رائد التنوير وحارس الحضارة والتراث.. فاروق حسني "الفنان الذي أصبح وزيرا"

في عالم الثقافة المصرية والعربية، يبرز اسم فاروق حسني كواحد من أبرز وزراء الثقافة الذين صنعوا تاريخًا استثنائياً، اليوم، يحتفل فاروق حسني بعيد ميلاده الـ87، وهو الذي عُرف طوال مسيرته بأنه صاحب رؤية تنويرية وثقافية شاملة.

الفنان الذي صار وزيرًا

 بدأ فاروق حسني، المولود في 7 يناير 1938 بمحافظة الإسكندرية، حياته كفنان تشكيلي يحمل شغفًا بالفن والإبداع، التحق بكلية الفنون الجميلة، وتخصص في الرسم، ليصبح فيما بعد واحدًا من أبرز الفنانين التشكيليين في مصر، هذا الحس الفني ظل يرافقه طوال حياته العملية، حتى بعد دخوله المعترك السياسي والثقافي.

عندما تولى منصب وزير الثقافة في عام 1987، أطلق فاروق حسني مشروعًا استثنائيًا يُعرف بـ"بيت الثقافة"، وهو مشروع يهدف إلى توفير أماكن تجمع للشباب والفنانين والمثقفين، لم تكن هذه الأماكن مجرد مواقع جغرافية، بل مراكز للإبداع والتفكير الحر في كل بيت من هذه البيوت، كان يُمنح الشباب فرصة لإقامة ورش العمل الفنية، ومعارض الرسم، وعروض المسرح، مما ساهم في خلق جيل جديد من المبدعين.

وكان المشروع يحمل رؤية حضارية تقوم على استثمار الطاقة الإبداعية للشباب، وإتاحة الفرصة أمامهم لتطوير مهاراتهم الفنية والثقافية، خاصة في المناطق النائية التي كانت تعاني من غياب الأنشطة الثقافية.

حركة التنوير الثقافية

تميزت فترة تولي فاروق حسني بوزارة الثقافة بحركة تنويرية شاملة، حيث أطلق العديد من المبادرات الكبرى مثل مشروع "القاهرة عاصمة الثقافة العربية" عام 1996، وتطوير مكتبة الإسكندرية، التي أصبحت واحدة من أبرز الصروح الثقافية العالمية، كما حرص على إقامة مهرجانات سينمائية وموسيقية ومسرحية، ساهمت في وضع مصر على خريطة الثقافة العالمية.

وكان حسني يؤمن بأن الثقافة ليست حكرًا على النخبة، بل يجب أن تصل إلى كل فرد في المجتمع، ومن هذا المنطلق، دعم الترجمة، والنشر، والتراث، وأطلق مشروعات ضخمة لترميم الآثار المصرية، لتظل شاهدة على الحضارة العريقة التي تفخر بها مصر.

تكريم دولي ومسيرة ممتدة

نال فاروق حسني تكريمات عديدة محليًا ودوليًا، تقديرًا لدوره في تعزيز الثقافة وتطويرها. واليوم، ورغم مرور سنوات على مغادرته منصبه الوزاري، لا يزال اسمه مرتبطًا بالعطاء الثقافي والإبداع الفني، كما يواصل جهوده في دعم الشباب من خلال مؤسسته التي تحمل اسمه، وتسعى إلى تشجيع الفن والثقافة.

في هذا اليوم، يحتفل فاروق حسني بعيد ميلاده الـ87، وسط احتفاء واسع من المثقفين والفنانين، هذه المناسبة ليست مجرد احتفال بعيد ميلاد شخصية عامة، بل هي استذكار لدور قائد ثقافي فذ ترك بصمة لا تمحى في تاريخ الثقافة المصرية.

ويبقى إرث فاروق حسني حيًا في كل مشروع ثقافي وفني حمل بصمته، من بيوت الثقافة إلى صروح الفن الكبرى، من القاهرة إلى أعماق الصعيد، ستظل رؤية هذا الرجل العظيم نبراسًا يُضيء الطريق للأجيال القادمة.