
في مثل هذا اليوم، 16 أبريل من عام 1948 وُلد الموسيقار المصري الكبير عمار الشريعي، أحد أبرز أعمدة الموسيقى العربية الحديثة، في مركز سمالوط بمحافظة المنيا، لعائلة عريقة من صعيد مصر، وهي عائلة هوارة الشريعي، وعلى الرغم من فقدانه لبصره منذ ولادته إلا أنه استطاع أن يبصر بعين الفن ويصنع لنفسه مسارا موسيقيا استثنائيا في تاريخ الموسيقى العربية.

ومن خلال ذلك التقرير نرصد لكم أهم المحطات الفنية في حياة الموسيقار عمار الشريعي.
غواص في بحر النغم
عُرف عمار الشريعي بلقب "الغواص في بحر النغم"، بسبب موهبته الفريدة وقدرته على توزيع الألحان وتشكيل الموسيقى التصويرية،التي حفرت في وجدان المشاهد العربي، سواء في الدراما أو السينما أو المسرح، وتنقّل بين آلات متعددة ببراعة لافتة، مثل العود، والبيانو، والأكورديون، والأورج، وتعلمها بمجهوده الشخصي، رغم الإعاقة.
من شارع محمد علي إلى ريادة الموسيقى
كانت البدايات المهنية لـ عمار الشريعي في شارع محمد علي، حيث عمل عازفًا خلف الراقصات في الأفراح الشعبية، قبل أن يترك هذا المجال ويتجه إلى التلحين والموسيقى التصويرية، ليبدأ رحلة احترافه الحقيقي عام 1970، كعازف أكورديون في فرق موسيقية، ثم تحول إلى آلة الأورج التي أتقنها رغم تعقيدها البصري.
وفي عام 1971، اعتمدته الإذاعة المصرية عازفًا محترفًا بعد أن اجتاز اختبارًا موسيقيًا أمام لجنة رفيعة المستوى، ليبدأ من هناك مسيرة طويلة أثْرت الأغنية المصرية والعربية.
وكانت أولى تجاربه التلحينية للمطربة مها صبري بأغنية "امسكوا الخشب يا حبايب"، أما انطلاقته الكبرى فجاءت من خلال أغنية "أقوى من الزمن" لشادية.
مؤلف موسيقى الدراما الأول
ارتبط اسم الشريعي بكبرى الأعمال الدرامية التي لا تزال موسيقاها التصويرية تخلد في الذاكرة، مثل: رأفت الهجان، أرابيسك، زيزينيا، حديث الصباح والمساء، الأيام و دموع في عيون وقح،
وإلى جانب ذلك قدم موسيقى مؤثرة في الأعمال السينمائية ومنها البريء، كتيبة الإعدام، حب في الزنزانة، كما برع في موسيقى المسرحيات ومن أشهرها مسرحية “علشان خاطر عيونك” مع النجمة شريهان والفنان الراحل فؤاد المهندس.

لم يكن عمار الشريعي مجرد ملحن، بل كان صاحب رؤية فنية وثقافية عميقة، وهو ما تجلى في برامجه الإذاعية والتلفزيونية، لا سيما برنامجه الشهير "غواص في بحر النغم"، الذي قرّب فيه الموسيقى الكلاسيكية العربية للجمهور بأسلوب مبسط وتحليلي.
أهم الجوائز والتكريمات التي حصل عليها عمار الشريعي
على مدار المشوار الفني للموسيقار عمار الشريعي حصد العديد من الجوائز ونال الكثير من التكريمات لأعماله الفنية المميزة التي أمتعت الجمهور وقدم من خلالها رؤيته الفنية ومن هذه الجوائز ما يأتي:-
-جائزة مهرجان فالنسيا 1986.
-جائزة مهرجان فيفييه 1989.
-وسام التكريم من السلطان قابوس 1992.
-جائزة التفوق في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة 2005.
-جائزة الحصان الذهبي من إذاعة الشرق الأوسط لأفضل ملحن لـ17 عامًا متتالية.
تكريم الرئيس عبد الفتاح السيسي لـ عمار الشريعي
وفي لفتة تقديرية، كرّمه الرئيس عبد الفتاح السيسي في العام 2023، بمناسبة مرور 10 سنوات على وفاته، وهو أول تكريم رسمي من الدولة، حسب ما أكدت أرملته ميرفت القفاص، التي عبّرت عن فخرها بهذا التكريم الذي يعكس قيمة وإرث الشريعي.

احتفاء بذكرى ميلاده الـ 77
وفي الذكرى الـ 77 لميلاد عمار الشريعي، نظم بيت الغناء العربي بقصر الأمير بشتاك بالتعاون مع إذاعة البرنامج الثقافي أمسية موسيقية حملت عنوان: “عمار الشريعي.. دراما الموسيقى والغناء”، احتفاءً بمسيرته فنية الطويلة، التي لا تزال حاضرة في وجدان الملايين.
ورغم رحيل الموسيقار عمار الشريعي في 7 ديسمبر 2012 عن عمر يناهز 64 عامًا، لا تزال موسيقى عمار الشريعي تنبض بالحياة، شاهدة على فنان واجه الظلام بالنور، والإعاقة بالإبداع، ليبقى اسمه منارة في عالم الموسيقى العربية.