في عصر السوشيال ميديا، لم يعد البلوجرز والتيك توكرز مجرد صناع محتوى للتسلية، بل أصبحوا مؤثرين حقيقيين في سلوكيات وآراء شريحة واسعة من المجتمع، خاصة فئة الشباب والمراهقين. ومع هذا التأثير الكبير، ظهرت مشكلة السلوك السيئ لبعضهم، وهو سلوك لا يقتصر ضرره عليهم وحدهم، بل يمتد ليؤثر في المتابعين وفي القيم العامة للمجتمع.
تحقيق الشهرة السريعة بأي ثمن
بعض البلوجرز والتيك توكرز كل هدفهم تحقيق الشهرة السريعة بأي ثمن، حتى لو كان ذلك على حساب الأخلاق والاحترام. فنجد محتوى قائمًا على الاستفزاز المتعمد، أو السخرية من الآخرين، أو استخدام ألفاظ غير لائقة لجذب المشاهدات. هذه التصرفات تُقدَّم أحيانًا في إطار "الترفيه أو الجرأة"، لكنها في الحقيقة تساهم في نشر ثقافة الإساءة وتطبيع السلوكيات الخاطئة.
من أخطر مظاهر هذا السلوك السيئ تقليد التصرفات غير المسؤولة أو الخطرة، سواء كانت تحديات غير آمنة، أو استهزاء بالقيم الأسرية والتعليمية، ويتلقى المتابع، خصوصًا الصغير في السن، هذه التصرفات على أنها نموذج يُحتذى به، فيبدأ بتقليدها دون إدراك لعواقبها. وهنا تتحول المنصة من وسيلة ترفيه إلى أداة هدم غير مباشر.

كذلك يلجأ بعض صناع المحتوى إلى افتعال المشاكل والخلافات، ونشر الشائعات، والتنمر على الآخرين من أجل زيادة التفاعل والمشاهدات. هذا النوع من المحتوى لا يصنع وعيًا، بل يغذي الكراهية ويزرع الانقسام، ويجعل الشهرة مرتبطة بالصوت العالي لا بالفكرة الجيدة.
ورغم كل ذلك، لا يمكن إنكار وجود بلوجرز وتيك توكرز يقدمون محتوى راقيًا وهادفًا، ويساهمون في نشر المعرفة والإيجابية. لكن انتشار النماذج السيئة يفرض علينا وقفة جادة. فالمسؤولية لا تقع على صناع المحتوى فقط، بل على المتابعين في حسن الاختيار، وعلى المنصات في وضع ضوابط واضحة.
صناعة الضجيج.. ذهاب بلا عودة
شكرا للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التي أيقظ بيانها “الضمائر” من سباتها العميق، بقرارها عدم متابعة أو تغطية أي أنشطة أو فعاليات أو مناسبات اجتماعية تخص من يسمون أنفسهم بـ"مشاهير السوشيال ميديا "و"صُنّاع محتوى التيك توك، فقد حان الوقت لأن تهتم الصحافة بدورها الحقيقي ورسالتها السامية بدلا من من الانشغال بملاحقة فئة تعتمد في حضورها وانتشارها على صناعة الضجيج وجذب الانتباه المؤقت، دون مضمون حقيقي يخدم المجتمع أو يضيف قيمة معرفية أو إنسانية.
في النهاية، التأثير مسؤولية قبل أن يكون شهرة، فالكلمة والصورة قد ترفع وعيًا أو تهدم قيمة، وحان الوقت لأن نصنع "خطوطا حمراء" نحمي بها أنفسنا وضمائرنا في وجه العابثين من "صناع الضجيج" الذين خانوا ثقة المشاهدين وباعوا "الوهم" من أجل "اللايك والشير".
