«ربيتهم بالقرآن وبعت البيت عشانهم».. "بصراحة" يحاور صابر سعيد "الأب القدوة" الذي هزم السرطان وصنع 3 أطباء

في منزل يملؤه الدفء، حيث تتعانق ضحكات الأحفاد مع صبر الأجداد، التقى "موقع بصراحة الإخباري" بالأستاذ صابر سعيد محمد، كبير المعلمين في مادة الرياضيات بالمعاش، والأب القدوة لمحافظة أسيوط لعام 2025، في حوار حصري كشف فيه فصولاً من رحلة كفاح ملحمية، هزم فيها مرض السرطان اللعين، ونجح في تحويل المعاناة إلى نجاح باهر، بصناعته لثلاثة أطباء من أبنائه.

تبدأ القصة، كما يرويها الأستاذ صابر، بنيّة صادقة وجهد متواصل امتد لأكثر من 25 عامًا. "السر كله في القرآن"، بهذه الكلمات بدأ الأب القدوة حديثه، موضحًا أنه حرص على أن يختم أبناؤه الثلاثة القرآن الكريم كاملًا وهم في المرحلة الابتدائية. "علموهم القرآن، والقرآن سيعلمهم كل شيء"، كانت هذه قاعدته التي بنى عليها مستقبل أسرته.
اكتشاف المرض.. ورحلة العذاب والأمل
لم تكن الرحلة سهلة على الإطلاق. ففي الوقت الذي كان فيه أبناؤه في بداية المرحلة الإعدادية، اكتشف الأستاذ صابر إصابته بالسرطان صدفة، عن طريق طبيب صديق له لاحظ تعبه وعرض عليه إجراء أشعة، لتكشف الفحوصات عن وجود أورام.
"كانت قصة صعبة لا أستطيع حكي تفاصيلها الآن لأني أتعب"، بهذه الكلمات حاول الأستاذ صابر اختصار سنوات من الألم، شملت عمليات جراحية متعددة، واستئصال إحدى كليتيه، وجلسات كيماوي متكررة، حتى أن الأطباء، كما تروي زوجته، أخبروه صراحة: "لو عدت السنة دي هتكون معجزة".

التحدي المزدوج.. مصاريف العلاج وأحلام الأبناء
وهنا، وجد الأب نفسه أمام تحدٍ مزدوج: تكاليف العلاج الباهظة، ومتطلبات دخول أبنائه الثلاثة كليات القمة. يروي الأستاذ صابر بكلمات بسيطة وعميقة حجم التضحية: "المرتب كان محدود، وفي الجامعة بعنا البيت وبعنا شققنا، بعنا كل حاجة عشانهم".
هذا الكفاح لم يكن من طرف واحد، فزوجته، السيدة الفاضلة، كانت الجندي المجهول، تتفرغ لمذاكرة الأبناء ومتابعتهم ليلًا ونهارًا، بينما كان هو يتابعهم في المدارس كرئيس لمجلس الأمناء، ويؤمن لهم كل متطلباتهم. "كنت بقبض 500 جنيه لمروة و500 لهالة و250 لعلاء (أبناؤه)، ومش مهم البيت فيه إيه"، هكذا وصف أولوياته.
حصاد الكفاح.. 3 أطباء في خدمة المجتمع
وكان الحصاد على قدر التعب. فقد تحققت أمنية الأب، وأصبحت ابنته الكبرى الدكتورة مروة مدرس أمراض باطنة، والابن الوحيد الدكتور علاء أخصائي أشعة بمستشفى طب الأزهر.
أما ابنته الثانية، الدكتورة هالة صابر، التي رأت معاناة والدها مع المرض اللعين، فقد اختارت التخصص الطبي، وكما ذكر مقدم اللقاء، فإن قصة كفاح والدها كانت دافعًا لها لتتخصص في مجال الأورام، لتوضح هي بنفسها أنها تعمل حاليًا "أخصائي طب أسرة". وقالت الدكتورة هالة لـ«بصراحة»: "كنا دائمًا شايفين معاملته لجدي وجدتي، وهو نفسه كافح من صغره عشان يبقى دكتور ودخل كلية علوم، فكان ده دافع كبير لينا".
دموع الفرح.. ورسالة الأب القدوة
وعن شعوره لحظة تكريمه من الوزارة، يقول الأستاذ صابر: "أكبر حاجة عندي هي نجاح أولادي وتوفيقهم". وتدخلت زوجته لتصف المشهد قائلة: "بمجرد دخولنا الوزارة وسماع أول أغنية (ده أبوها)، الدموع نزلت مني، وتمنيت أن يكون الأبناء معنا في هذه اللحظة".
ورغم رحلة المرض القاسية، يرفض الأب القدوة أن يطلب أي شيء لنفسه. "أنا مش عايز آخد، أنا عايز أدي البلد"، هكذا قال بعزة نفس، مؤكدًا أن البلد تحتاج للكثير.
واختتم الأستاذ صابر سعيد حواره مع "بصراحة" بتوجيه رسالة لكل من يتابعه، ملخصًا سر نجاحه في كلمتين: "النية الصافية". "نحن نعمل بنية صافية لربنا، وهو يكرمك ويعطيك. والعلم يجلب كل شيء؛ المال والصحة والثروة". أما رسالته لمرضى السرطان فكانت: "القرآن، والعلاج، والعزيمة القوية، والأمل في أنك ستعيش".


جوجل نيوز
واتس اب