شهدت جامعة الدول العربية اليوم ندوة موسعة تناولت معاناة الأسرى الفلسطينيين وواقع المبعدين داخل سجون الاحتلال، بمشاركة عدد من الأسرى المحررين وممثلي الدول العربية، حيث أكد المتحدثون أن الجرائم الإسرائيلية داخل السجون تجاوزت حدود الإنسانية، مشيدين بالدور المصري في التوصل إلى صفقات التبادل واحتضان الأسرى بعد تحريرهم.
الأسرى المحررون مصر الحضن العربي الأول
افتُتحت الندوة بشهادات مباشرة من الأسرى المحررين الذين أكدوا أن مصر قيادةً وحكومةً وشعباً هي أول من احتضنهم بعد الإفراج عنهم.
وأعرب الأسير المحرر أحمد سليم، المعروف بصموده داخل المعتقلات وتحويل زنزانته إلى ما يشبه "جامعة"، عن تقديره للدور المصري في دعم القضية الفلسطينية، موضحًا أن الدعم المصري كان ولا يزال سندًا أساسيًا للأسرى وذويهم.
اعتداءات وحشية وتعذيب ممنهج يصل إلى الانتهاكات الجنسية
وتحدث سليم عن الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى داخل السجون، مؤكدًا أن التعذيب يبدأ من الحرمان من أبسط حقوق الإنسان، ويمتد ليشمل اعتداءات جنسية ممنهجة.
ودعا سليم إلى تحويل قضية الأسرى من ملف فلسطيني فقط إلى قضية عربية شاملة تتطلب موقفًا موحدًا على المستويات الإقليمية والدولية.
سياسات تهدف إلى محو الوعي والوجود الفلسطيني
من جانبه، أكد الأسير المحرر نادر صالح أن الاحتلال انتقل من سياسة تحطيم الوعي الفلسطيني إلى محاولة تصفية الوجود الإنساني ذاته داخل السجون.
وأشار إلى أن الأسرى يعيشون على "قيد الصمود"، في ظل أساليب التعذيب النفسي والتجويع والحرمان من العلاج، بهدف خلق شعور لدى الأسير بأنه بلا قيمة أو وجود.
“جامعة السجون”.. المعرفة سلاح الأسرى خلف القضبان
وتناول الأسير عمار الزبن الجانب المعرفي داخل المعتقلات، موضحًا أن الأسرى تمكنوا من تحويل الزنازين إلى فضاء معرفي وثقافي أنتج كتّابًا ومثقفين.
وأكد الزبن أن الأسرى نجحوا في تهريب النطف والإنجاب رغم القيود، مشيرًا إلى وجود نحو 130 طفلًا ولدوا بهذه الطريقة، ما يعكس قدرة الأسرى على المقاومة والتمسك بالحياة رغم كل الظروف.
تأثير المعاناة يمتد إلى العائلات والاقتصاد الفلسطيني
وتحدث وزير الأسرى الأسبق هشام عبد الرازق عن البعد الاقتصادي لمعاناة الأسرى، موضحًا أن أكثر من مليون أسير فلسطيني وعربي مروا بسجون الاحتلال على مدار العقود الماضية.
وأكد أن العقوبات الإسرائيلية واحتجاز أموال السلطة الفلسطينية تأتي ضمن محاولات الضغط بسبب دعمها للأسرى وعائلات الشهداء.
ودعا عبد الرازق الدول العربية إلى تحمل مسؤوليتها تجاه هذه العائلات التي تعاني من ضغوط اقتصادية خانقة.
جرائم الإبادة ليست خارج السجون فقط بل داخلها أيضًا
أما الأسير المحرر محمد نافع، المحكوم سابقًا بالمؤبد 14 مرة، فأكد أن الأسرى لم يجدوا حضنًا سوى مصر، وأن الجرائم الإسرائيلية داخل السجون لا تقل بشاعة عمّا يحدث خارجه.
وطالب نافع بإنشاء لجنة عربية دائمة لمتابعة ملف الأسرى، والضغط للتحرك على مستوى مجلس الأمن، والعمل على إطلاق سراح النساء والأطفال وكبار السن.
الأسرى.. قلب القضية الفلسطينية
وفي ختام الندوة، شدد الأسير المحرر رمزي عبيد على أن قضية فلسطين ليست مجرد نزاع حدود، بل قضية شعب تُنتهك حقوقه على مدار عقود. وأكد أن الأسرى يمثلون القلب النابض للقضية الفلسطينية، وأن القانون الدولي يمنحهم حماية واضحة، إلا أن الاحتلال يضرب بكل القوانين والاتفاقيات عرض الحائط. وأوضح عبيد أن الأسرى رفضوا الخضوع، وبقوا حاملين لهوية شعب يناضل من أجل حياة كريمة وحرية كاملة.
