مخاطر الحروب على أمن الطاقة
إن اضطرابات سلاسل الإمداد الناتجة عن النزاعات والحروب المسببة للأزمات تؤثر على كافة قطاعات الاقتصاد بما في ذلك قطاع الطاقة، الذي تعمل الدول على تأمين احتياجاتها من خلال التوافر المستمر وغير المنقطع لمصادر الطاقة بأسعار معقولة وفي الوقت المناسب وبشكلٍ مستدامٍ، ورغم من ذلك تعاني العديد من المجتمعات من ارتفاع فواتير الطاقة التي تؤثر على الأسر والشركات والاقتصادات بأكملها.
الاقتصاد العالمي وما بعد وباء كورونا
وبعد انقضاء وباء كورونا لازال العالم يعاني من أزمة في سلسلة التوريد بالإضافة إلى البحث عن مصادر طاقة أكثر اخضراراً وذات انبعاثات كربونية منخفضة، كما أن هناك فارق بين تأمين الطاقة وتحويلها، والخلط بين المعنيين يخلق مزيداً من الارتباك في سياسات الطاقة، وفى عرقلة تحولها إلى نظيفة ومستدامة عن مسارها وأن تركز الاستثمارات على أمن الطاقة بدلاً من تحولها.
وأنه من الممكن أن يؤدي الصراع في الشرق الأوسط إلى تأثر أسواق الطاقة العالمية، حيث أنها مورد مهم للطاقة وممر شحن رئيسي، ولكن استمرار الحرب التي لها عواقب وخيمة في عدم الاستقرار الأمني، سيهدد استقرار أمن الطاقة العالمي، في حين يرى بعض المحللين أن أسوق النفط ستتأثر بشكل طفيف، مع عمل السعودية مع منتجي النفط حلفاء أوبك لمراقبة تأثير الأحداث الجارية مع تجنب اتخاذ أي قرارات قصيرة المدى، حيث تعتمد "أوبك" على مجموعة متنوعة من العوامل، تشمل دراسة مدى خطورة الصراع ومدته، وتأثيره على إنتاج النفط والخدمات اللوجستية، وكمية الطلب العالمي على النفط أثناء الصراع، وفى حالة اتساع نطاق الصراع، وإذا ظل الصراع محلياً دون أن يكون له تأثير واسع النطاق على منتجي النفط الرئيسيين أو طرق العبور، فمن الممكن أن تكون هناك تغييرات محدودة في أسعار الطاقة. وهذا ما دفع أوبك إلى الحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية.
مصير أسواق الطاقة العالمية وسط الأوضاع الإقليمية
ومن ناحية أخرى، فمن الممكن أن تتخذ أسواق الطاقة العالمية منعطفاً جديداً إذا تفاقم عدم الاستقرار الإقليمي، دون أن يكون هناك تأثير مباشر على مصادر أو طرق النفط الرئيسية، قد يدفع هذا "أوبك" إلى النظر في زيادة الإنتاج لتحقيق الاستقرار في الأسعار.
أما إذا واجهت إمدادات النفط مخاطر واسعة النطاق بامتداد الصراع إلى بلدان أخرى، تؤثر على الممرات الرئيسية مثل مضيق هرمز، فقد يتطلب ذلك من أوبك زيادة الإنتاج أو العمل مع المنتجين من خارجها للحفاظ على السوق واستقراره، وكلما تعاظمت حدة الصراع وضم جماعات مثل حزب الله أو إيران، كلما أصبح تدخل أوبك أكثر أهمية وإلحاحاً.
ولتقليل انعكاسات تلك المخاطر على أمن الطاقة في المنطقة العربية، فيجب على الدول أن نقوم بتطوير النماذج الاقتصادية لديها، بمعالجة أهداف العرض والطلب في قطاع الطاقة على المدى القصير والبعيد، وتقييم وتحديد مسارات تحول الطاقة بفعالية من حيث التكلفة وايضاً الانبعاثات الكربونية، وأنه بات من الواضح أن هناك العديد من العوامل التي تؤثر على قطاع الطاقة والتي تشتمل على العرض والطلب والمناخ الجيوسياسية. لكن بعض هذه العوامل قابل للتحكم فيه والسيطرة عليه والبعض الآخر غير قابل لذلك.