لم يكن يعلم أن باب رزقه سيتحول إلى قبره.. قصة رمزي الترزي ضحية عقارات حدائق القبة

لم يكن رمزي عطية مصطفى يتخيل أن يوم الجمعة سيحمل له نهاية لم تخطر له على بال كعادته، استيقظ مبكرًا، فتح باب محله الصغير في حارة أبو سيف بمنطقة الخليج المصري، داخل حدائق القبة، ارتدى ملابس العمل، وأعد ماكينة الخياطة لاستقبال زبائنه، غير مدرك أن خيوط عمره قد أوشكت على الانقطاع.
ترزي الحي الذي أحبه الجميع
كان رمزي شابًا بسيطًا، يبلغ من العمر 33 عامًا، يعمل ترزيًا داخل دكان صغير يتوسط الحي الشعبي عرفه الناس بابتسامته الهادئة، وأسلوبه الطيب، ويده الماهرة التي تصلح الثياب وترتق القلوب لم يكن فقط "رمزي الترزي"، بل كان ابن الحتة، الذي يعتمد عليه الجميع، ويلجأ إليه سكان الحي في أفراحهم وأزماتهم.
لحظات الرعب.. وصوت الموت يقترب
في تمام العاشرة صباحًا تقريبًا، وبينما كان رمزي مشغولًا بعمله، دوّى صوتٌ مفزع هزّ أرجاء المكان، ارتجّت جدران الحارة، وعلت الصرخات.
العقارات المتهالكة المجاورة (رقم 20 و22) لم تتحمل أكثر، فانهارت بشكل مفاجئ، وسقطت أجزاء منها فوق المحل مباشرة.
في لحظة، تحوّل المكان من دكان صغير إلى كومة من الركام غاب رمزي عن الأنظار، ودُفن حيًّا وسط أنقاض لا ترحم.
"رمزي "محاصر تحت الأنقاض
حاول الأهالي إنقاذه، صرخوا باسمه، نادوا عليه، لكن دون جدوى ظل رمزي لساعات طويلة يصارع الموت بصمت تحت أكوام الطوب والحجارة، قبل أن يتمكن رجال الإنقاذ من الوصول إلى موقعه وانتشاله، لكن بعد فوات الأوان كان قد لفظ أنفاسه الأخيرة، وخرج من بين الأنقاض جثةً هامدة .
من قوت يومه إلى قبره
تحوّل المكان الذي كافح فيه رمزي لسنوات لكسب لقمة عيشه، إلى قبر احتضن جسده في لحظة قاسية لم يكن الحادث مجرد انهيار مبنى، بل كان سقوطًا لقصة كفاح، لرجل لم يطلب يومًا أكثر من ستر الحال، وعاد كل مساء يحمل لزوجته وأطفاله القليل من المال، والكثير من الأمل.
سكان المنطقة: "كان راجل ابن حلال.. ووشه دايمًا مبتسم"
في شهادات الجيران، لم تختلف الكلمات كثيرًا:
"رمزي كان محترم وبيساعد الكل"
"عمره ما اتأخر على حد.. وكان بيحب شغله جدًا"
"سايب وراه وجع في قلوبنا كلنا"
رحل رمزي، لكن ذكراه ستظل حاضرة في أزقة الحارة، وفي كل زبون كان ينتظر دوره أمام ماكينة الخياطة، وفي كل خيط كان يخيط به أحلام البسطاء.