عثر على "شيكارة فلوس" ورفض 20,000 جنيه مكافأة.. "عبد الله فوزي" موظف محكمة ديروط يضرب أروع أمثلة الأمانة: "دي فلوس شقا مزارع غلبان.. واللي عند الله أبقى"

في زمن طغت فيه المادة وشكا فيه الجميع من ضيق الحال، خرج من قلب صعيد مصر، وتحديداً من مركز ديروط بمحافظة أسيوط، شعاع نور يؤكد أن "الخير في وفي أمتي إلى يوم الدين"، بطل هذه الملحمة الإنسانية هو الأستاذ "عبد الله فوزي عبد الله"، سكرتير الجلسة بمحكمة ديروط الكلية، الذي سطر موقفاً نبيلاً سيظل محفوراً في ذاكرة الأهالي، حينما عثر على مبلغ مالي ضخم يقدر بـ 150,000 جنيه، وأعاده لصاحبه المزارع البسيط، رافضاً بـ "إباء وشمم" استلام مكافأة مالية قدرها 20,000 جنيه، معتبراً أن ما عند الله خير وأبقى.
*القصة بدأت بـ "كيس أسود" وإيصال بنجر*
روى "ابن الأصول" تفاصيل الواقعة لـ "بصراحة الإخباري"، مشيراً إلى أنه أثناء سيره صباحاً بجوار مكتب بريد ديروط متجهاً لعمله بالمحكمة، لفت انتباهه "كيس أسود" ملقى بجانب الرصيف في منطقة حيوية ومزدحمة، وبدافع الفضول والمسؤولية التقطه، ليفاجأ بأنه يحتوي على رزم مالية كبيرة، والأهم من ذلك، عثر بداخله على "إيصال توريد محصول بنجر السكر" صغير الحجم، وهو الخيط الرفيع الذي قاده لإعادة الأمانة.
وأوضح "عبد الله" أنه احتفظ بالمبلغ في مكتبه بالمحكمة طوال اليوم، نظراً لوجود "تفتيش قضائي" منعه من المغادرة، وبمجرد انتهاء عمله، لم يذهب لبيته، بل تواصل فوراً مع "أدمن" الجروبات الشهيرة بمركز ديروط على "فيسبوك"، طالباً نشر إعلان عن العثور على "مبلغ مالي كبير" دون تحديد قيمته، لضمان وصوله للمالك الحقيقي.
*لحظة تسليم الأمانة.. ورفض الـ 20 ألف جنيه*
لم تمر ساعات قليلة حتى انهالت الاتصالات، وكان من بينها اتصال من مزارع بسيط يدعى "أحمد محمد عبد الرحمن" من قرية "بانوب"، والذي أدلى بأوصاف المبلغ بدقة متناهية ( 140,000 جنيه فئة المائتين، و 10,000 جنيه فئة المائة)، والأهم أنه ذكر تفاصيل "إيصال البنجر" المربوط مع النقود بـ "أستك"، هنا تيقن "عبد الله" أنه وصل لصاحب الحق.
وكانت اللحظة الأكثر تأثيراً حينما حاول المزارع، الذي كاد يطير فرحاً بعودة شقاء موسمه الزراعي، أن يمنح "عبد الله" مبلغ 20,000 جنيه كمكافأة، إلا أن الموظف الأمين رفض بشكل قاطع، وقال جملته المؤثرة: "أنا فلاح زيك وعارف يعني إيه إيجار الفدان بـ 45,000 جنيه، ويعني إيه شقا وتعب في الأرض.. الفلوس دي حلالك ورجعتلك عشان أنت راجل شقيان، وأنا عملت كدا لوجه الله".

*تكريم قضائي يليق بالفرسان*
لم يمر هذا الموقف النبيل مرور الكرام، حيث فوجئ "عبد الله" باتصال هاتفي من المستشار أحمد بيك حامد، رئيس الاستئناف بمحكمة شمال أسيوط الابتدائية، يطلب حضوره، ليتم استقباله بحفاوة بالغة وتكريمه بشهادة تقدير رسمية وسط زملائه، تقديراً لأمانته التي رفعت رأس كل العاملين بمنظومة العدالة.
واختتم "عبد الله فوزي"، الأب لـ 3 أبناء، حديثه لـ "بصراحة" برسالة للشباب قائلاً: "من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.. الحرام مبيعمّرش، والبركة في الرضا والستر.. وأنا كسبت دعوات الناس وده عندي بكنوز الدنيا".


جوجل نيوز
واتس اب