في سجلات النهضة الخليجية، تتلألأ أسماء مصرية كعمدان للبناء والتأسيس، هذه الأسماء لم يأتوا للعمل فقط، بل لتصميم المستقبل، حيث كانت مصر منارة للتعليم والخبرات، ومع انتقال هذه الخبرات عبر التاريخ، لعبت الكفاءات المصرية دوراً محورياً في بناء ونهضة دول الخليج العربي. بعيداً عن الأرقام والإحصائيات، تقف قصص شخصيات مصرية تركت بصمات لا تُمحى، سواء في التخطيط العمراني، أو المجال الطبي، أو حتى تصميم الرموز الوطنية.
مصر منارة للتعليم والخبرات
ومن خلال هذا التقرير يستعرض لكم موقع "بصراحة" أبرز مساهمات ست شخصيات مصرية مؤثرة عبر التاريخ، قدمت زهرة شبابها وعبقريتها لدعم التطور في دول الخليج الشقيقة:
1. الدكتور حافظ وهبة صانع الرمز الوطني السعودي
يُعد الدكتور حافظ وهبة واحداً من أبرز المستشارين المصريين الذين أسهموا في تأسيس المملكة العربية السعودية الحديثة، حيث لم يقتصر دوره على الاستشارات السياسية والدبلوماسية، بل امتد ليلامس الرمزية الوطنية:
- البصمة الخليجية: يُنسب إليه تصميم علم المملكة العربية السعودية، ذلك الرمز الذي يجمع الشهادة والسيف.
- الدور الدبلوماسي: عمل سفيراً للسعودية في المملكة المتحدة، وشغل مناصب استشارية عليا في بلاط الملك عبد العزيز آل سعود، وكان شاهداً على مراحل توحيد المملكة.
2. المهندس محمد كمال إسماعيل: عبقرية تخدم الحرمين
هو العقل المدبر وراء أكبر توسعات شهدها الحرمان الشريفان، المهندس محمد كمال إسماعيل كان من أبرز المهندسين المعماريين المصريين الذين رفضوا الحصول على أي مقابل مادي نظير عمله في المشروعات المقدسة.
- البصمة الخليجية: أشرف على التوسعات التاريخية لـ المسجد الحرام في مكة والمسجد النبوي في المدينة المنورة، وصاحب فكرة استخدام رخام "الثاسوس" الأبيض لتبريد أرضيات الحرم.
- الإيثار: يروى عنه أنه رفض الملايين، قائلاً: "كيف أتقاضى أجراً على عملي في بيت الله؟".
3. المهندس عبدالرحمن مخلوف: مهندس المستقبل في أبوظبي
قد يكون المهندس عبدالرحمن مخلوف الأب الروحي للتخطيط العمراني الحديث في عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث استقدمه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لتبدأ على يديه مرحلة التأسيس والتنظيم.
البصمة الخليجية: تولى مهمة تخطيط إمارة أبوظبي في أول نموها، حيث أمضى سبع سنوات في تصميم الشوارع والمناطق الحضرية، ووضع المخططات الهيكلية التي تقوم عليها الإمارة حتى اليوم، كما عمل مستشاراً للتخطيط في عدد من إمارات الدولة.
4. فوزي جلال: رائد الرياضة الكويتية
يمتد التأثير المصري إلى عالم كرة القدم والرياضة، حيث كان فوزي جلال هو الاسم المرادف لبدايات الاحتراف الكروي والإعلام الرياضي في الكويت.
البصمة الخليجية: كان أول مدرب كرة قدم يدرب الفرق الكويتية، كما كان صاحب أول برنامج رياضي تلفزيوني يُبث في الكويت، مؤسساً بذلك لثقافة رياضية منظمة.
5. الدكتور مدحت السيد حافظ.. 17 عاماً في خدمة أيتام قطر
تتجسد قيمة الإنسانية في سيرة الدكتور مدحت السيد حافظ الذي وهب جزءاً كبيراً من حياته لخدمة المحتاجين في دولة قطر.
البصمة الخليجية: تطوع لخدمة ورعاية الأيتام في قطر لمدة 17 عاماً، مقدماً لهم العلاج والدعم الصحي مجاناً، ليصبح نموذجاً للعطاء غير المشروط الذي يعكس رسالة الأطباء المصريين.
6. الدكتور محمود شعبان.. طبيب القلوب في سلطنة عمان
في المجال الطبي بسلطنة عمان، ترك الدكتور محمود شعبان أثراً عميقاً على مدار سنوات طويلة، حيث كان ملاذاً للمرضى في عياداته.
البصمة الخليجية: قضى سنين طويلة من حياته في علاج المرضى من عياداته في سلطنة عمان، اكتسب خلالها ثقة وحب المجتمع العماني لمهارته وإخلاصه، مما جعله جزءاً من النسيج الاجتماعي والصحي للسلطنة.
أواصر لا تنقطع
هذه القصص الست، وغيرها الكثير من العقول المصرية التي خدمت في الخليج، تؤكد أن العلاقة بين مصر ودول الخليج ليست مجرد علاقات سياسية واقتصادية، بل هي علاقات بناء وتعمير وإنسانية متجذرة، وقد مثلت هذه الشخصيات جسراً من الخبرة والمعرفة، ساهمت بشكل مباشر في رسم ملامح الحاضر والمستقبل المزدهر للمنطقة.