رئيس التحرير
محمود سعد الدين
NationalPostAuthority
الرئيسية حالا القائمة البحث
banquemisr

"اللهم عاملني بعدلك لا برحمتك؟".. هل يجوز ترديد هذا الدعاء؟

دعاء- ارشيفية
دعاء- ارشيفية

للدعاء فضل عظيم، فهو رابط بين العبد وربه، والدعاء بأن يُعامل الإنسان بعدل الله بدلاً من رحمته بترديد دعاء “اللهم عاملني بعدلك لا برحمتك”، يُعد خطأً جسيمًا يعكس سوء فهم لطبيعة النفس البشرية ولصفحات الرحمة الإلهية التي وسعت كل شيء. في تعليق للدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أوضح أن الله تعالى قد بيّن الحلال والحرام، وجعل الحسنات تُضاعف بعشر أمثالها، في حين تُحسب السيئة بواحدة. كما أن الله تعالى منح عباده فرصًا متعددة للتوبة والاستغفار، ما يجعل من الظلم أمرًا غير وارد في سننه.

هل يجوز ترديد دعاء اللهم عاملني بعدلك لا برحمتك؟

وأشار جمعة إلى أن الله يتعامل مع عباده برحمته وليس بعدله فقط، موضحًا أن من يدعو قائلًا "اللهم عاملني بعدلك لا برحمتك" إنما يعبر عن جهل بحقيقة النفس الإنسانية وبصفات الله تعالى. واعتبر جمعة أن هذا القول يحمل في طياته نوعًا من الكِبر، حيث يظن الإنسان أنه بلا خطايا، وهو ما يناقض جوهر الإسلام الذي يدعو إلى التواضع والاعتراف بالضعف أمام الله. واستشهد بحديث النبي ﷺ الذي يقول فيه: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من كبر».

دار الإفتاء تُنظِّم احتفالًا مساء اليوم لاستطلاع هلال شهر رمضان المبارك -  جريدة عقيدتي

وأكد الدكتور علي جمعة أن الكبرياء والعظمة من صفات الله وحده، مستندًا إلى الحديث القدسي الذي يقول فيه الله تعالى: «العظمة إزاري، والكبرياء ردائي». وبيّن أن الإنسان، مهما بلغ من قوة وعلم، يظل ضعيفًا لا يساوي شيئًا أمام عظمة الكون. وضرب مثالًا على صغر حجم الإنسان مقارنةً بالأرض والسماوات، مشيرًا إلى أن حجم الإنسان بالنسبة للكون لا يتعدى ذرة في بحر لا متناهٍ.

وأضاف أن الإنسان قد يكون عرضة للافتراس من قبل الحيوانات، مثل الأسد، إذا وُضع في بيئة غير محمية، ما يدل على ضعف بنيته وقلة حيلته. ومع ذلك، فإن تكريم الله له وسجود الملائكة لآدم دليل على مكانته العظيمة التي لا تعود لقوته أو فعله، بل لفضل الله ورحمته.

خطأ الاستهانة بعظمة الله 

وحذر جمعة من الوقوع في خطأ الاستهانة بعظمة الله أو الإكثار من الأسئلة المتحدية كقولهم: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}، مشيرًا إلى أن هذا السلوك ينبع من الشك والغرور. وأوضح أن كثيرًا من الناس، حتى وإن كانوا أطباء أو علماء، قد يغفلون عن ذكر الله، فيعيشون حياتهم في تيه، معتقدين أنهم قادرون على التحكم في مصيرهم.

مفتي مصر السابق علي جمعة: صوت المرأة ليس عورة

وأشار إلى أن النبي ﷺ كان يخرج نفسه من دائرة الادعاء، مؤكدًا على أن الله هو المتصرف في كل شيء، مصداقًا لقوله تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا}. وهذا التواضع يُعلم المسلمين ألا يغتروا بأعمالهم أو يطلبوا العدل دون الرحمة، لأنهم دائمًا في حاجة إلى عفو الله ورحمته.

          
تم نسخ الرابط