محمد طلعت يكتب: الرفاهية التي لم يرها محافظ المنيا في قرى ملوي

بين قرارات الإصلاح وتحسين المظهر الحضاري لوسائل النقل، اتخذت محافظة المنيا خطوة جريئة بسحب سيارات "البيك أب" من المواقف، لأنها «غير آدمية»، القرار، رغم وجاهته من حيث المبدأ، اصطدم بأرض الواقع؛ حيث غابت العربات من المواقف، وغابت معها البدائل، في وقت لا يحتمل التأخير.

نجح القرار بالفعل في بعض قرى المحافظة، إدخال الميكروباصات كوسيلة مواصلات بديلة، وهو ما يؤكد أن الفكرة قابلة للتنفيذ والنجاح، لكن ما زالت هناك قرى كثيرة لم تصلها هذه الخدمة بعد، إما لعدم قدرة السائقين على شراء الميكروباصات الجديدة، أو لغياب خطة واضحة من المحافظة لتوفير بدائل مؤقتة.

يطالب السائقون، ممن تم سحب سياراتهم، بتسهيلات حقيقية تُمكنهم من شراء الميكروباصات، سواء عبر قروض ميسرة أو دعم مباشر من الدولة، وحتى يتحقق ذلك، يجب أن توفر المحافظة ميكروباصات مؤقتة لنقل المواطنين، بدلاً من تركهم أسرى لـ"التروسيكل"، التي أصبحت وسيلة النقل الرئيسية في بعض المناطق.

"التروسيكل" وسيلة تقليدية لا تضمن أي درجات أمان باتت الخيار الوحيد لأغلب سكان قرية «منشأة المغالقة» التابعة لمركز ملوي، رغم أن نسبة الخطورة فيها تصل إلى 100%، خاصة مع سوء حالة الطرق وكثرة الحوادث.

يوجه أهالي قرية «منشأة المغالقة» التابعة لمركز ملوي دعوة مفتوحة إلى اللواء عماد الكدواني، محافظ المنيا للنزول المفاجئ إلى القرية، ومشاهدة الواقع، بعيدًا عن التجميل المؤقت الذي يحدث عند علم المسؤولين بالزيارة.

لو تفضلتم بزيارة مفاجئة، سترون الطريق الذي لا يصلح حتى لمرور دراجة، وستشاهدون أكوام القمامة على جانبي الطريق، ووسائل المواصلات التي يُجبر الناس على استخدامها رغم خطورتها.

أما إذا تم إبلاغ مسؤولي مركز ملوي مسبقًا، فستجدون طريقًا مُزينًا، وصناديق القمامة مصفوفة، بل وربما تُرش معطرات الجو، في مشهد أقرب إلى أحد شوارع أوروبا، لا إلى قرية تُعاني منذ سنوات.

ويعاني الطلاب بشكل خاص من غياب وسائل النقل المنتظمة، واضطرارهم للجوء إلى وسائل بديلة مكلفة أو خطيرة، ما يؤثر على انتظامهم في الحضور، ويزيد من أعباء الأسر في ظل ظروف اقتصادية صعبة.

القرار في جوهره جيد، ويعكس رغبة في تطوير شكل منظومة النقل، لكنه يفتقر إلى التدرج والتخطيط الواقعي.

الحل يبدأ من تحسين الطرق، وتقديم التسهيلات، وتوفير البدائل المؤقتة، والأهم من ذلك، النزول الميداني المفاجئ لرؤية ما يحدث بعيدًا عن المشهد المُعد مسبقًا.