بعد استقالتها من رئاسة جامعة كولومبيا.. من هي نعمت شفيق؟
بعد فترة من التوترات، قدمت مينوش نعمت شفيق استقالتها من منصب رئيسة جامعة كولومبيا في نيويورك، وذلك على خلفية تعاملها مع الاحتجاجات الطلابية ضد العدوان الإسرائيلي على غزة داخل الحرم الجامعي.
نعمت شفيق
أعلنت شفيق، التي تولت منصبها في يوليو من العام الماضي، استقالتها عبر رسالة بريد إلكتروني إلى مجلس الجامعة قبل أسابيع قليلة من بدء العام الدراسي الجديد في 3 سبتمبر. وقد بدأت الجامعة، في الأسبوع الماضي، فرض قيود على دخول الحرم الجامعي في محاولة لتقليل "الاضطرابات المحتملة" مع اقتراب الفصل الدراسي.
في رسالتها، أعربت شفيق عن اعتزازها بالتقدم الذي تحقق في مجالات عدة، لكنها عبرت عن أسفها لصعوبة التوفيق بين وجهات النظر المتباينة خلال فترة ولايتها. وأشارت إلى أن هذه الفترة أثرت بشكل كبير على عائلتها وعلى مجتمع الجامعة، وقررت أن مغادرتها في هذه المرحلة ستساعد كولومبيا على مواجهة التحديات المستقبلية.
أعلنت شفيق أنها ستعود إلى المملكة المتحدة لتقود جهود مراجعة نهج الحكومة البريطانية تجاه التنمية الدولية عبر مكتب وزير الخارجية، معبرة عن سعادتها بالعودة إلى العمل في مجال مكافحة الفقر وتعزيز التنمية المستدامة.
جامعة كولومبيا
وفي أعقاب استقالتها، أعلن مجلس أمناء جامعة كولومبيا عن تعيين كاترينا أرمسترونج، الرئيسة التنفيذية لمركز إيرفينغ الطبي، كقائمة بأعمال الرئيس المؤقت. أرمسترونج، التي تشغل أيضاً منصب نائب الرئيس التنفيذي لعلوم الصحة والطب الحيوي في الجامعة، قالت إنها تدرك تماماً التحديات التي واجهتها الجامعة خلال العام الماضي.
تجدر الإشارة إلى أن نعمت شفيق، الخبيرة الاقتصادية المولودة في مصر، قادت سابقاً كلية لندن للاقتصاد وبرزت في الأوساط الدولية من خلال أدوارها في البنك الدولي، وزارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة، صندوق النقد الدولي، وبنك إنجلترا.
عند تعيين شفيق، وصفها رئيس مجلس أمناء الجامعة، جوناثان لافين، بأنها زعيمة ذات "ثقة راسخة في الدور الحيوي الذي يجب أن تلعبه مؤسسات التعليم العالي في حل المشكلات العالمية المعقدة."
الأقصر في تاريخ الجامعة
من جانبهم، رحب منتقدو شفيق بنهاية فترة ولايتها، التي كانت من بين الأقصر في تاريخ الجامعة. وقال جونسون، رئيس مجلس النواب الأمريكي، إن استقالتها "متأخرة منذ فترة طويلة" ويجب أن تكون مثالاً تحذيرياً لمسؤولي الجامعات حول عدم التسامح مع معاداة السامية.
كما علقت مجموعة طلاب جامعة كولومبيا من أجل العدالة في فلسطين على استقالتها قائلة إن شفيق "تلقت المذكرة أخيراً" بعد أشهر من الاحتجاجات. بينما أعرب فرع الحرم الجامعي لمنظمة "صوت اليهود من أجل السلام" عن استمراره في الاحتجاج ضد قمع الجامعة للحركة الطلابية المؤيدة للفلسطينيين.
شهدت الجامعة هذا العام احتجاجات طلابية واسعة، تخللها تدخلات من الشرطة، واشتباكات مع الطلاب، وأثرت بشكل كبير على سمعة الجامعة على المستويين المحلي والدولي. كما استقال قادة بارزون آخرون من مناصبهم في مؤسسات تعليمية أخرى في الأشهر الأخيرة بسبب التعامل مع الاحتجاجات في الحرم الجامعي.
من هي نعمت شفيق؟
ولدت الدكتورة نعمت شفيق، المعروفة إعلامياً باسم "مينوش"، في محافظة الإسكندرية بمصر عام 1962. في عام 1966، انتقلت مع أسرتها إلى الولايات المتحدة بعد تأميم ممتلكات العائلة في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، وفقاً لمصادر أكاديمية من جامعة كولومبيا.
استقرت الأسرة في سافانا بولاية جورجيا، حيث شهدت نعمت خلال طفولتها أحداثاً هامة مثل حرب فيتنام وحركة الحقوق المدنية. التحقت بعدة مدارس في فلوريدا وجورجيا وكارولينا الشمالية، وهي تتحدث الإنجليزية والعربية بطلاقة وتحمل الجنسيات المصرية والبريطانية والأمريكية.
تخرجت شفيق في عام 1983 بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف من جامعة ماساتشوستس-أمهيرست، حيث حصلت على بكالوريوس في الاقتصاد والسياسة. ثم أكملت دراستها العليا في المملكة المتحدة، حيث حصلت على درجة الماجستير من كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية في عام 1986، وتبعتها بدرجة الدكتوراه في الاقتصاد من كلية سانت أنتوني بجامعة أكسفورد في عام 1989.
في عام 2002، تزوجت من عالم الأحياء الجزيئية رافائيل جوفين في واشنطن، وأنجبت منه طفلين توأم، بالإضافة إلى أنها أصبحت زوجة أب لثلاثة أبناء من زواج سابق لزوجها.
في أبريل الماضي، اتخذت شفيق قراراً بإصدار تعليمات للشرطة بدخول حرم جامعة كولومبيا لفض تجمع الطلاب المتظاهرين ضد استمرار الحرب في غزة، مما أدى إلى اعتقال حوالي 100 طالب.
بدأت شفيق مسيرتها المهنية بعد حصولها على الدكتوراه في عام 1989، حيث عملت في البنك الدولي على قضايا تتعلق بأوروبا الشرقية بعد سقوط جدار برلين، لتصبح أصغر نائب لرئيس البنك الدولي في سن 36. تولت أيضاً مناصب قيادية في مؤسسات دولية أخرى، مثل وزارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة وصندوق النقد الدولي، حيث أشرفت على برامج الصندوق في الشرق الأوسط خلال أزمة الديون في منطقة اليورو.
كما شغلت منصب نائب محافظ بنك إنجلترا، حيث كانت مسؤولة عن ميزانية عمومية تبلغ 500 مليار دولار خلال فترة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. في عام 2017، عادت إلى الأوساط الأكاديمية كرئيسة لكلية لندن للاقتصاد، ثم أصبحت في يوليو 2023 أول امرأة تتولى رئاسة جامعة كولومبيا في نيويورك، حيث وصفها رئيس مجلس أمناء الجامعة بأنها "المرشحة المثالية".