زكريا أحمد في ذكراه.. شيخ الملحنين الظريف المطرود من الأزهر
عرف قيمة فنه ونفسه فعاش مبدعا عظيما،هذه هي الكلمات التي يمكن أن تصف لنا حال شيخ الملحنين، وأحد مكتشفي أم كلثوم وصانعي مجدهاالموسيقي. واحدمن ظرفاء عصره كما وصفه الكاتب العالمي نجيب محفوظ، إنه الموسيقار الشيخ زكريا أحمد.
في السطور القادمة سنحاول الحديث عنه كواحد من أهم ملحني الموسيقى المصرية عبر عصورها.
وُلد زكريا عام 1896، لأبٍ حافظٍ للقرآن وهاوٍ لسماع التواشيح،هو الشيخ أحمد حسن الذي كان يعمل بالجامع الأزهر- مما أكسب زكريا الحسّ الموسيقي.
قبل أن يلتحق زكريا أحمد بالقسم الابتدائي في الأزهر الشريف، كانت دراسته الأولى وكما تعود أطفال هذا الزمان مع الكتاب وكانت بدايته في كتاب الشيخ «نكلة».
رغم شطارته وذكائه، وسرعة حفظه وحلاوة صوته، فإن شقاوته البالغة وعشقه للغناء تسببا بطرده أكثر من مرة من الأزهر.
وتنقل بين مدارس عدة من مدرسة خليل آغا الأولية إلى الأزهر مرة أخرى ليجيد تلاوة القرآن الكريم.
إقرأ أيضا :إصابة المدير الفني لمهرجان الجونة أمير رمسيس بكورونا
إقرأ أيضا :في 48 ساعة.. أهلا بيك لـمحمد محسن تحصد 204 ألف مشاهدة
منذ صغره كان زكريا يميل إلى الغناء ويرتاد الموالد والأذكار ويطيب له سماع الشيوخ المعروفين بقراءاتهم وتلاواتهم وكذلك غنائهم. تعلم على يد درويش الحريري أهم شيوخ الموسيقى على الإطلاق، حسب قول سيد مكاوي. وعرف عن أحمد خوفه من تعنيف والده له فكان يشتري الكتب ويغلفها بأغلفة كتب التاريخ والأدب أو الدين.
وفي سن المراهقة خلع الجبة والقفطان والتجأ إلى أقاربه بسبب خصامه مع والده الذي اضطر أمام الأمر الواقع إلى مصالحة ابنه، إلا أن المصالحة لم تدم طويلاً.
عشق زكريا أحمد الغناء من صغره حين كان يسمع والدته (تركية الأصل)، تترنم بنغمات تركية شجية بعيداً من سمع الوالد، قبل وفاتها وزواج والده بأخرى تفننت في الوقيعة بينه وبين والده.
وهذه النغمات تركت أثرها في أعماق الصبي وفي مسيرته الفنية فيما بعد،
وحين انتقل إلى القاهرة، عشق لياليها وحيويتها وأحب سماع الأذان.
وتأثر بهذه الأنغام السماوية وبالتواشيح الدينية التي كان ينشدها الشيخ درويش الحريري، وذاع صيته بين زملائه قارئاً ومنشداً.
درس زكريا الموسيقى على الشيخ درويش الحريري الذي ألحقه ببطانة إمام المنشدين الشيخ علي محمود، كما أخذ زكريا الموسيقى عن الشيخ المسلوب وإبراهيم القباني وغيرهم.
كان زكريا أحمد يتمتع بحاسة موسيقية جعلته يتتبع غناء كبار المنشدين والمطربين، وتأثر بمنشدي التواشيح الدينية كالشيخ درويش الحريري،
كما تأثر بألحان عبده الحامولي والشيخ سلامة حجازي، وكان يذهب إلى أماكن تواجدهم وحفلاتهم ويحفظ ألحان هؤلاء بسرعة عجيبة،وبدأ الأب الذي استبد به القلق على مستقبل ابنه ومصيره يحاول إسداء النصح له.
إن الفن في رأيه لا يطعم ولا يفيد، وها هم أساطين الطرب وأساتذة التلحين عبده الحامولي ومحمد عثمان ومحمد سالم، قد ماتوا جميعا فقراء.
كان من حظ الشيخ زكريا أن التقى بالموسيقار الشيخ درويش الحريري.
ولاحظالشيخ درويش الحريري حب الشيخ الصغير للفن وحرصه الشديد على التعلم،كما قدر فيه حاسته الموسيقية وحسن استماعه وحفظه السريع، فقرر أن يهب تلميذه مما وهبه الله من علم بالفنون وأسرارها ودرس الشيخ زكريا على يديه العلوم الموسيقية، وكان أول ما درس ألحان المولد النبوي وفنونها من مقامات وأوزان فحفظها وأجاد أدائها.
وتقديرا منه لتلميذه ونبوغهألحق الشيخ الحريري تلميذه زكريا ببطانة الشيخ علي محمود الذي كان خبيرا بالعلوم الموسيقية وفن التلاوة، فكان يحضر معه التسابيح التي تتلى قبل الفجر بساحة مسجد الحسين بالقاهرة، كانت تلك التسابيح تؤدى من مقامات موسيقية مختلفة على مدى أيام الأسبوع، وتعلم منها الشيخ زكريا الكثير.
وقد تلقى زكريا أصول علم المقامات والأوزان وكيفيات التلحينعلى يد الشيخ محمود عبد الرحيم المسلوب: وهو أستاذ من أساتذة سيد درويش، وقد أخذ عنه الموشحات العربية.