ما هو وعد بلفور؟ .. الجريمة التي بدأت التطهير العرقي للفلسطنيين
ما هو وعد بلفور؟.. ذات يوم، سيعترف التاريخ بأن وعد بلفور كان جريمة ارتكبت في حق الشعب الفلسطيني، وضد الإنسانية وقيمها الحضارية. جريمة مهدت لسلسلة من الجرائم الأخرى، أبشعها جريمة التطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني عام 1948، والتي أدت إلى تهجير 70 بالمائة من أبنائه وبناته وهدم وهلاك 400 شخص. القرى والمدن الفلسطينية.
ومن أفظع الغرائب أن هذا الإعلان الذي أصدرته الحكومة البريطانية ليس له أي أساس قانوني، فما أعطته بريطانيا للحركة الصهيونية هو أرض شعب آخر، ليس لها حق ولا سلطة عليها.
والحقيقة أن وعد بلفور كان جزءاً من خطة استعمارية لتقسيم الأراضي العربية بين القوى الاستعمارية على أساس اتفاقية سايكس بيكو.
خطة سايكس بيكو
وكان الهدف الرئيسي لهذا الإعلان هو استكمال خطة سايكس بيكو من خلال إنشاء قاعدة استعمارية لاستخدامها في خدمة الأهداف الاستعمارية المتمثلة في قمع شعوب المنطقة والاستيلاء على ثرواتها.
وجاء الدليل القاطع على ذلك عندما استخدمت القوى الاستعمارية – بريطانيا وفرنسا – إسرائيل في شن العدوان الثلاثي عام 1956 على مصر رداً على تأميم قناة السويس وتحريرها. وتكرر هذا الأمر في عدوان 1967 الذي استهدف كسر العمود الفقري لحركة التحرر الوطني العربي.
لكن السمة الأبرز في وعد بلفور كانت عنصريته البغيضة. فقد أعطت ثلاثة في المائة من سكان فلسطين الحق في وطن قومي يتمتع بحقوق سياسية كاملة، ونظرت إلى الـ 97 في المائة الأخرى (الفلسطينيين) على أنهم مجرد "البقية" ــ أقلية يمكنها التمتع بحرية العبادة الدينية والحقوق المدنية، ولكن دون ذلك. أية حقوق سياسية.
بل إن الإعلان نفسه نص على بند يضمن الحقوق السياسية لليهود في جميع أنحاء العالم ويمنحهم الحق في وطن قومي لليهود، على الرغم من أنهم لا يشكلون سوى ثلاثة بالمائة من سكان فلسطين.
إن عنصرية بلفور البغيضة لم تكن موجهة نحو الفلسطينيين فحسب، بل إلى حد ما ضد اليهود أنفسهم. لأن الإعلان يهدف إلى إخراجهم أو طردهم من أوروبا من أجل توظيفهم كأداة ضد شعوب المنطقة وضد العديد من شعوب العالم. وبهذه الطريقة، خلق الإعلان العنصر الأساسي لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط برمته.
ما هو وعد بلفور؟
وحمل الوعد اسم وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور آنذاك، حيث وجه رسالة إلى اللورد روتشيلد، أحد قادة الحركة الصهيونية العالمية، بعد مفاوضات استمرت 3 سنوات بين الحكومة البريطانية من جهة، واليهود البريطانيين والمنظمة الصهيونية العالمية من ناحية أخرى.
وأقنع الصهاينة بريطانيا بقدرتهم على تحقيق أهدافها والحفاظ على مصالحها في الشرق الأوسط وآسيا.
وبعد أن صاغت بريطانيا وعد بلفور، وافقت عليه فرنسا وإيطاليا رسميًا عام 1918م، ثم تبعه الرئيس الأمريكي ويلسون رسميًا وعلنيًا عام 1919م. وكذلك اليابان.
وفي 25 إبريل 1920، وافق المجلس الأعلى لدول الحلفاء في مؤتمر سان ريمو على تكليف بريطانيا بالانتداب على فلسطين، ووضع وعد بلفور موضع التنفيذ وفق ما ورد في المادة الثانية من الانتداب.
وفي 24 يوليو 1922، وافق مجلس عصبة الأمم على مشروع الانتداب.
بنود وعد بلفور
وتعهدت بريطانيا في وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. وكان نص الإعلان الذي تم تداوله ونشره، والذي وجهه وزير الخارجية البريطاني اللورد بلفور، إلى رئيس الطائفة اليهودية في بريطانيا، اللورد ليونيل والتر دي روتشيلد، بعد موافقة مجلس الوزراء البريطاني على الوعد، كما يلي: :
"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل قصارى جهدها لتحقيق هذا الهدف، شريطة ألا يتم فعل أي شيء من شأنه أن يؤدي إلى الانتقاص من الحقوق المدنية والدينية للمجموعات الأخرى". المقيمين في فلسطين أو الحقوق التي يتمتع بها اليهود في البلدان الأخرى. الآخرين أو التأثير على أوضاعهم السياسية”.
كيف واجه الفلسطينيون وعد بلفور؟
خاض الشعب الفلسطيني ثورات استيطان اليهود في أرض فلسطين، وكان أولها ثورة البراق عام 1929م، ثم تلتها ثورة 1936م.
وفي عام 1948م، تم إعلان دولة إسرائيل وحصل الكيان الصهيوني على عضوية الأمم المتحدة تحت ضغط القوى الكبرى.
عدد اليهود في فلسطين قبل احتلالها
قبل صدور وعد بلفور، لم يكن يوجد في فلسطين سوى 50 ألف يهودي فقط من أصل 12 مليون يهودي منتشرين حول العالم، بينما كان عدد السكان العرب في فلسطين في ذلك الوقت حوالي 650 ألف مواطن.
لماذا اختار اليهود فلسطين؟
ويرجع المؤرخون سبب اختيار اليهود لفلسطين وإصدار وعد بلفور إلى مصالح بريطانيا الاستعمارية مع الحركة الصهيونية وموقع فلسطين الاستراتيجي كبوابة لآسيا، بالإضافة إلى رغبة بريطانيا في كسب تأييد يهود العالم. خلال الحرب العالمية الأولى، وللحد من موجات الهجرة اليهودية نحو أوروبا وتحويلها نحو فلسطين. لأن هذه الهجرات تحمل أعباء وعواقب تضر بريطانيا والدول الأوروبية الأخرى بشكل عام.