
في أحضان الجبل الغربي، وتحديداً في الإقليم الرابع عشر من أقاليم مصر العليا، تقبع واحدة من أهم الكنوز الأثرية التي تحتفظ بها محافظة أسيوط، إنها "مقابر مير" الأثرية بمركز القوصية، تلك الجبانة الصخرية التي لا تمثل مجرد مدافن للموتى، بل هي "سجل حجري" نابض بالحياة يروي تفاصيل يومية دقيقة عن حياة المصري القديم، وقد رصدت عدسة موقع "بصراحة الإخباري" تفاصيل هذه المنطقة الفريدة التي كانت عاصمة الإقليم قديماً تحت اسم "نجفت-بحتت"، وعرفت في النصوص المصرية باسم "كيس"، ثم تحرفت في العصرين اليوناني والروماني إلى "كوساي"، لتصبح في اللغة العربية "القوصية"، التي كانت معبودتها الرئيسية هي "حاتحور".
وتكمن الأهمية القصوى لمقابر "مير" في أنها تمثل ثورة فنية حقيقية على التقاليد الصارمة للفن المصري القديم، فبينما كان الفن الرسمي يميل للمثالية، تميز فنانو "مير" بالواقعية الشديدة والتحرر من القيود، حيث سجلوا على الجدران مناظر تصور الأشخاص بملامحهم الحقيقية، حتى وإن كانت بها عيوب خلقية أو سمنة مفرطة، في ظاهرة فنية نادرة تعرف بـ "فن مير"، كما تزخر الجدران بمشاهد حية من الحياة اليومية، مثل صناعة النبيذ، وعمليات الصيد، والزراعة، وصناعة التماثيل، وحتى الرياضات المختلفة التي كان يمارسها المصريون، لتقدم لنا وصفاً دقيقاً لما كان يدور في أروقة هذا الإقليم منذ عصر الأسرة السادسة في الدولة القديمة وحتى الأسرة الـ 12 في الدولة الوسطى.
ويعود الفضل في الكشف العلمي عن هذه الكنوز إلى العالم الأثري "بلاكمان" بمساعدة سيد باشا خشبة، الذي بدأ أعمال الحفائر والتسجيل العلمي للمقابر في عام 1914 واستمرت جهوده حتى عام 1954، لتكشف لنا الرمال عن 9 مقابر معدة حالياً للزيارة، تحكي سير حكام الإقليم الأقوياء، وتم تقسم المقابر على النحو التالي :
- مقابر الدولة القديمة :
مقبرة رقم (1): ني عنخ / بيب كم
مقبرة رقم (2): ببي عنخ / حني كم
مقبرة رقم (8): ببي
مقبرة رقم (9): ببي عنخ / حري ايب
- مقابر الدولة الوسطى :
مقبرة رقم (3): سنبي ابن اوخ حتب
مقبرة رقم (4): اوخ حتب ابن سنبي
مقبرة رقم (5): سنبي ابن أوخ حتب ابن سنبي
مقبرة رقم (6): أوخ حتب ابن أوخ حتب ومرسي
مقبرة رقم (7): أوخ حتب ابن أوخ حتب وحني الوسطي.
وتتميز هذه المقابر بنقوشها وألوانها التي لا تزال تحتفظ برونقها، لتعكس مهارة الفنان المصري في تطويع الصخر القاسي ليصبح لوحات فنية تحكي للأجيال القادمة عظمة حضارة علمت العالم معنى الخلود، وتجعل من "مقابر مير" قبلة لعشاق التاريخ والباحثين عن الحقيقة "بدون تجميل".
وتفتح آثار مير أبوابها أمام الزوار - مصريين وأجانب - للاستمتاع بجمالها الخلاب، يوميًا على مدار الأسبوع، من الساعة 8 صباحًا وحتى 5 مساءً.





















