شريان ديروط يتوقف… ومدينة كاملة تبحث عن مخرج بعد غلق نفق القرشية!

يشهد مركز ديروط بمحافظة أسيوط واحدة من أعقد الأزمات المرورية منذ سنوات، عقب غلق نفق القرشية الذي يُعد أحد أهم وأقدم المنافذ الحيوية التي تربط جانبي المدينة، مما أدى إلى حالة اختناق مروري خانق، وتكدسات امتدت لمسافات طويلة، وسط استياء واسع بين الأهالي الذين يعتمدون على النفق في تنقلاتهم اليومية.

■ قنطرة تاريخية عمرها 160 عامًا
يرتكز النفق على منشأة هندسية قديمة تُعرف بـ قنطرة الديروطية القديمة، التي جرى تصميمها في عام 1860، وتضم سبع عيون كاملة.
خلال العقود الماضية تم فصل عينين فقط وتحويلهما إلى ممرّ النفق المستخدم حاليًا، بينما ظلت خمس عيون غير مستغلة أسفل خط السكة الحديد.
■ السبب الحقيقي للإغلاق: “خطر داهم” فوق القضبان
على عكس ما ظنه البعض، لم يُغلق النفق بسبب وجود خلل مباشر فيه، وإنما بسبب مشكلة إنشائية خطيرة في العيون الخمس المغلقة من القنطرة.
فوق تلك العيون، توجد قضبان السكة الحديد محمولة على طبقة من الزلط. ومع الزمن بدأت هذه الطبقة في التسرب داخل الفراغات الموجودة بين العيون، مما تسبب في:
خلخلة واضحة في تماسك الزلط
حدوث اهتزازات أو ما يُعرف بـ “السوستة” عند مرور القطارات
تسجيل أجهزة القطار إشارات بوجود خلل في المسار
هذه الظاهرة اعتبرتها هيئة السكك الحديدية “خطرًا داهمًا” يهدد سلامة حركة القطارات، وهي أعلى درجات التحذير في منظومة تشغيل السكة الحديد.
■ قرار الغلق وتسليم الموقع
بناءً على خطاب رسمي من هيئة السكك الحديدية، تم تسليم القنطرة بالكامل إلى الهيئة، مصحوبًا بقرار غلق النفق حتى انتهاء الأعمال الهندسية اللازمة لمنع أي مخاطر محتملة على القطارات.
ويعكس القرار إدراكًا لخطورة الوضع، خاصة أن أي خلل في هذا الموضع قد يؤدي إلى عواقب لا يمكن تحملها على خطوط الصعيد.

■ مقترحات هندسية مطروحة لحل الأزمة
تعمل الجهات الفنية حاليًا على دراسة حلين رئيسيين:
المقترح الأول (الأساسي لدى السكة الحديد):
غلق العيون السبع بالكامل من الجهتين
ملؤها بالخرسانة
تدعيم المسار العلوي للقطارات
وفي حال رغبة المدينة في إعادة فتح النفق مستقبلًا يجب تقديم طلب رسمي للقاهرة وانتظار الموافقة وتوفير ميزانية كبيرة
المقترح الثاني (مطروح محليًا ويحظى بقبول شعبي):
غلق الخمس عيون غير المستخدمة فقط
ترك العينين المستخدمتين كنفق مفتوحتين
تدعيم فتحتي النفق إنشائيًا
ملء العيون الأخرى بالخرسانة لضمان استقرار الزلط ومنع الهبوط
وتشير التقديرات إلى أن العينين المستخدمتين للنفق لا تمثلان أي خطر على القطارات، بعكس الخمس عيون الأخرى التي تتسبب في المشكلة الإنشائية الحالية.
■ ديروط… شلل مروري وتذمر شعبي
منذ اللحظة الأولى للإغلاق، شهدت ديروط:
تكدسات مرورية حادة عند مداخل ومخارج النفق
بطء شديد في حركة المركبات
تعطل مصالح المواطنين
زيادة الضغط على شوارع بديلة ضيقة
صعوبة عبور المشاة وكبار السن
تعطّل الطلاب والموظفين عن مواعيدهم اليومية
الأهالي يؤكدون أن النفق شريان حياة للمدينة، وأن غلقه ترك أثرًا مباشرًا على الحركة التجارية والتنقلات الحيوية بين جهتي ديروط.
كما طالبت شريحة واسعة بتوفير رجال مرور ثابتين لتنظيم الحركة، وإعادة سيارات موقف الغروب لمكانها الأصلي، وإخلاء شارع المكتبات لتسهيل الانسياب المروري.
■ مسؤولية مشتركة وحل ينتظره الشارع
الأزمة لم تعد مجرد ملف هندسي، بل تحولت إلى قضية رأي عام يؤثر على الحياة اليومية لعشرات الآلاف من سكان ديروط.
ويترقب المواطنون ما ستسفر عنه:
أعمال هيئة السكة الحديد
موقف مجلس مدينة ديروط
دور نواب البرلمان في تسهيل اعتماد المقترح الأنسب
سرعة إيجاد حل يحافظ على سلامة القطارات دون التضحية بالممر الحيوي الوحيد للمدينة
وأخيرًا تتجلى في أزمة نفق القرشية معادلة صعبة بين أمان القطارات فوق الأرض وأمان المواطنين وحياتهم اليومية تحتها.
ومع اشتداد الضغط الشعبي وتفاقم الازدحام، يبقى السؤال:
أي الحلول سيُعتمد؟ وهل يستعيد ديروط نفقه الحيوي قريبًا أم يستمر الشلل المروري؟





جوجل نيوز
واتس اب