الدروس الخصوصية.. صناعة أم ظاهرة؟.. وأصابع الاتهام تشير إلى المدرسين وأولياء الأمور
أصبحت الدروس الخصوصية ظاهرة شائعة، وزادت فى السنوات الأخيرة نتيجة لشعور الأهالى بعدم الرضا عن جودة التعليم فى المدارس، ومن ثم يعتمدوا على الدروس الخصوصية لتعزيز التحصيل الأكاديمى لدى أبنائهم، وتتكلف الدروس الخصوصية مبالغ ضخمة مما يجعلها عبء كبير على أولياء الأمور، فهل المناهج الدراسية تحتاج حقاً إلى الدروس الخصوصية أم أنها أصبحت فطرة؟
أكد الدكتور " أبو النور مصباح" أستاذ التربية والمناهج بجامعة القاهرة فى حوار خاص لموقع "بصراحة" الإخباري، إلى أن المناهج الدراسية يتحدد مدى صعوبتها أو سهولتها على أساس الشخص القائم بتدريسها، فالمعلم يقع على عاتقه الدور الأكبر فى إيصال المنهج للطلاب، ففى حالة أن المعلم غير متميز وغير مهنى ومسلح بالوسائل والأدوات التكنولوجية المناسبة للجيل والعصر الرقمى، فالطالب فى هذه الحالة يلجأ للخروج عن النظام الرسمى المتمثل فى المدرسة للبحث عن معلم متميز واللجوء للدروس الخصوصية، معقبا: "الطالب مختلف فى زمن مختلف بتكنولوجيا مختلفة محتاج معلم مختلف".
أسس وضع المناهج الدراسية
وأوضح أستاذ التربية والمناهج بأن المناهج الدراسية يتم وضعها على عدة أسس أهمها النظريات التربوية وفي ضوءها يتم صياغة الأهداف العامة للدولة مثل رؤية مصر2030، ومن ثم يتم تضمين مناهج دراسية تقدم الأهداف بشكل يمكن الاستفادة منه، فالمناهج الدراسية تحقق رؤية المجتمع في تنمية الأفراد وتحقيق الأهداف الأساسية للمجتمع.
أسباب وجود الدروس الخصوصية
وأشار "مصباح" إلى أن الدروس الخصوصية أصبحت أمر واقع سواء شئنا أم أبينا والأسر تنفق مبالغ باهظة لا تتحملها لإرسال أبنائهم لتلقى الدروس الخصوصية، ويأتي السبب الرئيسي في ضرورة الدروس الخصوصية هو غياب المعلم في المؤسسات وغياب الرقابة على المعلم ولكن ليس بسبب الواجهة الإجتماعية كما كان سابقاً.
وأضاف: "الدروس الخصوصية ينفع تترخص وتبقا موجودة بشكل رسمى ودا يخلينا نرجع لفكرة وجود الدروس ومجموعات التقوية داخل المدارس مع المعلمين المتميزين والمتكافئين".
وشدد على أنه قبل أن نحاسب الطالب على الدروس الخصوصية يجب أن نوفر له المعلم المتميز القادر على جذب انتباهه وإيصال المحتوى بطريقة صحيحة وخاصة بعد تغيير المناهج وصعوبتها.
كما تحدث أستاذ التربية والمناهج عن تأثيرات الدروس الخصوصية مؤكداً أنها لا تقتصر تأثيراتها على الميزانية فقط وإنما لها تأثيرات على العائد المعرفي والتربوي فهي تخلق طالب اعتمادي يعتاد على تلقي المعلومات من المعلم مما يجعله يصطدم بالحياة الجامعية في ظل العدد الكبير من الطلاب وطريقة التدريس والتقييم المختلفة مما يؤدي لتأخيره في بعض الأحيان.
ونصح دكتور " أبو النور" الطلاب قائلاً: "لو مش عارف تكتسب معلومة معينة استخدم التكنولوجيا وابحث واستخدم بنك المعرفة، لأن بنك المعرفة مفيد ليك كطالب ومفيد لولى الأمر والمعلم ولكل فرد، وأتمنى لكل طلابنا الاستفادة من هذه المنصة وأنهم يوظفوا التكنولوجيا التي نمتلكها جميعاً في الوصول للمعلومات" .
وفى هذا السياق أوضح الأستاذ "رأفت مرسى"، أستاذ اللغة الإنجليزية للمرحلة الثانوية، أن الطالب ثلاثة أنواع فمنهم من يتلقى الدروس الخصوصية لأن من حوله يتلقون الدروس، والثاني يستخدم الدروس لتقوية نفسه في المادة وخاصة في اللغات الأساسية، والثالث لديه فطرة الدروس فهو اعتاد منذ صغره بأنه يجب أن يأخذ الدروس وبدونها يصبح غير متفوق.
وأوضح أستاذ اللغة الإنجليزية أن سلبيات الدروس الخصوصية تتمثل في كبر عدد المجموعة فى الدرس أو زيادة عدد الطلاب فى الدرس مما يجعل الطالب مشتت وخاصة من يجلس في أماكن بعيدة عن المعلم، وحالياً أصبح هناك أشخاص تدعي أنهم معلمين ويعطوا دروس بأعداد كبيره في السناتر وهم في الأساس غير متخصصين.
وذكر في حديثه اتجاه الطالب لضياع الوقت، قائلا: "الطالب بيروح الدرس علشان يضيع وقته لكن اللي مش حابب يضيع الوقت بيركز على الاونلاين وفيديوهات اليوتيوب"، لافتاً إلى أن الدروس ليس لها إيجابيات إلا للطالب المتفوق الذي يريد زيادة معلوماته والحصول على مجموع في نهاية السنة الدراسية.
وأشار "مرسى" إلى أن جزء من مدارس مصر تصر على أن الطالب يأخذ الدروس الخصوصية وقليل من المدارس يلزم الطالب بالحضور والاستفادة من اليوم الدراسى، أما عن تعامله مع الطالب الذى لا يهتم بالحصة الدراسية فى المدرسة بحجة أنه يتلقى درس خصوصى خارج المدرسة، فقال: "بركز أكتر مع الطالب دا علشان يقدر يعمل مقارنة فى دماغه المدرسة أفيد ولا الدرس أفيد، مع العلم أنه بيحاول يضيع وقت الحصة لأنه هياخد الكلام دا فى الدرس".
ووجه نصيحة للطلاب قائلا: "ركز فى مذاكرتك الشخصية، وكتاب الوزارة والكتب اللى بتقدمها الوزارة، ومنصات الوزارة ومواقعها، وبنك المعرفة".
وتروي إحدى أولياء الأمور، وهى أم لأربعة أبناء، تجربتها مع الدروس الخصوصية، مؤكدة أنها تجعلهم فى ضغط نفسى ومادى لكى يوفروا لأبنائهم مبالغ الدروس والكتب الخارجية، قائلة: "عندى 4 أولاد وبياخدوا كلهم دروس ودا بياخد 70٪ من المرتب لمصاريف الدروس والكتب الخارجية وملازم الدروس، دا غير مصاريفهم الشخصية".
وذكرت أم أخرى بأنها تضطر للاستدانة كى تستطيع سداد مبالغ الدروس الخصوصية، لتوفر لأبنائها فى النهاية المناخ المناسب والعوامل التي تساعدهم في الحصول على مجموع كبير.