سياسة

الحرب التجارية لا تتوقف.. الأرز يزيد من التوترات بين الهند وأمريكا

27 ديسمبر 2025 10:17 ص

الحرب التجارية لا تتوقف.. الأرز يزيد من التوترات بين الهند وأمريكا

تتعرض صادرات الأرز الهندية لضغوط سعرية متزايدة بعد تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية على شحنات الأرز القادمة من الهند، مُتهمًا نيودلهي بإغراق السوق الأمريكي، ورغم أن خبراء الصناعة يرون أن هذه الخطوة لن تؤثِّر بشكل كبير على حجم الصادرات، إلا أنهم يحذِّرون من تداعيات أوسع تشمل ضغوطًا على الأسعار في أسواق أخرى ومحاولات تحويل مسارات الشحن وتجدد التوتر في المفاوضات التجارية بين البلدين.

اتهامات متبادلة


خلال اجتماع في البيت الأبيض مع مسؤولين زراعيين، في الثامن من ديسمبر الماضي، وجَّه ترامب اتهامات مباشرة للهند، قائلًا: "لماذا يُسمح للهند بفعل ذلك؟ لا يجب أن يمارسوا الإغراق"، مؤكّدًا أن الرسوم الجمركية "ستحلُّ المشكلة في دقيقتين"، وفق ما نقلته صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست".

وكانت واشنطن قد رفعت أخيرًا الرسوم الجمركية على أرز البسمتي الهندي من 10% إلى 50%، ما جعله أكثر تكلفة مقارنة بمنافسين مثل باكستان، وتشير بعض التقارير إلى أن إجمالي الرسوم الجمركية يصل حاليًا إلى 61%.

رد مسؤولو الصناعة الهندية بشكل حاسم على اتهامات الإغراق، مؤكّدين أن أرز البسمتي صنف متميز عالي السعر يُزرع حصريًا في شبه القارة الهندية ويُصدَّر فقط بناءً على طلبات مؤكَّدة.

وقال بريم جارج، رئيس اتحاد مصدّري الأرز الهندي، إن "الأرز الهندي المُتجِه للولايات المتحدة يستهدف أساسًا الجاليات الآسيوية وسكان الشرق الأوسط، فالأمريكيون غير معتادين على تناول أرز البسمتي".

وأضاف أن شحنات البسمتي تأتي في حاويات وتُعبَّأ في عبوات صغيرة، ما يستبعد تمامًا إمكانية الإغراق.

الأرز يخلق تداعيات متعددة


صدَّرت الهند، أكبر مصدر للأرز عالميًا، 20.2 مليون طن متري في العام المالي 2024-2025، منها 335,554 طنًا إلى الولايات المتحدة، بينها 274,213 طنًا من البسمتي.

ورغم أن السوق الأمريكي يُمثِّل 4% فقط من إجمالي الصادرات الهندية، إلا أنه يحتل مكانة أعلى في سلسلة القيمة بسبب تفضيله لأصناف البسمتي الممتازة.

في المقابل، يُشكِّل الأرز الهندي ربع واردات الأرز الأمريكية، ما يجعل الهند ثاني أكبر مورد بعد تايلاند.

يتوقع مسؤولو الصناعة أن تُمرر أي رسوم إضافية إلى المستهلكين، مما يرفع الأسعار بدلًا من كبح الطلب.

وحذَّر فيجاي سيتيا، الرئيس السابق لجمعية مصدٍّري الأرز الهندية، من أن الرسوم الأعلى "ستثقل كاهل الشعب الأمريكي نفسه".

كما حذَّر آجاي فير جاخار، رئيس منتدى بهارات كريشاك ساماج، من أن الشحنات قد تصبح أكثر تكلفة؛ لأن أسعار السلع تتفاعل بشكل مبالغ فيه مع التهديدات الجمركية.

حافظت أسعار صادرات الأرز الهندية على استقرارها حتى الآن، رغم تعديل المُصدِّرين للأسعار بالزيادة لمراعاة انخفاض الروبية.

وتم تسعير صنف الأرز الهندي المُجزَّأ بنسبة 5% المعالج بالبخار عند 350-357 دولارًا للطن هذا الأسبوع، ارتفاعًا من 348-356 دولارًا للطن الأسبوع الماضي.

وأكَّد جارج أن الهند في طريقها لصادرات قوية هذا العام بعد حصاد وفير وأسواق ناشئة مثل الفلبين وأفغانستان، حيث ارتفعت الاحتياطيات الحكومية بنحو 12% لتصل إلى 57.57 مليون طن في ديسمبر.

توترات متصاعدة


حذَّر بينود أناند، عضو لجنة رئيس الوزراء الهندي للمحاصيل، من أن الضغوط الأمريكية قد تدفع المستوردين لتوجيه شحناتهم عبر الشرق الأوسط بدلًا من الشراء المباشر.

ورأى أناند أن اتهامات ترامب بتضرر المنتجين الأمريكيين لا أساس لها؛ إذ إن المزارعين الأمريكيين ينتجون كميات صغيرة فقط.

تأتي اتهامات ترامب في خضم محادثات تجارية فشل فيها المفاوضون في التوصل لاتفاق؛ بعد رفض نيودلهي الانفتاح على واردات المنتجات الزراعية ومنتجات الألبان.

وكانت واشنطن قد فرضت رسومًا تصل لـ50% على الهند هذا العام؛ ردًا على الضرائب المفروضة على السلع الأمريكية ومشتريات دلهي من النفط الروسي.

ورغم أن تصريحات ترامب قد تكون تكتيكًا للضغط، يُشكك خبراء الصناعة في استسلام دلهي.

وأكَّد بيسواجيت دهار، أستاذ الاقتصاد في مجلس التنمية الاجتماعية، أن الولايات المتحدة ستواصل الضغط لفتح الأسواق أمام الذرة وفول الصويا، مضيفًا: "لا يمكن لترامب إبرام صفقة مع الهند دون إدراج هذه السلع الزراعية الرئيسية".

لكن دهار أشار إلى أن الهند لم تفتح سوق منتجات الألبان حتى لنيوزيلندا، رغم اتفاقية التجارة الحرة، وخلُص إلى أن "الرسالة واضحة، مفادها أنه عندما يتعلق الأمر بالزراعة، لن تفتح الهند سوقها".