رئيس التحرير
محمود سعد الدين
NationalPostAuthority
الرئيسية حالا القائمة البحث

أبو القاسم.. بطل في الظل ينظّف "هوايات" الموت من أجل لقمة العيش

أبو القاسم أثناء عملة
أبو القاسم أثناء عملة

في زوايا المهنة التي لا يراها أحد، حيث الغبار والدخان والمخاطر تحيط بكل حركة، يقف "أبو القاسم" شامخًا. رجل خمسيني، يعمل منذ أكثر من 20 عامًا في واحدة من أخطر المهن في قطاع النظافة والصيانة: تنظيف "هوايات" المطاعم والفنادق والمطابخ الكبيرة – تلك الفتحات العملاقة التي تسحب الأبخرة والدهون والحرارة، وتحتاج إلى عناية فائقة لتعمل بكفاءة وأمان.

أبو القاسم، ابن محافظة قنا في صعيد مصر، ترك بلدته منذ أكثر من 22 عامًا ليستقر في الغردقة، ساعيًا خلف الرزق. منذ ذلك الحين، وهو يمارس عمله بكل صبر وتفانٍ، متحديًا خطر الموت اليومي. فالمهمة ليست فقط شاقة، بل شديدة الخطورة أيضًا؛ إذ يُعلق نفسه داخل أنظمة التهوية الضيقة باستخدام الحبال، وقد يكون مصيره كارثيًا إذا انقطع الحبل أو أُعيد تشغيل المروحة دون علم.

ورغم قسوة المهنة، فإن الابتسامة لا تفارق وجهه، مدفوعًا بحبه لأسرته. هو أب لأربع فتيات، أكبرهن في الصف الثالث الإعدادي، يحلم لهن بمستقبل آمن ومشرق، يختلف عن معاناته اليومية في مواجهة الدهون المحترقة والمراوح الحادة والأنفاق المعدنية.

يقول أبو القاسم:

"مكنتش يوم اتخيل إني هعيش وسط الهوايات، بس ربنا كاتبلي السعي هنا.. ورزقي هنا. بخاف على نفسي، بس أكتر بخاف على بناتي.. عايزهم يتعلموا ويعيشوا كويس."

قصته نموذج حي للرجال الذين يصنعون الفارق دون أن يُسلَّط عليهم الضوء. رجال يعملون في صمت، ويواجهون الموت كل يوم، فقط ليؤمِّنوا حياة كريمة لعائلاتهم.

تحية تقدير واحترام لأبو القاسم ولكل من يشبهه من أبطال لقمة العيش 

          
تم نسخ الرابط