منشأة "فوردو" الإيرانية.. الحصن النووي الذي عجزت أمامه إسرائيل

في عمق جبال إيران، وتحت طبقات من الصخور الصلبة والخرسانة المسلحة، تقبع منشأة "فوردو" النووية؛ أحد أكثر المواقع تحصينًا وإثارة للقلق في الشرق الأوسط. هذه المنشأة التي أصبحت رمزًا للتحدي النووي الإيراني، تقف اليوم كعقبة استراتيجية عجزت أمامها حتى أكثر القوى العسكرية تقدمًا، بما في ذلك إسرائيل، التي لطالما تعهّدت بمنع طهران من امتلاك سلاح نووي.
حصن منيع في قلب الجبال
تم بناء "فوردو" بذكاء هندسي استثنائي يجعلها محصنة تمامًا ضد أي هجوم جوي تقليدي أو حتى قنابل خارقة للتحصينات. تقع المنشأة على عمق يزيد عن 80 مترًا تحت سطح الأرض، ما يجعل من استهدافها العسكري مخاطرة معقدة ومحدودة الجدوى.
وفقًا لتقارير استخباراتية وغربية، فإن قاعات أجهزة الطرد المركزي داخل "فوردو" مصممة لتكون منيعة بشكل شبه تام، الأمر الذي يُقلّل من قدرة أي عملية عسكرية على تدمير البنية التحتية الحساسة للموقع.
9 قنابل نووية في 3 أسابيع
المخاوف لا تقتصر فقط على تحصينات الموقع، بل على قدرته الإنتاجية المتصاعدة. تشير تقديرات حديثة إلى أن إيران، باستخدام مخزونها الحالي من اليورانيوم عالي التخصيب، باتت قادرة نظريًا على إنتاج ما يصل إلى 9 قنابل نووية خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع.
هذه الأرقام، وإن لم تُترجم بعد إلى واقع تسليحي فعلي، تُظهر التحول الكبير في موازين الردع النووي بالمنطقة، وتدفع المجتمع الدولي إلى إعادة تقييم استراتيجيات التعامل مع الملف النووي الإيراني.
إسرائيل في موقف معقد
رغم التصريحات المتكررة من المسؤولين الإسرائيليين حول "منع إيران من امتلاك سلاح نووي بكل الوسائل الممكنة"، إلا أن منشأة "فوردو" تمثل تحديًا عملياتيًا كبيرًا لتل أبيب. فحتى الآن، لم تستطع إسرائيل إيجاد وسيلة فعالة لتدمير الموقع دون التورط في حرب واسعة أو استخدام أسلحة متقدمة قد تؤدي إلى تداعيات إقليمية خطيرة.
وقد أقرّ عدد من المحللين العسكريين الإسرائيليين أن "فوردو" تشكل عقدة في خطط تل أبيب، خصوصًا بعد فشل كل المحاولات السابقة لتعطيل البرنامج الإيراني عبر الهجمات السيبرانية أو عمليات التخريب الميداني.
فوردو: قلب البرنامج النووي الإيراني
إذا كانت منشأة "نطنز" هي الواجهة العلنية للبرنامج النووي الإيراني، فإن "فوردو" هي قلبه النابض. وجودها تحت الأرض وفي موقع محصن لا يشكل مجرد إجراء دفاعي، بل رسالة سياسية مفادها أن طهران لن تتراجع بسهولة عن مشروعها النووي.
ويُجمع الخبراء على أن أي تفاوض دولي قادم حول الملف النووي الإيراني لا يمكن أن يتجاوز "فوردو"، لا كموقع فني فحسب، بل كمؤشر على مدى جدية إيران في الاحتفاظ بقدرتها على التخصيب في مواجهة الضغوط.