من القصف إلى برد الشتاء.. حكاية رضيعة لم تتحمل خيمة النزوح والموت يخطفها من أحضان أمها في غزة
كانت الساعة تقترب من 4 الفجر حينما تسللت البرودة القارسة إلى خيمة عائلة القصاص في مواصي خان يونس، جنوب قطاع غزة، كانت الأم تُحكم لف ابنتها الرضيعة عائشة، ذات الأشهر الأربعة، بين ذراعيها، بينما يحاول الأب عدنان إيجاد أي وسيلة لتدفئة أسرته الصغيرة وسط العراء.
اللحظات الأخيرة
في زاوية الخيمة المهترئة، كانت عائشة تكافح بصمت "كانت صغيرة جدًا، حتى بكاؤها لم يكن يسمع كثيرًا"، يقول الأب بحسرة، حاولت الأم إشعال بقايا خشب جمعتها، لكن البرد كان أقوى، وعند الفجر، توقفت أنفاس عائشة، وقد تجمد جسدها الصغير بين ذراعي أمها.
وجع النزوح
نزحت عائلة القصاص مع آلاف الأسر الأخرى إلى هذه المنطقة بعدما دمرت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزلهم في حي الزيتون، "هربنا من الموت تحت القصف، لنجد الموت في البرد"، يضيف عدنان، وهو ينظر بحزن إلى الخيمة التي لم تعد تسعفهم في مواجهة الشتاء القاسي.
حالة عائشة ليست الأولى في قطاع غزة المحاصر، فآلاف الأطفال يعيشون في ظروف لا إنسانية داخل الخيام، مع نقص حاد في الغذاء والماء، وانعدام وسائل التدفئة، "الوضع هنا كارثي، ولا أحد يسمع صرخاتنا"، يعلق أحد الجيران، الذي فقد هو الآخر طفلته ذات العامين بسبب مرض لم تُتح له فرصة العلاج. (حسبما أفاد المركز الفلسطيني للإعلام).
صراخات تحت الأنقاض
في ظل استمرار القصف والغارات الإسرائيلية، تُسجل آلاف الضحايا بين الشهداء والجرحى، بينما يبقى كثيرون تحت الأنقاض، حيث يصعب الوصول إليهم بسبب خطورة الأوضاع الميدانية، "نحن أحياء، لكننا ميتون في الداخل"، بهذه الكلمات يلخص عدنان حال سكان غزة الذين يعايشون الموت بكل أشكاله.
"لماذا تموت الطفلة قبل أن تنطق كلمة أبي؟ لماذا يتحمل الأطفال ذنب الحصار والقصف؟" يتساءل عدنان بحرقة، ربما لن يجد إجابات، لكن صرخته تعكس ألمًا يعجز عن وصفه.
بينما تُشيع جنازة عائشة في ظل الحصار، تستمر غزة في حمل أوجاعها، وسط صمت العالم وتجاهله لمعاناة أبنائها الذين يتشبثون بالحياة رغم كل شيء.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي شن مئات الغارات الجوية والقصف المدفعي في أرجاء غزة، وتنفيذ جرائم متعددة في مختلف أرجاء فلسطين، بالإضافة إلى المجازر الدامية ضد المدنيين، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار ونزوح أكثر من 90 % من السكان.