في إطار استراتيجية الهيئة العامة للرقابة المالية لمواكبة التطورات المتسارعة في الأسواق المالية، وفي ظل الاهتمام المتزايد بقضايا الاستدامة والمناخ على المستويين المحلي والدولي، نظّمت الهيئة ورشة عمل بعنوان «إفصاحات الاستدامة: من الالتزام إلى الجودة – 2025»، وذلك على هامش احتفالية تكريم الشركات الأفضل أداءً في مجال الإفصاحات المتعلقة بالاستدامة والمناخ، بحضور الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، والدكتور إسلام عزام، رئيس البورصة المصرية، وعدد من رؤساء وممثلي الشركات.
وفي سابقة جديدة من نوعها، شهدت الاحتفالية تكريم 13 شركة تصدّرت نتائج التحليل الفني، بناءً على المنهجية التي نفذتها الهيئة لتقارير إفصاحات الاستدامة والمناخ عن العام المالي 2024، وذلك تأكيدًا على التزام الهيئة بتعزيز الشفافية ورفع جودة الإفصاحات البيئية والمجتمعية والحوكمة المتعلقة بالاستدامة (ESG)، والإفصاحات المتعلقة بالآثار المالية للتغيرات المناخية (TCFD) داخل القطاع المالي غير المصرفي.
وأكد الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، أهمية دمج اعتبارات الاستدامة والمخاطر المناخية ضمن منظومة الإفصاح المؤسسي، لما لذلك من دور محوري في تعزيز كفاءة الأسواق المالية، وترسيخ ثقة المستثمرين، ودعم قدرة المؤسسات على مواجهة التحديات المستقبلية.
وضمّت قائمة الشركات التي تم تكريمها كلًّا من: مجموعة إي إف جي القابضة، والقلعة للاستثمارات المالية، والإسكندرية للخدمات الطبية، والدلتا للسكر، وشركة طاقة عربية، وكمل فينشرز لرأس مال المخاطر، والتعمير للتمويل العقاري «الأولى»، وجي بي كوربوريشن، والشرق الأوسط لصناعة الزجاج، والعربية للأسمنت، ومشروعي للتجارة، وأوراسكوم للاستثمار القابضة، والبنك التجاري الدولي (CIB).
وأضاف أن الهيئة تدشّن مرحلة جديدة ترتكز على تقييم جودة وعمق وفاعلية الإفصاحات، ومدى قدرتها على عكس المخاطر والفرص الجوهرية، وتأثيرها في قرارات الإدارة والمستثمرين، بالإضافة إلى ترسيخ مفاهيم الاستدامة والمناخ كأحد عناصر الحوكمة المؤسسية الرشيدة وإدارة المخاطر طويلة الأجل.
وأوضح أن نهج الهيئة في تقييم الإفصاحات يُعد نهجًا رائدًا على مستوى السوق، ويأتي استكمالًا لدورها الريادي في إرساء متطلبات الإفصاح، حيث تقود اليوم مرحلة أكثر تقدمًا ترتكز على تقييم جودة الإفصاح وقياس أثره الفعلي.
وأشار الدكتور فريد إلى أن معدلات الالتزام الكمي بالإفصاحات المتعلقة بالاستدامة جاءت إيجابية نسبيًا، لافتًا في الوقت ذاته إلى أن التحليل الفني كشف عن وجود فجوة واضحة بين الالتزام الشكلي ومتطلبات جودة وعمق المحتوى، بما يعكس الحاجة إلى تعزيز القدرات المؤسسية داخل الشركات، وتطوير النظم الداخلية لجمع وتحليل البيانات، وتعميق الربط بين الإفصاح وصنع القرار الفعلي.
ومن جهته، قال الدكتور إسلام عزام، رئيس البورصة المصرية، في كلمته، إن سوق رأس المال يلعب دورًا محوريًا في دعم الإفصاحات عالية الجودة، مؤكدًا أهمية التزام الشركات المقيدة بتقديم معلومات متكاملة تعكس المخاطر والفرص المرتبطة بالاستدامة والتغيرات المناخية، بما يسهم في تعزيز كفاءة السوق ودعم مسار التنمية المستدامة.
وشهدت الفعالية عرضًا تفصيليًا لنتائج التقرير السنوي الخاص بتقييم إفصاحات الاستدامة والمناخ، تضمّن تحليلًا لمستوى التزام الشركات وجودة الإفصاحات المقدمة، إلى جانب استعراض المنهجية الفنية وآلية التقييم المستخدمة، وذلك من خلال عرض تقديمي قدّمته الأستاذة آية علي، مدير الإدارة العامة للتنمية المستدامة بالهيئة.
وهدفت ورشة العمل إلى رفع مستوى الوعي المؤسسي بأهمية الإفصاح عالي الجودة باعتباره أداة محورية لإدارة المخاطر، وتحسين عملية اتخاذ القرار، وتعزيز القدرة التنافسية للمؤسسات، وليس مجرد التزام تنظيمي، لا سيما في ظل تصاعد الاهتمام العالمي بقضايا الاستدامة والتغيرات المناخية، وما تفرضه من تأثيرات مباشرة على الاستقرار المالي واستدامة الأعمال.
