بانقباض نفسي في الصباح يتحسن مع مرور ساعات اليوم، لكن نحو 3–5% من الناس يعانون من صورة أشد من الاكتئاب الموسمي، تترافق مع أعراض مثل: فقدان الشغف، ضعف التركيز، بطء الحركة، ثقل في الصدر، اضطرابات النوم والشهية، وتغيّرات واضحة في السلوك.

ويشير د. فرويز إلى أن أبرز ما يميز الحالات الخفيفة هو اختلاف المزاج بين الصباح والمساء، حيث يبدأ اليوم بضيق واضح ثم تتحسن الحالة تدريجيًا مساءً، وهذه الدورات المزاجية تتكرر لدى بعض الأشخاص كل عام مع دخول الشتاء.

أما عن العلاج، فيوضح استشاري الطب النفسي، أن مضادات الاكتئاب ليست الخيار الأمثل غالبًا، وأن مثبتات المزاج تكون أكثر فاعلية لأنها تضبط التقلبات التي تتبدل خلال اليوم.

وحول التفرقة بين «المزاج الشتوي العابر» و«الاكتئاب الموسمي الحقيقي»، يشرح د.فرويز أن الأمر يعتمد على مراقبة المزاج خلال اليوم: إذا تحسّن المزاج بين النهار والمساء، فغالبًا هي حالة مؤقتة.

أما إذا استمر انخفاض المزاج طوال اليوم ولساعات ممتدة، وعلى مدار أيام في موسم الشتاء فهنا نتحدث عن اكتئاب موسمي يحتاج إلى تدخل طبي.

ويؤكد أن أسباب الاكتئاب تختلف من شخص لآخر، وقد يُصاب به البعض دون وجود سبب واضح على الإطلاق.