في عالم يتغير بسرعة ويشهد أزمات ممتدة من الحروب والنزوح إلى تغير المناخ وتراجع الاقتصادات، يظل منصب الأمين العام للأمم المتحدة محورًا للبحث عن التوازن الدولي، والذي يوصف بأنه "أفضل دبلوماسي في العالم" وأصعب وظيفة على وجه الأرض، وفق وصف موقع منظمة (BWC) الأمريكية، ويُكلَّف بحمل مسؤوليات الدفاع عن مصالح ثمانية مليارات إنسان على وجه الكوكب.
اقتراب موعد اختيار الأمين العام الجديد
بينما يقترب موعد اختيار الأمين العام الجديد عام 2026 خلفًا للبرتغالي أنطونيو جوتيريش، انطلقت الشهر الماضي رسميًا دعوة الترشيحات لمن يتولى المنصب اعتبارًا من الأول من يناير 2027، ليعود سؤال إلى الواجهة: كيف يُختار الشخص الذي يتولى أهم منصب دبلوماسي عالمي؟
قبل عام تقريبًا من انتهاء الولاية، ترسل رئاسة مجلس الأمن ورئاسة الجمعية العامة رسالة مشتركة إلى الدول الأعضاء لدعوتها لتقديم ترشيحاتها، إذ يمكن لأي شخص تدعمه دولة عضو أن يدخل السباق، وغالبًا ما يكون رئيس حكومة سابقًا أو وزير خارجية أو دبلوماسيًا رفيع المستوى، وفق وكالة "رويترز".
وانطلقت رسميًا عملية انتخاب الأمين العام الجديد، حيث دعا مجلس الأمن المكوَّن من 15 عضوًا ورئيس الجمعية العامة المكوَّنة من 193 دولة عضوًا إلى تقديم مرشحيها لبدء السباق نحو خلافة أنطونيو جوتيريش.
قائمة النخبة
تبدأ المنافسة الفعلية داخل مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوًا، حيث تُجرى استطلاعات رأي غير رسمية خلف الأبواب المغلقة، يصنّف السفراء كل مرشح بين "مشجع" أو "مثبط" أو "بلا رأي"، بينما تستخدم الدول الخمس الدائمة العضوية بطاقات اقتراع ملونة تتيح معرفة وجود اعتراض (فيتو)، وتكفي كلمة "لا" واحدة من أي دولة دائمة العضوية لإنهاء حملة أي مرشح. بعد عدة جولات، يبرز مرشح واحد دون اعتراض، ليصوّت المجلس رسميًا ويوصي الجمعية العامة بتعيينه، بحسب وكالات أنباء دولية.
تعرض التوصية على الجمعية العامة التي تضم 193 عضوًا، ويُجرى التصويت غالبًا بالتزكية عبر التصفيق بدلًا من النداء بالأسماء، وتستمر الولاية خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. وتعكس هذه المرحلة حساسية توازن القوى داخل المنظمة، حيث تملك جميع الدول صوتًا، لكن المنصب لا يصل إليه أحد دون موافقة الدول الخمس الدائمة في مجلس الأمن.
اعتبارات غير مكتوبة
تتحكم اعتبارات غير رسمية في مسار اختيار الأمين العام، رغم أنها غير مدوّنة؛ فلم يتولَّ المنصب أي مواطن من دولة دائمة العضوية، تجنبًا لاعتبار ذلك انحيازًا. كما يعتمد اختيار المنطقة على تناوب غير رسمي بين مناطق العالم، إذ تولى المنصب أفريقي ثم آسيوي ثم أوروبي، ما يعزز توقعات باختيار شخصية من أمريكا اللاتينية هذه المرة. ويضاف إلى ذلك تقليد الولايتين، حيث حصل معظم الأمناء العامين على ولاية ثانية.
قائمة النخبة
تقدم حتى الآن ثلاثة مرشحين معلنين يتمتع كل منهم بخبرة واضحة: الرئيسة التشيلية السابقة ميشيل باشيليت، إضافة إلى ريبيكا جرينسبان نائبة رئيس كوستاريكا السابقة ورئيسة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، كما انضم إليهما الدبلوماسي الأرجنتيني رافائيل جروسي رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ويتوقع وصول مزيد من الترشيحات مع اتضاح الاتجاهات السياسية داخل الأمم المتحدة.
وحسب حملة "1for 8 Billion" المعنية بانتخابات الأمم المتحدة، تشير البيانات العامة إلى إمكانية ترشح شخصيات أخرى بعد صدور بيانات رسمية أو توقعات واسعة. وتضم القائمة "رئيس وزراء نيوزيلندا السابق جاسيندا أرديرن، وزير خارجية المكسيك أليسيا بارسينا، نائب رئيس بوليفيا ديفيد تشوكيوانكا، الرئيس السابق للجمعية العامة للأمم المتحدة ماريا فرناندا إسبينوزا جارسيس، المدير الإداري لصندوق النقد الدولي البلغارية كريستالينا جورجيفا، الرئيس السابق للجمعية العامة، وزير الخارجية الصربي السابق فوك جيريميتش، نائب الأمين العام للأمم المتحدة النيجرية أمينة محمد، رئيس وزراء بربادوس ميا موتلي، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي البرازيلية أخيم شتاينر".
