سليمان عيد.. ضحكة لا تغيب وذكرى تبقى في قلوب المصريين

في مثل هذا اليوم، يحتفل الوسط الفني وجمهور السينما والمسرح بذكرى ميلاد الفنان الراحل سليمان عيد، أحد أبرز الوجوه الكوميدية التي طبعت بصمتها على الشاشة المصرية والعربية لسنوات طويلة، فبين البساطة والصدق، استطاع أن يحجز لنفسه مكانة خاصة في قلوب الجمهور، ليبقى حضوره حيًا رغم الرحيل.
البداية من الطفولة وشغف الفن
منذ طفولته، كان سليمان عيد مولعًا بالتمثيل وتقليد الشخصيات، محاطًا بدعم أسرته التي لاحظت حسه الفكاهي وقدرته على الإضحاك بعفوية، ومع مرور السنوات، اختار أن يصقل موهبته أكاديميًا، فالتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وهناك بدأت ملامح شخصيته الفنية تتشكل بوضوح، مؤمنًا بأن الضحك رسالة إنسانية قبل أن يكون وسيلة للترفيه.
من خشبة المسرح إلى شاشة السينما
في أواخر الثمانينيات، كانت بدايته الفعلية من خشبة المسرح، حيث شارك في عدد من العروض التي لفتت الأنظار إلى موهبته. وبرغم أن أدواره كانت صغيرة في البداية، إلا أن حضوره الطاغي وروحه المرحة جعلاه نجمًا محببًا لدى الجمهور وزملائه.
وفي مطلع التسعينيات، انتقل إلى السينما، وكانت محطة الانطلاق الأبرز في مشواره فيلم "الإرهاب والكباب" عام 1992 ، وبعد ذلك شارك مع الفنان عادل إمام، والذي فتح أمامه أبواب الشهرة وأكد امتلاكه لموهبة خاصة تجمع بين خفة الظل والأداء الطبيعي البعيد عن التصنع.
رحلة فنية غنية ومتنوعة
بعد النجاح الكبير الذي حققه في السينما، توالت مشاركات سليمان عيد في عشرات الأفلام والمسلسلات والمسرحيات، منها صعيدي في الجامعة الأمريكية، التجربة الدنماركية، يوم مالوش لازمة، رمضان مبروك أبو العلمين حمودة، طير إنت وغيرها من الأعمال التي أصبحت علامات في الكوميديا المصرية.

لم يكتفِ بالكوميديا وحدها، بل خاض تجارب درامية ناجحة مثل مسلسل "قهوة المحطة"، مؤكدًا أن الممثل الحقيقي قادر على التنوع وإثبات نفسه في مختلف الأنماط الفنية.
ملك الأدوار القصيرة
ورغم أنه لم يتصدر البطولات المطلقة، إلا أن سليمان عيد كان يعرف جيدًا كيف يصنع البهجة في مشهد واحد، فقد اشتهر بقدرته على تحويل الأدوار الصغيرة إلى لحظات خالدة في ذاكرة الجمهور، ما جعله يستحق عن جدارة لقب "ملك الأدوار القصيرة".
كان بسيطًا في أدائه، قريبًا من الناس في شكله وأسلوبه، فامتلك حب الجمهور دون تكلف، وظل مثالًا للفنان الذي يعمل بإخلاص بعيدًا عن الأضواء الصاخبة.
رحيل مفاجئ ووداع مؤثر
في صباح 18 أبريل 2025، تلقى الوسط الفني نبأ رحيل الفنان سليمان عيد إثر أزمة صحية مفاجئة عن عمر ناهز 64 عامًا، ما ترك صدمة كبيرة بين زملائه ومحبيه.
وأُقيمت صلاة الجنازة بعد صلاة الجمعة في المجمع الإسلامي بمدينة الشيخ زايد، حيث شيّعه الفنانون والجمهور في مشهد مهيب غلبت عليه الدموع والدعوات بالرحمة.
إرث فني خالد
على مدار أكثر من ثلاثة عقود، شارك سليمان عيد في ما يزيد عن 150 عملًا فنيًا متنوعًا بين السينما والمسرح والدراما التلفزيونية، تاركًا إرثًا فنيًا ثريًا وذكرى لا تنسى في ذاكرة الفن المصري.
برحيله، فقدت الكوميديا المصرية أحد وجوهها الأصيلة، لكن ابتسامته ما زالت تُرسم على وجوه كل من يشاهده، ليبقى خالدًا في وجدان محبيه كرمز للبساطة، والعفوية، والبهجة التي لا تنطفئ