رئيس التحرير
محمود سعد الدين
NationalPostAuthority
الرئيسية حالا القائمة البحث
banquemisr

حزين في صلاة العيد.. حكاية شاب يتيم يعيش قصة حب لم يغلبها الموت.. رحل والده وبقي الألم يطارد الوفاء وذكريات تصبره على الأيام.. ورث مهنة أبيه ويخاف يبكي لتضيع أمه

ما إن انتهى منأداءصلاة عيد الفطر المبارك، ارتكن «هيثم» إلىأحد أعمدةمسجد قريته ميت غريطةفي مركز السنبلاوين بمحافظةالدقهلية، وحيدا حزينا شاردا، فلا مكان في قلبه الذي دق في الدنيا 22 عاما،سوىالشوقلرويةوالده بصحبته يدا بيد فجر كل عيد، كما اعتاد منذ نعومة أظافره، ظل جالسا وحده يرمي نظراته الموجوعة في كل ركن، عله يرىوالده ويعودا سوياإلىالمنزل للاحتفال بأول أيام العيد.

لكنالزمن القاتل، لا يترك حتىلحظات الخيال الجميلة، تمر دون أن يعيقها ويحاصرها بالحاضر والحقيقة، إذ بقى «هيثم حسين» وحيدا داخل المسجد بعدما خلامن المصلين، ليربت الإمام على كتفه ويذكره بانتهاءصلاة العيد، ووجوب الرحيل: «يا ابني.. الصلاةخلصت يا حبيبي ولازم نقفل الجامع».

يعلم الشاب العشريني، تمام العلم أنه لا بد له من المغادرة،وأنه على الفور سيضطر للنظر إلىإمام المسجد، ليجيبه بتفهم الموقف دون حديث يذكر قبل أن يهم للمغادرة، حيث شرع في هز رأسه لأعلى وأسفل بإحباط يصارع شعور الرضا والامتثال لقضاء الله وقدره.

لحظات من السير علي الأقدام لا تبدو كثيرة، لكنها عليهثقيلةمجحفة رغم الشوق للوصول، إلى أن قادته خطواته، إلى مدفن العائلةالملاصق لمسجد الأوقاف الكبير بالدقهلية، حيث يرقد جثمان والده، يفتح بهدوء بابا حديديا ذو قفل كبير،ويتحركفي ثبات تام إلى المقبرة، ليلقي التحية على سنده المفقود: «السلام عليكم يا والدى»، ثميقرا الفاتحةمرات عديدة، وبعدهايغادر المكان في صمت.

الأبروح لا يغيبها الموت

حسين عبده أحمد، درس لأجيال عديدةفي مدارس الإعداديةبالسنبلاوين في الدقهلية، لكن تأثيره فاق التوقعات عند ابنه «هيثم»، الذي ارتبط بوالده ومثله الأعلى منذ طفولته، حتى أصبحجزءا من أباه لا ينفصل ولا يسقط بالتقادم: «كنت أنا وأبويا حتةواحدة، كل حاجه كنت بعملها في ابتدائي وإعدادي وثانوي، لقيت أبويا بيقولي كنت زيك تمام، أنت وارثني كلي يا هيثم»، مضيفا: «مكانش ليا أب وبس، دا كان حنان الأم والخال والأخت والعمة، فقدته وفقدت بعدهكل شيء».

الابن يرث مهنة أبيه

رأى«هيثم» نفسه في مجال التدريس، مثل والده، فالتحق بكليةالتربيةبعدما اجتاز اختباراتها وأتىبمجموع فاقها بدرجات:«كنت عاوز أبقىمدرس زيه، حبيت التدريس منه وحبيت الحصص والجداول والطباشير وكل حاجة»، متابعا: «مانا حتةمنه وشبهه في كل شيء، وأنا متأكد أنه فرحان أوي أني هبقىفي نفس مدرسته ومجال تخصصه (العلوم)».

خاف يبكي ليضيع عوضه

يتحمل الشاب العشريني، كل ما ذاقه من مرارةفراق الأب، حتى لاتنزعج أمه من شدةحزنه، فيتجدد الحزن في قلبها على رحيل نصفها الثاني، وتتألم لوجع فلذة كبدها: «لولا أمي كنت هعيط طول العمر عليه، بحبه ومليش غيره ولا عمريحبيت حد قده»، مختتما:«الحمد لله أن عوض ربنا موجود وأمي بتسندني، وبشوف أبويا في وشها، وعايش عشان أخدمها،لأنه موصيني عليها».

تم نسخ الرابط