في ذكرى ثورة 23 يوليو.. بيت قديم بإحدى القرى غير مجرى التاريخ ولقب ببيت الأمة وقلعة الحريات
في مكان هادئ بعيداً عن القاهرة توجد كفر سالم أحدي قري مركز بسيون التابعة لمحافظة الغربية ، تلك القرية الشاهده علي الأحداث السياسية والتاريخية التي غيرت مجرى التاريخ ، وذلك لاحتضانها رموز وقامات سياسية ووطنية أثروا في الحياة العامة ووضعوا حجر التاريخ الحديث ، ودورها العظيم في الشراكة مع الدولة المصرية فى التطوير والتحديث دائماً .
نشأت قرية كفر سالم عام 1275ه وهى إحدى قرى التربيع العثمانى الباقية إلى اليوم والتي استحدثت في عهد أسرة محمد علي باشا الذي أمر به سنة 1227هـ/1812م بفك زمام القطر المصري وعمل مسح جديد للأراضي وتسجيلها في ديوان جديد وجاءت سبب التسمية بهذا الإسم نسبة إلى « الدكتور بسيونى سالم » الذي يعد أول من حصل علي شهادة الطب من بريطانيا و أول طبيب مصرى فى المنطقة بالكامل في ذلك الوقت عام 1918م و كان أول من سكن هذه القرية وفي منزله الذى إجتمع فيه أعضاء لجنة الثلاثين لإنشاء دستور 1923.
هذا المنزل القديم الذي شهد على كتابة مسودة دستور 1923، وكان البداية الحقيقية للتحول المفصلى فى تاريخ مصر الدستوري و البرلمانى، والذي قال عنه خبراء القانون أنه معجزة دستورية، بينما وصفه « سعد زغلول » بدستور الأمة.
هذا المنزل المكون من دور واحد يتكون من 23 غرفة وجناح كبير مخصص للمجالس وإستقبال كبار الزوار وضيوف الباشا ،ويسمى « الدوار » وتحده الأشجار النادرة من كل جانب داخل حديقة مساحتها أكثر من خمسة عشر فداناً، وصاحب هذه السرايا كما يدعوه أهل القرية « البيه بسيونى سالم » ،كان من أهم أعيان الوجه البحرى في ذلك الوقت ، وكان يمتلك نحو 5 آلاف فدان ويتردد على سراياه كبار الساسة والوطنيين أمثال « أحمد لطفى السيد » و « عبدالعزيز فهمى » و« أمين الرافعى » و « إبراهيم الهلباوى » .
هذا المنزل الذي أطلق عليه البعض بإسم قلعة الحريات أشبه ببيت الأمة ، لأنه شهد أحداثاً سياسية كثيرة ، وفيه عاش بسيونى بك سالم عمدة القرية منذ قرن مضى وأولاده « محمد بك سالم » القاضى بالمحاكم الأهلية و «السيد بك سالم ومبروك بك سالم » وهما قاضيان أيضا ،وكان محمد بك سالم تجمعه صداقة قوية مع
« مصطفى النحاس باشا » منذ المراحل الدراسية الأولى وحتى مدرسة الحقوق، ثم إنضم النحاس لحزب الوفد وأصبح رئيس الوزراء بعد ذلك، وانضم محمد سالم بك إلى الأحرار الدستوريين.
ومن أبرز الشخصيات التى كانت تتردد على سرايا بسيوني سالم هو المحامى الشهير إبراهيم الهلباوى أحد أعضاء لجنة الثلاثين التى كتبت دستور 23 حيث تربطه بالأسرة علاقة مصاهرة ونسب .
ويؤكد الدكتور بسيوني سالم أن هذه السرايا شهدت كتابة مسودة دستور 1923 والمبادئ العامة للدستور، وأقام فيها عدد من أعضاء لجنة الثلاثين وسياسين آخرين حضروا المناقشات و منهم « أحمد لطفى السيد » و « أحمد ماهر باشا » و« إسماعيل باشا أباظة » و «عبد العزيز باشا فهمى » و« جبرائيل تقلا » صاحب جريدة الأهرام و « أمين الرافعى » مؤسس جريدة الأخبار و
« إبراهيم الهلباوى » وأقاموا قرابة 45 يوماً ليكونوا فى مكان هادئ بعيداً عن القاهرة ،وخلال هذه المدة انتهوا من كتابة المسودة التى شملها التعديل لتصبح دستورا للبلاد فى 19 أبريل عام 1923.
وعلينا أن نذكر إنه فى عام 1876 كان الجد الأكبر «محمود بك سالم » نائباً بمجلس شورى النواب الذى أنشأه الخديوي إسماعيل وشارك الشيخ « عثمان الهرميل » أول معارض فى التاريخ البرلمانى فى عدة مواقف وطنية أبرزها الإعتراض على قانون المقابلة ، بالإضافة إلى البرنس « شلبى سالم » الذى امتلك نحو 7 آلاف فدان وحاز على هذا اللقب من الأسرة المالكة وهو أعلى من لقب « باشا »، و هو ضمن أفراد الأسرة الذين حضروا المناقشات بجانب القاضيين محمد بك سالم والسيد بك سالم اللذين طرحوا قانون العمد والمشايخ والتعليم والحقوق الدستورية وحقوق الإنسان وحرية الصحافة.
وفي النهاية نحن نقف عاجزين أمام تلك القرية التى غيرت مجرى التاريخ ووضعت أقدامها كأحد أول القرى متابعة للأحداث السياسية والتاريخية ومشاركة فى تغيرها بفضل أبنائها الأوفياء على مر العصور .